السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ما مناسبة الآية: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(239) بالآية: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242) فلماذا أحكام الطلاق بعد الأمر بالصلاة؟! وحبذا لو أرشدتموني إلى كتاب أجد فيه المناسبات..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال ابن كثير: وقوله: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ" أي: أقيموا صلاتكم كما أمرتم فأتموا ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها وخشوعها وهجودها "كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ" أي: مثل ما أنعم عليكم وهداكم للإيمان وعلمكم ما ينفعكم في الدنيا والآخرة، فقابلوه بالشكر والذكر. انتهى.
وأما علاقة الآيتين ببعضهما فهذا ما يسمى بعلم المناسبات بين الآيات أو بين السور وهو استنباط يجتهد فيه بعض المفسرين، وقد يهتدي لمناسبة وجيهة، وقد يكون بعضه متكلفاً ولذا أنكره آخرون، والخلاصة أن التكلف مذموم، والمناسبة لا يلزم وجودها دائماً، بمعنى أن المعنى قد يبدأ بمقطع جديد، لكن من اهتدى لمعنى وساقه على وجه الاحتمال فلا مانع منه كما قيل في المناسبة هنا بين دخول الأمر بالصلاة وأحكام الطلاق والعدة، لعله للتذكير بالصلاة لأن تلك الأحوال الأسرية قد تُشغل عنها.
قال البقاعي: ولما ذكرت أحكام النساء وتشعبت حتى ضاق فسيح العقل بانتشارها، وكاد أن يضيع في متسع مضمارها مع ما هناك من مظنة الميل بالعشق والنفرة بالبغض الحامل على الإحن والشغل بالأولاد وغير ذلك من فتن وبلايا ومحن يضيق عنها نطاق الحصر، ويكون بعضها مظنة للتهاون بالصلاة بل وبكل عبادة اقتضى الحال أن يقال: يا رب إن الإنسان ضعيف، وفي بعض ذلك له شاغل عن كل مهم، فهل بقي له سعة لعبادتك؟ فقيل: حافظوا.. انتهى.
وقد سألتَ عن كتاب في المناسبات فعليك بالمتخصصين في التفسير، ولكن يحضرني البقاعي الذي نقلت عنه في كتابه (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور)، وكذلك السيوطي وكتابه (تناسق الدرر في ترتيب السور) والله أعلم.
د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم