الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(الحوار بين الخليفة والثوار)
من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):
الحلقة: 235
بقلم: د. علي محمد الصلابي
شوال 1442 ه/ يونيو 2021
حاول الخليفـة استعطاف جيش الحركة بتذكيرهم بماثره عندهم ، فدنا من باب الحصن وقال: ما فيكم رجل شريف له حسب وحياء أكلمه ، فقال له يزيد بن عنبسة السكسكي: كلمني ، قال له: من أنت؟ قال: أنا يزيد بن عنبسة ، قال: يا أخا السكاسك ألم أزد في أعطياتكم؟ ألم أدفـع المؤن عنكم؟ ألم أعطِ فقراءكم؟ ألم أخدّم زمناكم؟ فقال: إنا ما ننقم عليك في أنفسنا ، ولكن ننقم عليك في انتهاك ما حرّم الله وشرب الخمر ، ونكاح أمهات أولاد أبيك ، واستخفافك بأمر الله ، وإتيانك الذكور ، قال: حسبك يا أخا السكاسك ، فلعمري لقد أكثرت وأغرقت ، وإن فيما أحل الله لي لسعة عما ذكرت.
وحاول الوليـد في دفاعـه عن نفسـه والذي جاء متأخـراً ، بيان النتائج المترتبة على قتله بقوله ليزيد بن عنبسة: أما والله لا يُرْتق فتقكم ، ولا يلم شملكم ، ولا تجتمع كلمتكم. إلا أن نصيحته هذه لم تجد اذاناً صاغية من أفراد جيش الحركة ، فرجع عندها الوليد إلى داخل الحصن ، ونشر مصحفاً يقرؤه بين يديه ، وقال: يوم كيوم عثمان.
إن الذي يفزع إلى المصحف عندما أحيط به وأيقن أنهم قاتلوه لا يمكن أن يكون ماجناً ، يقترف ما رموه به ويهين المصحف ويمزقه ، كما تذهب بعض الروايات ، وربما كان عند الوليد ميل إلى اللهو والعبث ، ولكن لم يصل به الحد إلى أن يهم بشرب الخمر فوق الكعبة ، وهل ضاقت عليه الدنيا ، فلم يجد مكاناً يشرب فيه الخمر إلا فوق الكعبة ؟! إن هذا لو حدث من حاكم مسلم في عصرنا هذا لرماه الناس بالحجارة ، فكيف بالوليد وهو خليفة المسلمين في عصر قريب إلى حد ما من عصر النبوة والخلافة الراشدة ، ومليء بالعلماء والصالحين والتابعين؟! والله أعلم.
مقتل الخليفة الوليد بن يزيد (126 هـ):
وبدأ أفراد جيش الحركة باقتحام الحصن ، وكان أول من نزل إليه يزيد بن عنبسة السكسكي: فأخذ بيد الوليد وهو يريد أن يحبسه ويؤامر يزيد بن الوليد فيه. إلا أن فرساناً من أهل اليمن نزلوا إلى الدار ، وتسابقوا إلى قتله واحتزاز رأسه ، إذ كان يزيد بن الوليد قد جعل فيه مئة ألف درهم ، وكان قتله في يوم الخميس 27 جمادى الاخرة 126 هـ/16 نيسان 744 م.
وألقى أفراد جيش الحركة القبض على ابنيه الحكم وعثمان؛ حيث انتهى بهما القرار بالحبس في دمشق، وبلغ يزيد بن الوليد الخبر بدمشق ليلة الجمعة 28 جمادى الاخرة 126 هـ.
وقُدم برأس الوليد في صبيحة الجمعة ، حيث نصبه للناس دلالة على انتصار جيشه بعد أن انتشرت الإشاعات في دمشق عن هزيمته أمام الوليد. وكان خاتم الوليد منقوش عليه: يا وليد احذر الموت. ويقال: إن الوليد حمل وصلّى عليه إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك ، ودفن بباب الفراديس بدمشق.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
الجزء الثاني:
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022