*تأملات في الآية الكريمة:*
*{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا…}*
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 131
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1444ه / نوفمبر 2022م
1. {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا}:
{إِنَّمَا} أداة قصر، أي: أن كل ما تعبدون من دون الله هو وثن، والوثن لا ينفع ولا يضرّ(1)، وهو ما وضع للتقديس من حجر، أياً كان نوعه، حجر جيري، أو جرانيت أو مرمر أو كان من معدن، ذهب أو فضة أو نحاس.. إلخ، أو من خشب، وقد كان البعض منهم يصنعه من "العجوة"، فإن جاع أكله وقد حَكَى هذا على سبيل التعجّب سيدنا عمر رضي الله عنه، وبأيِّ عقل أو منطق أنْ تذهب إلى الجبل وتستحسن منه حجراً فتنحته على صورة معينة، ثم تتخذه إلهاً تعبده من دون الله، وهو صَنْعة يدك، وإنْ أطاحتْ به الريح أقمتَه، وإنْ كسرته رُحْت تُصلح ما تكسَّر منه وتُرمِّمه، فأيُّ عقل يمكن أن يقبل هذا العمل؟ (2).
2. {...وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}:
إنَّ كل ما تعبدونه من دون الله هي أوثان لا تنفع ولا تضرّ، وأما التعليلات والتفسيرات والتمهيدات والتحليلات، فهذه كلها كذب في كذب وإفك في إفك، والإفك هو تعمد الكذب الذي يقلب الحقائق(3).
ويقول إبراهيم - عليه السّلام -: أنتم تتحدثون عن هذه الأصنام وكأنها شيء له فعل وعمل، يمنح ويمنع، يغضب ويرضى، وتحيطون هذه الأوثان بهالة من القدسية، وتوهمون الناس أنّها مقدسة وتفترون على الله تعالى الكذب، فهذا كلّه كلام لا أصل له، إنّه اختلاف وافتراء ليس له معنى، والواقع لا يؤكده إذ هذا الذي تعبدونه صنماً لا ينفع ولا يضرّ، وهذا الكلام الذي تتعللون به كلام كاذب، والدليل أن هذه الأصنام {لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا}(4).
3. {...إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا}
وفي موضع آخر بيّن لهم إبراهيم - عليه السّلام - أنهم يعبدون آلهة لا تضرُّ ولا تنفع، وهنا يذكر مسألة مهمة في استبقاء الحياة للإنسان بالقوت الذي نسميه الرزق، فهذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا تملك لكم رزقاً، ولو امتنع عنكم المطر وأجدبت الأرض لمُتّم من الجوع. إذن: كان عليكم أن تتأملوا: من أين تأتي مقومات حياتكم، ومن صاحب الفضل فيها، فتتوجهون إليه بالعبادة والطاعة(5).
مراجع الحلقة الواحدة والثلاثون بعد المائة:
(1) تفسير النابلسي "تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة" (9/201).
(2) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (18/11108).
(3) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (18/11108)، تفسير النابلسي "تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة"، (9/201).
(4) تفسير النابلسي "تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة"، (9/201).
(5) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (18/11109).
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي