السبت

1446-06-27

|

2024-12-28

ودود يدخل قلبك منذ اللقاء الاول تحس فيه حرارة الاخوة وهيبة العالم  وتستشعر فيه ربانية العلم وحرقة الداعية الغيور موسوعي ملم بالقضية العراقية الماماً رائعاً .. مطلع على ادق تفاصيلها يبعث سلامه لاهل العراق ويقول: الصلابي معكم قلباً وقالباً وقلماً.

الرائد/ من هو الصلابي؟
الصّلابي/ هو علي محمد الصلابي، من مدينة بنغازي في ليبيا، متزوج وله ثلاث بنات وولد واحد، من مواليد 1963، ينتمي الى مسلمي شمال أفريقيا..
الرائد/ من كان له الدور الأول في وضع قدمي الصلابي على طريق الدعوة الإسلامية؟
الصّلابي/الفضل لله سبحانه وتعالى وثم الى الوالد، لأن الوالد كان من الإخوان المسلمين في ليبيا وكان من المثقفين، كما ساهم في إيواء الإخوان المسلمين الذين جاؤوا من مصر في زمن عبد الناصر فكانت مدرسة الإخوان المسلمين حاضرة دائماً في بيتنا، كما أن الحديث عن حسن البنا رحمه الله وسيد قطب ونجم الدين أربيكان والحركات الاسلامية المعاصرة وعلى ما يحدث في أفغانستان، كما أن الوالد كان يشعر في أهمية العلم وفضله وكان ينصح دائماً بالمواصلة في هذا الطريق.

الرائد/ كيف تدرجت علمياً، وما هي أهم أبحاثك وكتبك المنشورة؟
الصّلابي/ بدأت بطلب العلم على يد بعض المشايخ في ليبيا، وكذلك في السجن حيث التقيت بالعديد من المشايخ وتعلمت منهم وأتيحت لي فرصة سبع سنوات لدراسة كتب الحديث والسيرة داخل المعتقل،وبعد خروجي من السجن كنت طالباً في كلية الهندسة (جامعة بني يونس) وبقيت فترة لا بأس بها، وبعد ذلك وبتوجيه من والدي ذهبت لمواصلة الدراسة في المدينة المنورة، وبعد اكمال البكالوريوس ذهبت الى السودان وحصلت على الماجستير والدكتوراه، وكان تخصصي في تفسير القرآن الكريم، اذ كانت رسالة الماجستير تحت عنوان (الوسطية في القرآن الكريم)، والدكتوراه تحت عنوان (فقه النصر والتمكين أنواعه وأسبابه ومراحله….).
الرائد/ من هم الشيوخ الذين تتلمذت على يديهم؟ … وما هي اهم مؤلفاتك؟
الصّلابي/ هنالك شيوخ تتلمذت عليهم في اللقاء معهم أو قراءة كتبهم، وخاصة كتب الإخوان المسلمين مثل اللأستاذ فتحي يكن، والشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ محمد الغزالي، والإمام حسن البنا -رحمه الله-، و اطلعت على مدرسة اهل الحجاز اطلاعاً كبيراً، كما احتككت احتكاكاً كبيراً بالشيوخ سلمان فهد العودة وسفر الحوالي وسمعت منهم، وأيضاً بالشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان عندما كنت في اليمن اذ استفدت منه استفادة كبيرة، وأكثر الأفكار التي في كتبي هي من الشيخ عبد الكريم زيدان، فعلى سبيل المثال فكرة مؤسسات الدولة في عصر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  وفكرة كيفية حل النزاعات والخلافات بين المسلمين في زمن سيدنا عثمان بن عفان  ، وكذلك استفدت من الشيخ ياسين عبد العزيز من علماء اليمن وأحد زعماء حزب الإصلاح، وكذلك الشيخ محمد بحيري من مصر ويعتبر من كبار المربين وغيرهم .  اما بخصوص مؤلفاتي فبفضل الله انجزت عدداً من المؤلفات منها :(السيرة النبوية / 2 مجلد)،(تاريخ الخلفاء الراشدين/5 مجلد)،(تاريخ الدولتين الاموية والعباسية)،(دولة الموحدين)،(فقه التمكين عند دولة المرابطين)،(الدولة العثمانية)،(الحركة السنوسية)،(من عقيدة المسلمين في صفات رب العالمين)،(الدولة العبيدية)،(فقه النصر والتمكين)،(الوسطية في القران الكريم)…. وغيرها.
الرائد/ ما هي قصة اعتقالك في ليبيا، وما هي الأشياء التي استفدت منها داخل المعتقل؟
الصّلابي/ كان سبب اعتقالي هو انتمائي الى الإخوان المسلمين وكذلك الأنشطة الدعوية التي كنت أقوم بها في المرحلة الثانوية، اذ كان لي تأثير واضح على الطلبة من خلال تعليمهم الصلاة، واعتقلتني السلطات الليبية وكانت تعتقد أنما أقوم به هو توجيه من والدي، اضافة الى انهم كانوا يعتقدون ان الإخوان يصدرون أفكارهم بهذه الطريقة.

الرائد/ من يقرأ كتب الصلابي يرى فيها تركيزاً واضحاً على التأريخ، فما هي علاقة الصلابي بالتأريخ؟
الصّلابي/  علاقتي بالتأريخ كانت عندما دخلت السجن حيث التقيت بالجيل الثالث من جماعة الحركة السنوسية، فتعرفت بالحركة من خلال أقوالهم وأفعالهم، وبعدها قرأت كتاب عن الشيخ عبد الحميد بن باديس مؤسس جمعية علماء المسلمين في الجزائر وتأثرت بالشيخ تأثراً كبيراً ولاسيما الجهود الدعوية التي قام بها للحفاظ على هوية الاسلام ،والهوية العربية، ومقاومة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وعلى أثر هذه الأمور قررت بعد خروجي من السجن تأليف كتاب عن حركة الشيخ علي بن محمد السنوسي ولكني فضلت أن يكون البحث عن الإسلام في شمال أفريقيا وصولاً الى الحركة السنوسية.

الرائد/ كيف هي رؤية الصلابي للأحداث التأريخية وكيف يتم توظيفها واسقاطها على الواقع من أجل النهوض بواقع الأمة؟
الصّلابي/ الأعداء عرفوا أهمية التأريخ ،وحاولوا ابعاد الأمة عن تأريخها، والتأريخ الإسلامي يحتاج الى خدمة عظيمة والله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ومفهوم العبرة يعني العبور من جيل الى جيل حتى يستفاد الناس من التأريخ الإسلامي ففيه النماذج الرائعة على مستوى الأمم وعلى مستوى المناهج ومستوى الشخصيات السياسية والعسكرية، وعلى مستوى تطبيق فقه الصراع، وفيه من السياسة الشرعية ما يستفاد منه الشيء الكثير خصوصاً مرحلة ما يسمى الحرب الصليبية وفترة نور الدين ،وصلاح الدين ،والأيوبيين والمماليك، كما يوجد بعض العلماء المؤثرين على الأمة الى يومنا الحالي مثل العز بن عبد السلام، وابن القيم، وابن تيمية، وعبد القادر الكيلاني، والشيخ ابو حامد الغزالي، الذين ظهروا في مرحلة مهمة من تأريخ الأمة، فعلى الذين يريدون أن يبنوا مشروعاً نهضوياً الرجوع الى تلك المرحلة خصوصاً ما يتعلق بالسنن وقوانين الله في التغيير.

الرائد/ كيف يمكن وضع دراسة شاملة لمشروع نهضوي مستفيدين من التأريخ، وما هي رؤيتكم في مثل هذا الموضوع؟
الصّلابي/ بالنسبة لنا كمسلمين فإن مشروع النهضة لابد ان ينبثق من ثوابت وعقيدة الإسلام التي جاء بها الرسول  والصحابة الذين تعلموا على يديه وهدي القرآن وهدي الرسول في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، والخلافة الراشدة ،والاطلاع على معالمها وصفاتها بشكل واضح، وأي انسان يريد أن يبني مشروعاً نهضوياً عليه ان يستوعب عصر النبوة والخلافة الراشدة بما يتعلق في مشروع الحريات والدستور بحيث تكون واضحة ومعروفة للناس، فمتطلبات المشروع النهضوي يجب ان يسبقه جهد شامل للتعرف على عهد النبوة والخلافة الراشدة.

الرائد/ كيف يمكن توظيف فقه المرحلة الراشدة في الحياة الحالية على الرغم من وجود اتجاهات متعددة؟
الصّلابي/بفضل الله فإن الرسول  قال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم الى ان تقوم الساعة، إن الطائفة المنصورة يأتيها أحياناً أن تكون في موقع الهجوم وحالة في الدفاع المهم أن تكون باقية وأن الكثير من المعاني المتعلقة بالشورى والحريات والدستور وحقوق الإنسان توجد بضخامة وطبقت في عهد النبوة وطبقها الخلفاء الراشدون، فنحن يجب أن نرتبط في أصولنا التأريخية لما فيها من مسائل أخلاقية وإنسانية لا نحتاجها نحن فقط بل أمم أخرى في بناء مجتمعاتها، وفيما يتعلق بالفقه السياسي فالآخرين يقولون: المسلمون ليس لديهم فقه سياسي، وهذا نتيجة الجهل وكذب الأعداء علينا.

الرائد/ اذاً الدكتور الصلابي يدعونا لتأسيس مدرسة فكرية وسياسية تستطيع أن تستفيد من التأريخ في معالجة مشكلات الواقع؟
الصّلابي/ نحن ندعو الى مدرسة أهل السنة والجماعة،وإن فهمنا لأهل السنة والجماعة هو الفهم الصحيح للإسلام ولا أقصد الجانب العقدي فقط ، بل الجانب العقدي يحتل جزءاً من منهح أهل السنة والجماعة، وهناك جوانب أخرى أقصدها مثل الجانب السياسي والاقتصادي والاعلامي والاجتماعي والروحي، فنحن ندعو الى منهج اهل السنة والجماعة في مفهومها الشامل وليس الضيق.
الرائد/  إذاً نفهم ألَّا تعارض بين العمل السياسي والعمل الاسلامي؟
الصّلابي/ العمل السياسي جزء من الدين وهو نوع من أنواع الجهاد وعندما كان أبو بكر  رئيساً للدولة قال ((وليت عليكم ولست بخيركم وعندما قال الضعيف قوي عندي حتى آخذ الحق لهفكانت هناك بيعة بين الأمة وسيدنا أبي بكر   والمنهج الذي سار عليه يتقيد بمرجعية الدستور المتمثلة بالكتاب والسنة، والسياسة جزء من الدين ونتقرب بها الى الله سبحانه وتعالى كما فعل الخلفاء الراشدون، وكذلك المشروع الضخم الذي قام به سيدنا الحسن والذي توج بوحدة الأمة حيث تخلا عن الخلافة لمعاوية  وهذا يدخل في ضمن العمل السياسي في حفظ الدماء ووحدة الأمة وتسريع حركة الجهاد.والذي توج بوحدة الأمة حيث تخلا عن الخلافة لمعاوية  وهذا يدخل في ضمن العمل السياسي في حفظ الدماء ووحدة الأمة وتسريع حركة الجهاد.
الرائد/ ما دور العلماء في توظيف الجانب الشرعي لخدمة العمل السياسي؟
الصّلابي/ دور العلماء عظيم وأن الأمة تكون دائماً في حالة النهوض والتطور ما دام العلماء يهتمون بأبعاد السياسة الشرعية وفقه المصالح والمفاسد وبدارسة التأريخ حيث يستفيد من العبر وتكون الأمم في تقدم عندما يكون العلماء في الصدارة، مع اشتراط أن تكون الثقافة الفكرية والعلمية تؤهلهم وليس على العالِم أن يركز على كتب الأصول والتفسير ويترك كتب السياسة الشرعية والمصالح والمفاسد.
الرائد/ هل هناك شبه بين القضية الجزائرية أثناء الاحتلال الفرنسي والقضية العراقية أثناء الاحتلال الأمريكي؟
الصّلابي/  ندعو من الله سبحانه وتعالى ان يعجل بخروج الاحتلال الأمريكي من العراق وذلك لأن الفترة الطويلة من الاحتلال الفرنسي تم فيها استهداف حتى الأجيال اللاحقة من الجزائريين.
الرائد/ كيف يمكن توظيف أساليب الحل التي اتبعها الجزائريون في التعامل مع قضية الاحتلال الفرنسي، واسقاطها على الواقع العراقي؟
