السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

(الإمام أبو حنيفة فقيه عصره)

اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: الثانية والثلاثون

ذو القعدة 1443ه/ يونيو 2022م

كان أبو حنيفة رحمه الله إمامًا في الفقه والقياس، كلامه فيه أدق من الشَّعَر؛ حتى تضافرت أقوال العلماء على تقديمه وإمامته وفطنته.

قال الإمامُ الشافعيُّ: «الناسُ عِيال على أبي حنيفة في الفقه».

قال الذهبيُّ معلِّقًا: «الإمامة في الفقه ودقائقه مسلَّمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه:

وليسَ يَصِحُّ في الأَفْهام شيءٌ *** إذا احتَاجَ النَّهارُ إلى دَليلِ».

وقال الشافعيُّ وغيره: «ما رأيتُ أحدًا أفقه من أبي حنيفة». قال الخطيب: «أراد بقوله: ما رأيتُ: ما علمتُ».

وقال ابنُ المبارك: «أفقهُ الناس أبو حنيفة، ما رأيتُ في الفقه مثله».

وقال أيضًا: «إن كان الأثر قد عُرف واحْتِيج إلى الرأي، فرأيُ مالك وسفيان وأبي حنيفة، وأبو حنيفة أحسنهم وأدقهم فطنة، وأغوصهم على الفقه، وهو أفقه الثلاثة».

وقال: «رأيتُ مِسْعرًا في حلقة أبي حنيفة جالسًا بين يديه يسأله ويستفيد منه، وما رأيتُ أحدًا قطُّ تكلَّم في الفقه أحسن من أبي حنيفة».

وقال صاحبه أبو يُوسف: «ما رأيتُ أحدًا أعلم بتفسير الحديث ومواضع النكت التي فيه من الفقه، من أبي حنيفة».

وقال شُعبة بن الحَجَّاج لما علم بوفاته: «لقد ذهب معه فقه الكوفة، تفضَّل الله علينا وعليه برحمته».

وقال النَّضْر بن شُميل: «كان الناس نيامًا عن الفقه، حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتَّقه وبيَّنه ولخَّصه» .

وهذا تعبير لطيف يُشير إلى ابتكار أبي حنيفة رحمه الله وتجديده في علم الفقه، وخطوه الطويل في وضع أصوله وقواعده، وتنزيل النصوص على واقعها، بما يسمِّيه الأصوليون: «تحقيق المَنَاط».

وحين سُئل يزيد بن هارون: أيما أفقه: أبو حنيفة أو سُفيان؟ قال: «سُفيان أحفظ للحديث، وأبو حنيفة أفقه» . وقال ابنُ المبارك: «إن كان أحدٌ ينبغي له أن يقول برأيه، فأبو حنيفة ينبغي له أن يقول برأيه» .

وقال محمد بن بِشْر العَبْدي: «كنتُ أختلف إلى أبي حنيفة وإلى سفيان، فآتي أبا حنيفة، فيقول لي: من أين جئتَ؟ فأقول: من عند سُفيان. فيقول: لقد جئتَ من عند رجل لو أن علقمة والأسود حضرا لاحتاجا إلى مثله. فآتي سفيان فيقول: من أين جئتَ؟ فأقول: من عند أبي حنيفة. فيقول: لقد جئتَ من عند أفقه أهل الأرض» .

وقال يحيى بن مَعِين: «سمعتُ يحيى بن سعيد القطان يقول: لا نكذبُ الله، ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله. قال: وكان يحيى بن سعيد يذهب في الفتوى إلى قول الكوفيين، ويختار قوله من أقوالهم، ويتبع رأيه من بين أصحابه» .

وقال عبد الرزاق الصنعاني: «كنتُ عند مَعْمَر، فأتاه ابنُ المبارك، فسمعنا مَعْمَرًا يقول: ما أعرفُ رجلًا يحسن يتكلَّم في الفقه أو يسعه أو يقيس ويشرح لمخلوق النجاة في الفقه، أحسن معرفة من أبي حنيفة، ولا أشفق على نفسه من أن يدخل في دين الله شيئًا من الشك من أبي حنيفة».

وقال الذهبيُّ: «وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى، والناس عليه عيال في ذلك» .

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 71-69


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022