الأصول الأربعة
فضيلة الشيخ سلمان العودة (حفظه الله)
الحلقة الحادية عشر
28 شوال 1443ه/ 29 مايو 2022م
إن التعويل على فقه الأربعة، أو فقه مَن عاصرهم أو سبقهم، أو جاء بعدهم، لا يعني التشهِّي في الانتقاء، ولا الغفلة عن الأدلة والحجج التي بنوا عليها آراءهم.
فالعبرة بالدليل قبل غيره، وتعدُّد الأقوال لا يعني أن نتخيَّر دون نظر أو تمحيص، فهذه بوابة التعصب التي نهوا عنها وحذَّروا منها.
كان أبو حنيفة رحمه الله يقول: «إذا جاء الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذنا به ولم نعْدُهُ، وإذا جاء عن الصحابة تخيَّرنا، ولم نخرج عن أقوالهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم».
وقال مالك رحمه الله: «ما منا إِلَّا رادٌّ ومردودٌ عليه».
وقال الشافعي رحمه الله: «إذا صحَّ الحديث فهو مذهبي».
وقال أحمد رحمه الله: «لا تقلِّدني ولا تقلِّد مالكًا ولا الشافعيَّ..».
كانوا يحتكمون إلى:
1- القرآن الكريم.
2- السنة النبوية الثابتة.
3- الإجماع القائم.
4- القياس العقلي الصحيح.
ويختلفون فيما وراء ذلك، كما سيأتي.
ولم يكن أحد منهم يعتبر أن فهمه الخاص للنص مطابق للنص في قطعيته وقدسيته، فهو مزيج من قداسة المرجعية واحتمالية الخطأ في الفكر البشري، اللهمَّ إلَّا ما كان يتوافق مع غيره من الأئمة والعلماء، بحيث يرتقي عن درجة الاجتهاد إلى مقام الإجماع القطعي.
وزاوية النظر تختلف؛ لأن المجتهد بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ويتأثر عقله بما حوله من ظروف وملابسات، ويحدث له التراكم الزمني بزيادة المعلومات والمعارف، واتساع الفكر، وتعاظم الخبرة الحيوية.
ويتفاوت الأئمة فيما وراء ذلك من الأصول، كالاستحسان والمصلحة المُرْسَلة وسد الذَّرِيعة وقول الصاحب، وفي تقديم بعض الوجوه على بعض.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 27-28
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: