الجمعة

1446-06-26

|

2024-12-27

(التكامل بين الرجل والمرأة)

اقتباسات من كتاب "علمني أبي..مع آدم من الطين إلى الطين" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

الحلقة: الثالثة و الثلاثون

ربيع الأول 1444ه/ أكتوبر 2022م

ولِمَ يبدو هذا العنوان مستغربًا وكأنني سأتحدث عن أختي من أمي وأبي؟ أليست الأنثى شقيقة الرجل؟

«إِنَّـمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ».

أوضح ما ينطبق هذا الوصف على حواء؛ فهي مشتقة من آدم؛ ولذا فالأصل هو التوافق والتشابه بين الذكر والأنثى، والفوارق موجودة ولكن محدودة.

الاختلاف جوهر الائتلاف والتكامل بين الذكر والأنثى.

أن تكون المرأة واعية بقيمتها وذاتها كحال أم سلمة رضي الله عنها يجعلها مبادرة في الخير، حين نهضت سريعًا ومشت إلى المسجد وهي تسمع نداء النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»!

الاندماج في جنس واحد (الناس) يعني أَلَّا حاجة لحكم خاص أو نظام خاص أو ثقافة خاصة للمرأة.

* على الرجل مسئولية السكن وتوابعه ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾، والمرأة تابعة له فيه، بخلاف الأكل ﴿وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا﴾، والمسير ﴿حَيْثُ شِئْتُمَا﴾.

يشقى الرجل بالكد وتحمل المسئوليات الشاقة، وتشقى المرأة بشقاء الرجل: ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾.

* لكل من الزوجين خصوصيته التي يخفيها عن الآخر، ولو لم تكن إثمًا أو خطًا: ﴿يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾، والزواج لا يلغي شخصية أحدهما.

* أيهما أغرى الآخر بالخطيئة؟ في الروايات الإسرائيلية أن حواء هي مَن فعلت ذلك، وفي القرآن حمَّلهما المسئولية معًا: ﴿فَأَكَلَا مِنْهَا﴾، وجعل العقاب عليهما متساويًا ﴿فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، ﴿اهْبِطَا مِنْهَا﴾.

وقيل: كان ذنب حواء ترك النصيحة له، وقيل: هو بمجاراته.

وحين نقول إنها أغرته فنحن نتحدث إذًا عن طبيعة رجل يصغي لأنثاه ويجاريها فيما تقترح، ويقتنع بمشورتها.

وقد تكون حواء تعرَّضت لإغواء الشيطان بسبب بُعد آدم وغيابه عنها فوجدت فراغًا ملأه الشيطان بالإغراء، صمت الرجل الطويل، وانصرافه عن المنزل، وحضوره الصامت الممل سبب في استماع المرأة لغيره.

وقد تكون صدَّقت إبليس لما أقسم: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾.

استثمار المرأة وقتها في مناجاة الله وتسبيحه مهم وصارف لكيد شياطين الجن والإنس:

مَنْ لِي بِتَرْبِيَةِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا *** فِي الشَّرْقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخْفَاقِ

الأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَّهَا *** أَعْدَدْتَ شَعْبًا طَيِّبَ الأَعْرَاقِ

من أسوأ الإسقاطات التربوية الإيحاء بأن الرجل يجب أَلَّا يستمع إلى المرأة ولا يقبل رأيها أو مشورتها وكأنها تمثِّل الشيطان، وقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أمهات المؤمنين في غير ما مناسبة.

* كانت النتيجة واحدة، وهي الهبوط، وكان من نصيب آدم اللَّهْث، ومن نصيب حواء الطَّمْث!

العقوبات الشرعية واحدة لا يثبت فيها تمييز- فيما أعلم- إلا أن يكون في مسألة اللِّعان.

المجتمعات العنصرية تفسح المجال لخطيئة الرجل؛ لأنه يحمل عيبه في جيبه، بينما توقع أقصى العقوبات- بما فيها جرائم الشرف- على البنات.

وتجد في العقوبة انسجامًا مع الطبع البشري، فلم يعاقبهما الله بما يضر؛ كذهاب العقل أو زوال الإنسانية.

* الأطراف الخارجية تعكِّر العلاقة، أول مشكلة بينهما كانت بسبب تدخل طرف خارجي (الشيطان)، وعادة ما تؤول إلى ألم مشترك، وشيء من التلاوم.

التفريق بين زوجين مهمة شيطانية لإفساد جنة الأسرة، وتفريق الأرواح المتآلفة.

على الزوجين السعي في التفاهم والحوار وعدم التسرع في إدخال طرف ثالث، حتى لو كان الأهل، إلا تدخل حكيم ينزع الفتيل ويعيد الانسجام، وحين سأل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فاطمةَ عن عليٍّ رضي الله عنهما أخبرته بأنه غاضبها وخرج، فبحث عنه صلى الله عليه وسلم ووجده في المسجد نائمًا والتراب على جنبه، فحرَّكه وداعبه ومسح التراب عنه، وقال: «قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ». فما كان لعليٍّ رضي الله عنه اسمٌ أحبَّ إليه من «أبي تُراب».

وفيما سوى هذا فعلى الزوجين أن يكونا كنصلي (جزئي) المقص، يعاقبان مَن يتدخل بينهما!

 

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب علمني أبي للشيخ سلمان العودة، صص 187-189

يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي:

https://alsallabi.com/books/view/777


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022