من كتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار (ج1)
أهم صفات يزيد بن معاوية
الحلقة: الثانية والسبعون
بقلم الدكتور: علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1442 ه/ نوفمبر 2020
إن المصادر التاريخية والأدبية على حد سواء تزودنا بأخبار قليلة عن صفات يزيد المكتسبة والموروثة، إلا أنها تحدد لنا بعض الملامح من شخصية يزيد بن معاوية ؛ فمنها:
1 ـ القوة والشجاعة:
قال عنه الذهبي: كان قوياً شجاعاً، ذا رأي وحزم وفطنة وفصاحة ، وكان يتمنى أن يوليه أبوه في الغزو على الصائفة بالمسلمين. وكان يحرص على إقامة السباقات بين الخيل، ويجعل الجوائز لرفع مستوى الفروسية عند المسلمين ، علاوة على تمكنه من قيادة الجيش الإسلامي الذي حاصر القسطنطينية وسيطرته على مجريات القتال ، وذكر صفوان بن عمرو أن المسلمين لما جاوزوا بالأسارى من الروم، ضرب أعناقهم يزيد بن معاوية والروم تنظر إليهم ، كما أن من حزمه ما حكاه العتبي بإسناده: أن أبا أيوب الأنصاري مرض في غزوة القسطنطينية، فأتاه يزيد عائداً فقال: ما حاجتك يا أبا أيوب؟ قال: ادفني عند أسوار القسطنطينية... فلما مات أمر يزيد بتكفينه وحُمل على سريره، ثم أخرج الكتائب فجعل قيصر يرى سريراً والناس يقتتلون، فأرسل إلى يزيد: من هذا الذي أرى؟ قال: صاحب نبينا، وقد سألنا أن نقدمه في بلادك ونحن منفذون وصيته أو تلحق أرواحنا بالله. قال: العجب كيف من ينسب أبوك للدهاء ويرسلك فتأتي بصاحب نبيك، وتدفنه في بلادنا، فإن وليت أخرجناه إلى الكلاب، فقال يزيد: إني والله ما أردت إيداعه بلادكم حتى أودع كلامي اذانكم، فإنك كافر بالذي أكرمت هذا له، لئن بلغني أنه نبش من قبره أو مثل به، لا تركت بأرض العرب نصرانياً إلا قتلته، ولا كنيسة إلا هدمتها، فبعث إليه قيصر: أبوك أعلم بك، فوحقِّ المسيح لأحفظنه بيدي.
2 ـ الفصاحة والشعر:
ذكر الذهبي بأنه صاحب فصاح . ولما تكلم الخطباء عند معاوية قال: والله لأرمينهم بالخطيب الأشدق، قم يا يزيد تكلم ، وقد ذكر المدائني بإسناده: أن رجلاً قال لسعيد بن المسيب: أخبرني عن خطباء قريش، قال: معاوية، وابنه يزيد، ومروان بن الحكم، وابنه عبد الملك، وسعيد بن العاص وابنه، وما ابن الزبير بدونهم .
وأما شعره فقد كان شاعراً مجيداً ، جعل الناس يقولون: بدء الشعر بملك، وختم بملك، إشارة إلى امرؤ القيس وإلى يزيد ، ومن شعره ما كان ينشده هارون الرشيد ليزيد بن معاوية:
إنها بينَ عامرِ بنِ لؤَيٍّ
حين تَنْمِي وبين عبدِ منافِ
ولها في المُطَيَّبِين جدودٌ
ثم نالتْ مكارِمَ الأخْلافِ
بنتُ عمِّ النبيِّ أكرمُ منْ
يمشي بنعلٍ على التُّرابِ وحافِي
لن تراها على التَّبَذُّل والغلـ
ـظةِ إلا كدرَّةِ الأصدافِ
3 ـ الكرم:
اشتهر عن يزيد الكرم؛ فكان يجزل العطاء لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وليس غريباً عنه وهو الذي يقول: حفظ النديم والجليس وإكرامهما من كرم الخليفة وقضاء حق النعمة ، ولقد حازت هذه الأعطيات على إعجاب عبد الله بن جعفر وقال له: فداك أبي وأمي؛ فوالله ما قلتها لأحد قبلك ، وكان يقول: أتلوموني على حسن الرأي في يزيد .
ومن كرمه أيضاً: أن عبد الله بن حنظلة عندما قدم عليه من المدينة وبنيه أعطاه مئة ألف، وأعطى كل واحد منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملانهم، وقصته مع الأحنف في مقاسمته الجائزة التي أمر بها معاوية قد مرت معنا.
وأما صفاته الخَلْقية: فقد كان ضخم الجسم، سميناً طويلاً، غليظ الأصابع كثيف الشعر جعده، أسمر البشرة في وجهه أثر الجدري، أحور العينين حسن اللحية خفيفها، وبالجملة كان جميلاً
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
الجزء الثاني:
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: