(إسماعيل عليه السّلام في كتب السّنة)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 172
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الآخرة 1444ه/ ديسمبر 2022م
ذكرنا فيما مضى قصة إبراهيم - عليه السّلام - مع ملك مصر ورجوعه، وقصته مع هاجر وإسكانها مكة المكرمة، وزيارته لهاجر وابنها كل شهر مرة، وتوكل هاجر على الله ووصية النبي صلّى الله عليه وسلّم بأهل مصر، وقصة هاجر مع زمزم، وبناء الكعبة المشرفة، ومشاركة إسماعيل والده في البناء، ومن الأحاديث الصحيحة المتعلقة بإسماعيل - عليه السّلام -:
أ- تعويذات إبراهيم عليه السّلام لولديه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام:
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُعوِّذُ حسَنًا وحُسينًا: "أُعيذُكما بكلماتِ اللهِ التَّامَّةِ مِن كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ومِن كلِّ عينٍ لامَّةٍ " ثمَّ يقولُ صلّى الله عليه وسلّم: " كان إبراهيمُ صلواتُ اللهِ عليه يُعوِّذُ به ابنَيْهِ إسماعيلَ وإسحاقَ" (1).
ب- مهارة إسماعيل عليه السّلام بالرماية:
من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على قوم من أسلم ينتضلون بالسّوق فقال: ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ، فإنَّ أَبَاكُمْ كانَ رَامِيًا ارْمُوا، وأَنَا مع بَنِي فُلَانٍ، قالَ: فأمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بأَيْدِيهِمْ، فَقالَ: ما لَكُمْ لا تَرْمُونَ؟، قالوا: كيفَ نَرْمِي وأَنْتَ معهُمْ؟ قالَ: ارْمُوا فأنَا معكُمْ كُلِّكُمْ(2).
ج- أول من نطق بالعربية المبينة إسماعيل عليه السّلام:
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو الحديث الطويل الذي سبق أن ذكرناه: .. فألقى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأُنس، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى كان بها أهل أبيات منهم، وشبّ الغلام وتعلم العربية منهم(3).
ومن حديث علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل، وهو ابن أربع عشرة سنة(4).
وقال ابن حجر في الفتح: تكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة، فيكون بعد تعلمه أصل العربية من جَرهم، ألهمه الله العربية الفصيحة المبينة، فنطق بها(5).
وقال الديلمي: أصل الفتق الشقّ، أي أنطق الله لسان إسماعيل - عليه السّلام - حتى تكلّم بها، وكان أول من نطق بها كذلك، وقال في المصباح: يقال العرب العاربة، هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان، وهو اللسان القديم، والعرب المستعربة هم الذين تكلموا بلسان إسماعيل بن إبراهيم - عليه السّلام - وهي لغة أهل الحجاز وما والاها(6).
د- كون كنانة من ولد إسماعيل:
من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إنَّ اللَّهَ اصطَفى من ولدِ إبراهيمَ بني إسماعيلَ، واصطفى كنانةَ من بني إسماعيلَ، واصطفى قُريشًا من كنانةَ، واصطفى بني هاشمٍ من قريشٍ، واصطفاني من بني هاشمٍ(7).
نفي الاستسقام بالأزلام عن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام:
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم لَمَّا قَدِمَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ البَيْتَ وفيهِ الآلِهَةُ، فأمَرَ بهَا فَأُخْرِجَتْ، فأخْرَجُوا صُورَةَ إبْرَاهِيمَ، وإسْمَاعِيلَ في أَيْدِيهِما الأزْلَامُ، فَقالَ صلّى الله عليه وسلّم: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ، أَما واللَّهِ لقَدْ عَلِمُوا أنَّهُما لَمْ يَسْتَقْسِما بهَا قَطُّ. فَدَخَلَ البَيْتَ، فَكَبَّرَ في نَوَاحِيهِ، ولَمْ يُصَلِّ فِيهِ(8).
وقد تكرر اسم إسماعيل - عليه السّلام - في القرآن الكريم مع أبيه إبراهيم - عليه السّلام - كما مرّ معنا، ثم ذكر منفرداً ومع أبيه والأنبياء الآخرين في (212) آية، وتكرر اسمه وقصته وفضائله ومناقبه في الأحاديث الشريفة كثيراً(9).
مراجع الحلقة الثانية والسبعون بعد المائة:
(1) صحيح ابن حبّان، رقم (1012).
(2) صحيح البخاري، رقم (2899)، الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إبراهيم محمد العلي، ص72.
(3) الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إبراهيم محمد العلي، ص72.
(4) صحيح الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير، الألباني، رقم (2581).
(5) فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، (6/403).
(6) فيض القدير شرح الجامع الصغير، محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي المناوي، (3/92-93).
(7) مجموع الفتاوى، ابن تيمية، (27/472).
(8) صحيح البخاري، رقم (1601).
(9) شرعة الله للأنبياء، محمد مصطفى الزحيلي، ص201
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
