إضاءات حول أهم مذاهب الصابئة
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 14
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
أ- مذهب أصحاب الروحانيات:
ترجع فكرة أصحاب هذا المذهب إلى أن للعالم صانعٌ حكيمٌ منزهٌ عن صفات الحدوث وعلينا أن ندرك عجزنا عن الوصول إلى جلاله، وإنما يُتقرب إليه بالمتوسّطات المقربين لديه، وهم الروحانيون المطهّرون المقدسون؛ جوهراً وفعلاً وحالة.(1)
ب- مذهب أصحاب الهياكل:
لما عرف أصحاب الروحانيات أنه لا بُدَّ للإنسان من متوسِّط ولا بُدَّ للمتوسط من أن يُرى، فيتوجه إليه، ويتقرب به ويستفاد منه، فزعوا إلى الهياكل التي هي السيارات السبع فتعرفوا أولاً: بيوتها ومنازلها، وثانياً: مطالعها ومغاربها، وثالثاً: اتصالاتها على أشكال الموافقة والمخالفة مرتبة على طبائعها، ورابعاً: تقسيم الأيام والليالي والساعات عليها، وخامساً: تقدير الصور والأشخاص والأقاليم والأمصار عليها، فعملوا الخواتيم،(2) وتعلموا العزائم والدعوات وعينوا لها الأيام، ووضعوا لها الأبخرة وسمّوها أرباباً آلهة، وكانوا يتقربون إلى الهياكل تقرّباً للروحانيات، ويتقربون إلى الروحانيات تقرّباً إلى الباري جلّ وعلا .(3)
ج- مذهب أصحاب الأشخاص:
قال أصحاب هذا المذهب بما أن الهياكل (الكواكب) تطلع وتأفل، وتظهر وتخفى، فلا بُدَّ من نصب أصنام تمثّلها، وتكون ماثلة أمام الأعين دائماً، يتقرب بها الأصنام إلى الهياكل، وبالهياكل إلى الروحانيات، وبالروحانيات إلى الله {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ]الزمر:3[، فأصحاب الهياكل هم عبدة الكواكب، وأصحاب الأشخاص هم عبدة الأوثان، إذ سمّوها آلهة في مقابلة الآلهة السماوية، وقالوا: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ]يونس:18[، وقد دعا إبراهيم - عليه السّلام - هؤلاء وهؤلاء وناظرهم وأقام الحجة عليهم، وكسّر أصنامهم حجارة وعقولاً .(4)
ويعلق ول ديورانت على عقائد أهل بابل، وهم من الصابئة أصحاب الهياكل، ويقول: لم يدرس البابليون النجوم؛ ليرسموا الخرائط التي تعين على مسير القوافل والسفن، بل درسوها - أكثر ما درسوها- لتعينهم على التنبؤ بمستقبل الناس وأحوالهم ومصائرهم، وبذلك كانوا مُنجّمين أكثر منهم فلكيّين، وأضحت الجهود التي تُبذل لاستخلاص العلم بالمستقبل من حركات النجوم، شهوة من شهوات البابليّين.(5)
مراجع الحلقة الرابعة عشر:
(( الملل والنحل، الشهرستاني، (2/64) وما بعدها.
(2) إبراهيم عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص44.
(3) الملل والنحل، الشهرستاني، (2/107).
(4) إبراهيم عليه السلام ودعوته في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص45.
(5) المرجع نفسه، ص45.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
