(من هو الذبيح؟)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 170
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الآخرة 1444ه/ ديسمبر 2022م
لا شكّ أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السّلام - وأقوال العلماء في ذلك كثيرة منها:
أ- يُستدل على أن الذبيح إسماعيل - عليه السّلام - بقول الأعرابي للنبي صلّى الله عليه وسلّم: يا ابن الذبيحين، وبقوله صلّى الله عليه وسلّم: "أنا ابن الذبيحين"، يعني إسماعيل وعبد الله أباه.
ب- يقول الإمام أحمد بن حنبل: الصحيح أنّ الذبيح إسماعيل - عليه السّلام -، وعليه جمهور العلماء من السّلف والخلف.
ج- يذكر ابن تيمية أن الذي يجب القطع به أنّه إسماعيل، وأنه هو الذي عليه الكتاب والسنة والدلائل المشهورة، ويذكر في موضع آخر أن الذبيح هو إسماعيل - عليه السّلام - على أصح القولين للعلماء، وقول أكثرهم كما دلّ عليه الكتاب والسنة.
د- ينهض القرآن الكريم بمجموع آياته الواردة في هذه القصة وتسلسلها ودلالتها؛ ليكون حجة كافية، واستدلالاً قوياً للقول بأنّ الذبيح هو إسماعيل، ويؤيّد ذلك الأحاديث النبوية، وبعض أخبار أهل الكتاب، فهذا القدر من الأدلة يكفي للقول على سبيل القطع بأن الذبيح هو إسماعيل- عليه السّلام - أو كما يقول عنه الحافظ بن كثير هو القول الصحيح المقطوع به.
ه- يذكر الإمام ابن القيم إنّ القول بأن الذبيح إسحاق باطل بأكثر من عشرين وجهاً، وأن إسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين من بعدهم.
و- قال البقاعي: وهذا الولد هو إسماعيل - عليه السّلام - بلا شكَّ لوجوه؛ منها وصفه بالحليم، ووصف إسحاق بالعليم في سورة الحجر، ومنها: أن هذا الدعاء عند الهجرة، حيث كان شاباً يرجو الولد، وهو إسماعيل الذي ولد له بهذه البشرى، وهو الذي كان بمكة موضع الذبح، فجعلت أفعاله في ذبحه مناسك للحج في مِنى، كما جعلت أفعال أمه في مكة المشرفة أول أمره، عندما أشرف على الموت من العطش مناسك ومعالم هناك، وأما إسحاق فأتته البشرى فجأة وهو لا يرجو الولد لكبره ويأس امرأته، ولذلك راجع في أمره، ولم ينقل أنه فارق أمه من بيت المقدس.
ز- وقال أبو السعود في ترجيح هذا القول: والأظهر الأشهر أن المخاطب إسماعيل - عليه السّلام - إذ هو الذي وهب إثر المهاجرة، ولأن البشارة بإسحاق بعده معطوف على البشارة بهذا الغلام.
ح- إنَّ ترجيح القول بأن الذبيح إسماعيل - عليه السّلام - لا يلزم منه نقص أخيه إسحاق - عليه السّلام -، فإن الله تعالى أثنى عليه بالعلم والنبوّة والبركة، وأنه من المصطفين الأخيار، وأن الله تعالى خصّه بخالصة ذكرى الدار، قال تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)} ]ص:45-47[.
مراجع الحلقة السبعون بعد المائة:
( ) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (تفسير ابن عطية)، (5/422).
(2) تفسير الخطيب الشربيني المسمى "السراج المنير في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الحكيم الخبير"، الخطيب الشربيني، (3/386).
(3) قصة الذبيح عند أهل الكتاب والمسلمين عرض ونقد، د. فتحي محمد الزغبي، ص200.
(4) المرجع نفسه، ص200.
(5) زاد المعاد في هدى خير العباد، ابن قيم الجوزية، (1/71).
(6) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، البقاعي، (7/179).
(7) تفسير أبي السعود "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم"، (7/200).
( حديث القرآن عن إسماعيل وإسحاق عليهما السلام، د. سليمان إبراهيم الحصين، ص525.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي