الزواج والأسرة في بلاد ما بين النهرين
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 16
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
مما لا شكّ فيه أنَّ الأسرة هي اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع، وتتكون الأسرة من الأب "الزوج"، والأم "الزوجة"، و"الأولاد"، وهؤلاء هم ثمرة من ثمرات الزواج.
ويقوم الزواج في بلاد ما بين النهرين على مجموعة من الأسس، منها أن يكون بموجب عقد صريح مُدوّن ومصدّق عليه بالشهود، إذ لم يكن يُعترف بالزواج إذا لم يتم بموجب هذا العقد الذي يُشترط فيه موافقة والديّ الخاطب "الرجل"، ووالديّ المخطوبة "الفتاة"، كما كان للوالدين دور كبير في اختيار الفتاة المناسبة لابنهما، وحين يتم الاتفاق بين العائلتين على الزواج يرسل الخاطب مقدمة المهر "الترخانو" إلى والد العروس ثم يدفع بقية المهر بعد ذلك، وإذا عدل الخاطب عن الزواج لا يحقّ له استرجاع المهر، أما إذا كان الرفض من جانب عائلة الزوجة فيجب عليها أن تعيد جميع ما دفعه الزوج.
وكان قبل الزواج يسمح بإقامة علاقات جنسية، وهو ما يعرف في بابل بــ "الدعارة المقدّسة"، يقول ول ديورانت: وكان يسمح للبابليين - عادة - بقسط كبير من العلاقات الجنسية قبل الزواج، ولم يكن غريباً على الرجال والنساء أن يتصلوا اتصالاً غير مرخّص به "زيجات تجريبية"، وتنتهي متى شاء أحد الطرفين أن ينهيها.(1)
وقد كانت القوانين والتقاليد تُقرّ منح الزوجة جاريتها لزوجها من أجل الحصول على الأولاد، وتنال الأَمَة حريتها بعد إنجابها، وقد كان يُسمح للفرد أن يتبنى أيّ عدد من الأطفال الذكور أو الإناث وفق عقد مدوّن بين طالب التبني ومن قاموا بتربية الطفل، وذلك وفق عدة شروط:
- أن يقوم المتبني بالتزاماته تجاه الابن المتبنَّى، فكان على المتبنِّي أن يعامل الابن المتبنَّى كأحد أبنائه الطبيعيين.
- أن يقوم المتبنِّي بتعليم الابن المتبنَّى وتثقيفه كما لو كان ابنه الحقيقي.
- أن يوصي الشخص المتبنِّي بتوريث الابن المتبنَّى مثل توريثه لأبنائه الحقيقيين.
وبالمقابل كان على الابن المتبنَّى أن يطيع والديه اللذين تبنياه، ويعدّهما كوالديه الحقيقيين، وإذا تطاول عليهما أو أنركهما فلهما ضربه وتقريعه أو استبعاده.(2)
مراجع الحلقة السادسة عشر:
(( قصة الحضارة، ول ديورانت، (1/231)
(2) تاريخ العرب القديم والبعثة النبوية، العراق القديم، د. صالح أحمد العلي، ص192.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
