من كتاب الدولة الأموية: خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
(أشهر ولاة المدينة المنورة في عهد معاوية رضي الله عنه)
الحلقة: الثامنة والأربعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
صفر 1442 ه/ أكتوبر 2020
تعتبر المدينة من أهم الولايات؛ للنفوذ الروحي والديني على الدولة الأموية بسبب وجود الصحابة وأبنائهم من المهاجرين والأنصار، ولا تكاد تنعقد البيعة إن لم يبايع أهل المدينة؛ إذ فيها عدد من أهل الحل والعقد ، ومن يطيعهم الناس ويسيرون برأيهم، وقد دخلت المدينة في سلطان معاوية رضي الله عنه بعد عام الجماعة سنة 41هـ ، وقد حرص معاوية على زيارتها منذ بيعته ، فقدم المدينة وتلقته رجال من وجوه قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعزّ نصرك وأعلى أمرك ، فما رَدَّ عليهم جواباً حتى دخل المدينة ، فقصد المسجد، وعلا المنبر، فحمد الله وأثنى عليه فقال: ... ولقد رمت نفسي على عمل ابن أبي قحافة فلم أجدها تقوم بذلك ولا تقدر عليه، وأردتها على عمل ابن الخطاب ، فكانت أشد نفوراً وأعظم هرباً من ذلك ، وحاولتها على مثل سنيّان عثمان ، فأبت عليَّ، وأين مثل هؤلاء ومن يقدر على أعمالهم ؟! هيهات أن يدرك فضلهم أحد ممن بعدهم.. غير أني سلكت بها طريقاً لي منفعة ولكم فيه مثل ذلك ، ولكم فيه مؤاكلة حسنة ومشاربة جميلة ، ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة ، فإن لم تجدوني خيركم ، فأنا خير لكم ، والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه ، ومهما تقدم مما قد علمتموه قد جعلته دُبر أذني ، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله ، فارضوا مني ببعضه ، وإياكم والفتنة ، فلا تهموا بها ، فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة.
ونلاحظ في هذه الخطبة حرص معاوية رضي الله عنه على أن يكسب ودهم ويحافظ على عهده لهم ، ما حافظوا على بيعتهم له.
وقد هدأت المدينة بعد بيعة معاوية وأخلدت إلى السكينة ، وانصرف أهلها إلى أعمالهم وانقطع أهل العلم إلى رواية ما حفظوه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأغدق معاوية الأموال على سراة الناس لاستمالتهم، وكان كرم هؤلاء يسع الكثير من أهل المدينة، وكان معاوية عند عهده لأهل المدينة وفياً بالسياسة التي رسمها في خطبته عند زيارة المدينة، وكان يقدم من الترغيب أكثر مما يعلن من الترهيب، وكان إكرامه لرجالات المدينة إكراماً يفوق كل وصف، وما قصده أحد في طلب إلا أعطاه؛ لقد كان يخص وجهاء القوم ، ولكن هؤلاء كانوا موزعين لعطايا معاوية، كلما كثرت عطايا معاوية كثر إنفاقهم على أهل المدينة ، فقد روي أن معاوية قضى عن عائشة أم المؤمنين ثمانية عشر ألف دينار ، وممَّا كان عليها من الدَّين الذي كانت تعطيه الناس ، وبعث معاوية إلى أم المؤمنين عائشة بمئة ألف ، ففرقتها من يومها ، فلم يبق منها درهم ، فقالت لها خادمتها: لو اشتريت لنا من ذلك بدرهم لحماً؟ فقالت: ألا ذكّرتني. وأما ولاة المدينة فهم:
1 ـ مروان بن الحكم (42 ـ 49 هـ):
في عام 42 هـ ولى معاوية مروان بن الحكم المدينة ، فاستقضى مروان عبد الله بن الحارث بن نوفل.
2 ـ ولاية سعيد بن العاص رضي الله عنه (49 ـ 54 هـ):
في سنة 49 هـ عزل معاوية مروان بن الحكم عن المدينة في شهر ربيع الأول ، وأمَّر فيها سعيد بن العاص على المدينة في شهر ربيع الاخر، وقيل: في شهر ربيع الأول.
3 ـ ولاية مروان بن الحكم الثانية (54 ـ 57 هـ):
في عام 54 هـ عزل معاوية سعيد بن العاص عن المدينة ، واستعمل عليها مروان بن الحكم.
4 ـ ولاية الوليد بن عتبة بن أبي سفيان (57 هـ ...):
استعمل معاوية على المدينة حين صرف عنها مروان: الوليد بن عتيبة بن أبي سفيان، وكان ذلك عام 57 هـ.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf