النبي الداعية صلى الله عليه وسلم(1)
الحلقة السادسة والسبعون من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
جُمَادَى الآخِرَة 1443 هــ / يناير 2022
انشغالات دعوية:
كان النبي صلى الله عليه وسلم منهمكًا بدعوة الملأ من قريش: عتبة بن ربيعة وأخيه شيبة والنضر بن الحارث وأمثالهم، وكان جل همه صلى الله عليه وسلم أن تشع قلوبهم بنور الهداية، وأن يستجيبوا لنداء السماء، فيأتيه الرجل الأعمى عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وهو لا يعلم أنه صلى الله عليه وسلم منهمك في الدعوة فيقول: يا رسول الله، علِّمني مما علَّمك الله. فيجد النبي صلى الله عليه وسلم في قلبه الكراهية لذلك؛ لأنه مشغول بما يعتقد أنه أنفع وأهم وأولى بالعناية.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواجه حربًا شرسة بمكة، فالمتربصون كثر والأعداء أكثر، والحملات الإعلامية على أشدها، والأتباع قليلون، فيأوي النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته حزين الفؤاد، فيأتيه جبريل الذي يتنزل من السماء بالروح والفرج والسلوان، يتنزل على هذا النبي المكلوم الذي يعاني ما يعاني من قومه، ينزل فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم ما حمله إياه ربه في ذلك المقام: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ [عبس: 1-4].
عتاب إلهي:
عتاب وتوجيه وتأديب للنبي صلى الله عليه وسلم على أمر يمكن أن يقال فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم فعل فيه ما هو خلاف الأولى، حيث كان يفعل باجتهاده ما يرى فيه مصلحة الدعوة، ومع ذلك فقد ثبت في علم الله تعالى أن هؤلاء القوم الذين انشغل بهم لا يؤمنون، وأن الجهد مع هؤلاء الناس غير ذي جدوى.
كما قال تعالى لنوح عليه السلام:﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ [هود: 36]. وكذلك حال النبي صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء القوم الذين انشغل بهم، فقد كتب أنهم لا يؤمنون.
ولهذا قال تعالى فيما بعد: ﴿كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ﴾ [عبس: 23]، وفي هذه الآية إشارة من الله تعالى إلى أن هؤلاء القوم الأكابر العلية المتغطرسين.. المأخوذين بقوتهم لن يقضوا ما أمرهم الله تعالى به من الإيمان، وسوف يموتون على ما هم عليه من الكفر.
وفي هذه الآيات يعاتب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في صدر الدعوة في شأن رجل ضعيف، وتظهر حرارة العتاب وقوته في قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ [عبس: 1].
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي