الأحد

1446-10-29

|

2025-4-27

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

قال الله تعالى: "ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين" [المدثر:43] سؤالي: كيف يتحدث أهل الجنة مع أهل النار، وأهل الجنة في علِّيين، وأهل النار في سجين، كيف يتحدثون ويسأل يعضهم بعضا؟

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد وردت المحاورة بين أهل الجنة وأهل النار في عدة آيات من كتاب الله تعالى كقوله سبحانه: "إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ" [المدثر: ٣٩ – ٤٢] وقوله: "وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَ‍قًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَ‍قًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ" [الأعراف:٤٤] وقوله: "فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ * وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ" [الصافات:٥٠ – ٥٧].، أما كيفية الحوار فلم يتحدث عنها القرآن ولا السنة النبوية، وقد وردت بعض الآثار والاجتهادات في كيفية حصول هذا الحوار؛ فمنهم من قال: تفتح فتحات أو نوافذ بين أهل الجنة وأهل النار فيتحدثون إليهم، ومنهم من قال يتحادثون عن طريق الملائكة، ولا دليل على شيءٍ من هذا، والصحيح: أن هذه الأقوال محتملة وغيرها محتمل أيضاً، فيمكن أن ينتقلوا إلى أهل النار ليتحاوروا معهم بإذن الله تعالى وقدرته ثم يعودون، ويمكن أن يكون ذلك الحوار في أماكن مخصوصة، ويمكن أن يقدِّر الله تعالى أهل الجنة على كلام أهل النار وهم في أماكنهم في نار جهنم، والله تعالى أعلم.

وأحب أن أنبّه إلى أمرين: الأول: أن الوقائع والأحداث التي ستقع يوم القيامة بكيفياتها لا تشبه بأي حال ما نحن عليه في الدنيا، فالطعام والشراب والنوم والأماكن والتنقل والزمان وغير ذلك لا نستطيع تصورها اليوم، وقد بيَّن لنا القرآن والسنة شيئاً يسيراً من ذلك ولكن التفصيل لا نعلمه كاملاً على الحقيقة، ولذا فليس من الأهمية أن يشغل الإنسان نفسه بكيفيات الأمور المغيبات، بل المهمّ أن ينشغل بكيفية النجاة يوم القيامة.

الثاني: أن هذا الحوار هو جزء من عقوبة أهل النار، مزيداً من التقريع والإهانة والتوبيخ لهم ليزدادوا حسرةً وندامة، ويزداد المؤمنون إحساساً بنعمة الله عليهم. والله أعلم.

 د. عصام بن عبد المحسن الحميدان


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022