(خصائص الأنبياء والمرسلين)(3)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 35
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ذو الحجة 1443 ه/ يوليو 2022م
1-لا يورثون بعد موتهم:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إنّا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركت مؤنة عاملي ونفقة نسائي صدقة".(1)
والروايات التي عند الإمامين البخاري ومسلم ليس فيها: إنّا ،(2) معشر الأنبياء وإنما هي بلفظ: لا نورث ما تركنا صدقة، وقال الإمام ابن حجر رحمه الله بعد شرحه لهذا الحديث: وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، فقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ "نحن"، لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عُيينة عن أبي الزناد بلفظ: "إنّا معاشر الأنبياء لا نورث"،(3) أُخرج الحديث عن محمد بن منصور عن ابن عُيينة، وهو كذلك في مسند الحميدي عن ابن عيينة، وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه، وأورده الهيثم بن كُليب في مسنده من حديث أبي بكر الصديق باللفظ المذكور، وأخرجه الطبراني في الأوسط بنحو اللفظ المذكور، وأخرجه الدارقطني في العلل من رواية أُم هانئ عن فاطمة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بلفظ: إنَّ الأنبياء لا يورثون.
قال ابن بطّال وغيره: ووجّه ذلك - والله أعلم- أنَّ الله بعثهم مبلغين رسالته وأمرهم أن لا يأخذوا على ذلك أجراً كما قال تعالى: {... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا..} ]الشورى:23[، وقال نوح وهود وغيرهما نحو ذلك، فكانت الحكمة في أن لا يورثوا لئلا يظن أنهم جمعوا المال لورثتهم، قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ]النمل:16[ حمله أهل العلم بالتأويل على العلم والحكمة وكذا قول زكريا {... فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي..} ]مريم:5-6[، وقد حكى ابن عبد البرّ أن للعلماء في ذلك قولين: وأن الأكثر على أن الأنبياء لا يورّثون .(4)
وقال الساعاتي رحمه الله تعالى في الفتح الربّاني: قال العلماء: والحكمة في أنهم عليهم الصلاة والسلام لا يورّثون أنهم لو ورّثوا لظُنّ أن لهم رغبة في الدنيا لوارثهم، فيهلك الظانّ، أو لئلا يتمنى ورثتهم موتهم فيهلكون، أو لأن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) كالأب لأمته، فيكون ميراثه الجميع وهو معنى الصدقة العامة .(5)
2-إعداد الله لهم وتهيئتهم لرسالاته:
لقد أكرم الله عزّ وجل أنبياءه ورسله وخصّهم بمزيد عناية وتوفيق وأخلاق عالية لم تكتمل لغيرهم من البشر، وذلك لتهيئتهم لقيادة الأمم وسياسة الشعوب، فخصّهم الله بأخلاق سامية وآداب عالية وحكمة بالغة وعزائم وعقيدة صحيحة ،(6) وقد ظهرت عناية الله عزّ وجل بنبيّه إبراهيم عليه الصلاة والسلام وتهيئته للرسالة وتأييده له كما ستبيّن ذلك بإذن الله تعالى في هذا الكتاب.
مراجع الحلقة الخامسة والثلاثون:
( ) مسند أحمد، الإمام أحمد بن حنبل، تح: شعيب أرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 2008م، رقم (9973).
(2) صحيح البخاري، رقم (1757).
(3) مسند أحمد، إسناده صحيح، رقم (9973).
(4) فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، (12/8).
(5) الفتح الربّاني والفيض الرحماني، عبد القادر الجيلاني، تحقيق: الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح والمستشار توفيق علي وهبة، المكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، مصر، ط1، 2014م، (15/192(.
(6) وقفات تربوية في ضوء القرآن الكريم، عبد العزيز ناصر الجليل، (3/36).
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي