الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

تأملات في الآية الكريمة {وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 82

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

صفر 1444ه / سبتمبر 2022م

يبدأ الحقُّ سبحانه وتعالى القصة بداية تعلو فيها نبرة التأكيد، حيث أكّد بلام القسم {وَلَقَدْ آَتَيْنَا}؛ لتحقيق مضمونها لدى المخاطبين وتقريره في أذهانهم؛ لأنّه من الأمور التي يجب أن يعلموها علم اليقين، ولتنزيل العرب في مخالفتهم لشريعة أبيهم إبراهيم - عليه السّلام - منزلة المنكر لكون إبراهيم - عليه السّلام - أوتي رشداً وهداية، وقد أخبر الحقُّ سبحانه عن إيتاء الرشد إبراهيم - عليه السّلام - بإسناد الإيتاء إلى ضمير الجلالة للتنبيه على تفخيم ذلك الرشد الذي أوتيه(1).

قال ابن كثير: يخبر تعالى عن خليله إبراهيم - عليه السّلام - أنه آتاه رشده من قبل، أي من صغره ألهمه الحق والحجة على قومه كما قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} ]الأنعام:83[.

وما يذكر من الأخبار عنه في إدخال أبيه له في السرب، وهو رضيع وأنه خرج به بعد أيام، فنظر إلى الكوكب والمخلوقات فتبصر فيها، وما قصّه كثير من المفسرين وغيرهم، فعامتها أحاديث بني إسرائيل، وما وافق منها الحق، مما بأيدينا عن المعصوم، قبلناه لموافقته الصحيح، وما خالف شيئاً من ذلك، رددناه، وما ليس فيه موافقة ولا مخالفة، لا نصدقه ولا نكذبه، بل نجعله وقفاً، وما كان من هذا الضرب منها، فقد رخص كثير من السلف في روايته، وكثير من ذلك مما لا فائدة فيه ولا حاصل له مما لا ينتفع به في الدين، ولو كانت فائدته تعود على المكلفين في دينهم، لبيّنته هذه الشريعة الكاملة الشاملة.

والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية لما فيها من تضييع الزمان، ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم، فإنهم لا تفرقة عندهم بين صحيحها وسقيمها، كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة، والمقصود ههنا أن الله تعالى أخبر أنه قد أتى إبراهيم رشده من قبل، أي من قبل ذلك، وقوله: {وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} أي: وكنّا أهلاً ذلك(2).

مراجع الحلقة الثانية والثمانون:

(1) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص386.

(2) تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير)، (5/341-342).

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

http://alsallabi.com/uploads/books/16228097650.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022