الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

من تفاسير العلماء للآية الكريمة {وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 84

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

صفر 1444ه / سبتمبر 2022م

1.قول الشيخ محمد متولي شعراوي:

الرشد هو اهتداء العقل إلى الأكمل في الصلاح والأعلى في الخير، بحيث لا يأتي بعد الصلاح فساد ولا بعد الخير شر، ولا يسلمك بعد العلو في الهبوط، هذا هو الرشد، إما أن يحرك الصلاح الظاهر إلى فساد، أو يسلمك الخير إلى شر، فليس في ذلك رشد(1).

2.قول الأستاذة فاطمة محمد أحمد علي:

تقول عن الرشد، أي: الرشد اللائق به وبأمثاله من الرسل الكبار، وهو الرشد الكامل صلاحه وهداه، والاهتداء إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا والإرشاد بالنواميس الأهلية من قبل البلوغ، أو من محمد صلّى الله عليه وسلّم وموسى {وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} أي بأحواله، وما فيه من الكمالات أو بأنه أهل للمقام الذي رفعناه إليه أي أنه من أهل الهداية والنبوءة(2)، و{وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} أي بأنه أهل لما آتيناه وفيه من الدليل على أنه تعالى عالم بالجزئيات، مختار في أفعاله وأقواله(3).

إنَّ الله تبارك وتعالى هدى إبراهيم - عليه السّلام- إلى الحقِّ، وعرّفه طريق الصواب، ومن قبل أن يكون نبياً، بل من قبل أن يبلغ مبلغ الرجال(4)، وكان الله سبحانه وتعالى عالماً بأن إبراهيم - عليه السّلام - جامع المكارم والأخلاق التي تؤهله بالنبوّة والاصطفاء(5). فهداية الله لسيدنا إبراهيم - عليه السّلام - منذ الصغر أنه كان من أصحاب العقول النيّرة الراشدة(6)، وفي التعبير بقوله {آَتَيْنَا} دليلٌ على أن الرشد منحة وعطية من الله عزّ وجل للخليل - عليه السّلام - فهو لم ينلها بمحض كسبه، وأن التعبير باسم الفاعل {عَالِمِينَ} مع قوله {وَكُنَّا بِهِ} يشعر بثبوت العلم، واستمراره وفي هذا دليل على مكانة إبراهيم - عليه السّلام - عند رب العالمين(7).

3.قول إسحاق محمد حمدان:

يؤكد الله في هذا التمهيد أنه سبحانه أعطى إبراهيم - عليه السّلام - هداية مبكرة إلى توحيد الله عز وجل، وهذه غير الفطرة الموجودة عند كل البشر، وهذا هو الرشد الأكبر وهو الاهتداء الكامل المستند إلى الهداية الخاصة الحاصلة بالوحي والاقتداء على إصلاح الأمة باستعمال النواميس الإلهية(?.

4.قول محمد راتب النابلسي:

الرشد هو الهداية إلى التوحيد، وهو طريق معرفة أنه لا إله إلا الله؛ لأن التوحيد نهاية العلم ومعنى {وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} أيّ: أن علم الله يشمل كل شيء(9)، وفي هذه الآية الكريمة بيانٌ لشخصيته القيادية منذ الصغر، حيث امتنَّ الله عليه برجاحة العقل إلى الأكمل في الصلاح والأعلى في مراتب الخير، قبل إتيانه النبوّة كما نقله القرطبي وقال هذا ما عليه أكثر المفسرين(10).

وقد جاء السياق المذكور في الآية نكرة مما يدل على أنه رشد عام، فيشمل الرشد الجسمي والمعنوي والفكري، بحيث لا يرتبط ببلوغ ولا نبوّة، بل هو رشد سابق لأوانه، وهذا مدلوله قوله {مِنْ قَبْلُ} أي من قبل النبوة والبلوغ(11).

وقد ذهب صاحب الظلال في تفسيره أن المراد بالرشد الهداية إلى التوحيد، وهو أكبر الرشد، فقال: ويعني له الهداية إلى التوحيد، فهذا هو الرشد الأكبر الذي تنصرف إليه لفظة "الرشد" في هذا المقام(12).

إنَّ الرشد من معالم القيادة الراشدة، وهذا ما ظهر في سيرة إبراهيم - عليه السّلام - فقد شبّ وعاش كريم النفس، سليم الفؤاد، حاضر البديهة، قوي الحجة، ثاقب النظرة، عميق التفكير، فيه من مؤهلات القيادة ومقوماتها ما يؤهله لأن يكون قائداً وقدوة للناس أجمعين، وقد اتّضح رشده في طبيعة حواراته كلها سواء مع أبيه، أو عبدة الكواكب أو قومه أو ملك بابل النمرود بن كنعان، فقد انتصر عليهم وأسقط حججهم مما آتاه الله تعالى من كمال الرشد والنضج العقلي والوعي بحجج خصومه ومكائدهم.(13)

مراجع الحلقة الرابعة والثمانون:

( ) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (15/9567).

(2) البعد العقدي في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومه من خلال القرآن الكريم، فاطمة محمد أحمد علي ص 58.

(3) حياة إبراهيم، محمود شلبي، ص21-22.

(4) البعد العقدي في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومه من خلال القرآن الكريم، فاطمة محمد أحمد علي، ص58.

(5) محاسن التأويل، محمد جمال الدين القاسمي، (11/4279).

(6) البعد العقدي في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع قومه من خلال القرآن الكريم، فاطمة محمد أحمد علي، ص59.

(7) الحوار في قصة الخليل عليه السلام في القرآن دروس وعبر، محمود سعد عبد الحميد شمس، ص387.

(? قصة إبراهيم في القرآن الكريم، إسحاق محمد حمدان البدارين، ص67.

(9) تفسير النابلسي "تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة"، د. محمد راتب النابلسي، (9/450).

(10) تفسير القرطبي "الجامع لأحكام القرآن"، القرطبي، (4/215).

(1 ) سمات القيادة في القرآن الكريم من خلال قصة إبراهيم الخليل عليه السلام، إبراهيم حسن إسماعيل رامي، ص57.

(2 ) في ظلال القرآن، سيد قطب، (4/2385).

(13) سمات القيادة في القرآن الكريم من خلال قصة إبراهيم الخليل عليه السلام، ص58.

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

http://alsallabi.com/uploads/books/16228097650.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022