(حضانة الأم لولدها من خلال قصة ابراهيم عليه السلام)
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 163
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الأولى 1444ه/ ديسمبر 2022م
ترك إبراهيم زوجته هاجر وابنها إسماعيل - عليهم السّلام - في حضانتها واستغربت ذلك منه، وسألته عدة مرات فلم يُجب، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: فاذهب، فإن الله لن يضيّعنا (1).
بقي إسماعيل - عليه السّلام - في رعاية أمه وحضانتها لتقوم بجميع شؤونه، وتُؤمّن له الطعام والشراب واللباس والمأوى، ونهضت بهذه المهمة الجليلة لحفظه وهو صغير وهو لا يستقل بأمر نفسه، مع تربيته بما يصلحه ووقايته مما يؤذيه، ولأنَّ الإنسان أكثر المخلوقات حاجة في صغره إلى رعاية غيره وكفالته لأطول مدة بين المخلوقات؛ لأنه يهلك بتركها ويتضرر عند التقصير بها، فوجب حفظه من المهالك، ولذلك خلق الله تعالى غريزة الأمومة وفطر عطف الوالدين، وخاصة الأم على الوليد حتى يكبر، وجعله الله تعالى فريضة على الوالدين، كما أن حضانة الأم لولدها في الصغر أكثر أهمية وضرورة، ولذلك أوجب الله تعالى على الوالدة الرضاعة وما يتعلق بها، قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ]البقرة:233[.
إنَّ حضانة الأم لولدها رافق البشرية منذ مهدها، وسيبقى معها إلى آخرها، وأقرّته جميع الشرائع والأنظمة والقوانين إلا الشرائع المادية البحتة التي تخلّت عن الإنسانية؛ كالشيوعية، فإنها نزعت الأطفال من أمهاتهم، ولذلك تحتّم انقراضها، بل إنَّ القوانين والأنظمة اليوم تمنح الأمة إجازة دائمة أو منقطعة لحضانة أولادها، لينعموا بالعطف والحنان وحسن الرعاية والعناية، وهذا ما بدأ مع حواء وأولادها، ثم هاجر وابنها إسماعيل، وسارة وابنها إسحاق، وسائر البشرية، وهذا أحد الأسباب في منح الأم الأفضلية والمكانة العليا في الحياة (2).
مراجع الحلقة الثالثة والستون بعد المائة:
(1) صحيح البخاري، رقم (3185).
(2) شرعة الله للأنبياء، محمد مصطفى الزحيلي، ص149.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/27