الصّلابي/ ان مسألة جمعية العلماء الجزائرية التي أسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس حرياً بعلماء الدعوة في العراق وقادة جيل الصحوة ان يدرسوها بعمق لأن فيها الدروس الكثيرة، فإن هؤلاء العلماء استطاعوا ان يحافظوا على هوية الأمة ولغتها وتأريخها، وحاربوا التدين المغشوش والمشايخ المستفيدين من الاستعمار الفرنسي وكان قرار الجهاد في الجزائر قد جاء بعد عملية البناء التي قام بها عبد الحميد بن باديس والبشير الابراهيمي في الجانب السياسي والعقائدي والتربوي التي توجت فيما بعد بثورة المليون الشهيد، كما اهتم عبد الحميد بن باديس والبشير الابراهيمي بشرائح الشعب الجزائري، حيث استطاعوا توظيف جميع هذه الشرائح في خدمة قضية تحرير الجزائر.
الرائد/  هنالك من يقصر جهاد الدفع على العمل العسكري المقاوم فما هو رأيكم؟
الصّلابي/ ان موضوع دحر المحتل موضوع شامل تستخدم فيه  الوسائل كافة لاخراجه سواء كانت سياسية أو عسكرية أو أي جهد اغاثي فكل هذه الأمور تصب في مشروع التحرير، لذلك لا يوجد تناقض عند العلماء والعقلاء، فلا يوجد تناقض بين العمل السياسي والعسكري لكن طبيعة المقاومة لا تقود بل تقاد، وان أخطر شيء أن يكون صاحب القرار السياسي أو من يقود هو من يحمل البندقية فتظهر اشكاليات عدة ، أما عندما يكون على رأس القيادة الفعلية العلماء الربانيون من أهل الحل والعقد الملمون بأمور البلاد الذين يفهمون المعادلة الاقليمية والدولية تكون خياراتهم صحيحة ومؤثرة.
الرائد/ الدستور العراقي والانتخابات في ظل الاحتلال مثار للجدل، فهل هناك حالة مشابهة بتأريخ العربي الحديث؟
الصّلابي/ هنالك حالة أسوء من حالة العراق حدثت في الجزائر حيث كان الدستور قد وضعته فرنسا ووضعت كذلك القوانين والترتيبات الانتخابية ولكن الفرق عن الحالة العراقية هو وجود مرجعية واحدة في الجزائر متمثلة في بجمعية علماء المسلمين حيث افتى الشيخ محمد بشير الابراهيمي عام 1947 وقال ((ان هذه الانتخابات مخالفة لعقيدة الشعب من الكتاب والسنة والاسلام وبيّن بطلانه من الناحية الشرعية، ولكنه قال نحن إذا رأينا قطرة منفعة للمسلمين فنحن نحث الناس على الدخول لذلك نقول للجزائريين أن يساهموا في الانتخابات بدل أن يأتي جزائري عميل لفرنسا))، وهذه الفتوى مشهورة لمن اطلع على آثار محمد بشير الابراهيمي حين كان الحال أسوء من القضية العراقية، إن القضية العراقية هي قضية سياسة شرعية وهي مسألة مصالح ومفاسد وأهل الحل والعقد في العراق هم الذين يقررون وأهم شيء هو وحدة الصف في الدخول أو عدمه.
الرائد/ وأخيراً رسالة أخيرة الى أهل العراق.
الصّلابي/أهم شيء وحدة الصف العراقي والثقة بالعلماء ،وأن قضية السياسة الشرعية يقدرها أهل الحل والعقد ممن كانوا موجودين بالساحة، اما العلماء الموجودون في الخارج فقتصر دورهم على الدعم المادي والمعنوي أو العلمي وأن أصحاب القرار الفعلي هم علماء أهل العراق الموجودين في الداخل ومن الممكن للعلماء الخارج أن ينسقوا مع علماء الداخل شرط أن  تكون القيادة الفعلية لعلماء الداخل.

(المصدر: مجلة الرائد العراقية) 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022