(في مسألة إمامة الصبي والمرأة)
اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)
الحلقة: الثالثة والأربعون
جمادى الأول 1444ه/ نوفمبر 2022م
إمامة الصبي:
ويصحُّ أن يكون الصبي المميِّز إمامًا إذا تميَّز بحفظ القرآن، أو الفقه في الدين، لحديث عمرو بن سلمة: أن قومه قدَّموه وهو ابن ست سنين- أو سبع سنين- لأنه كان أكثرهم قرآنًا.
وتصحُّ إمامته في الفرض والنفل.
ومما أذكره: أنَّ أهل قريتي «صفط تراب» حفظها الله وأهلها كانوا يقدِّمونني في كثير من الأحيان لأصلي بهم إمامًا، بعد أن ختمتُ القرآن، وكنت وقتها- على ما أذكر- قد جاوزت اثني عشر عامًا بقليل، وكان حفظي جيدًا، وصوتي حسنًا، والحمد لله.
إمامة النساء:
يجوز للمرأة أن تؤمَّ النساء، فعن عائشة رضي الله عنها، أنها أمَّت النساء في صلاة المغرب، فقامت وسطهنَّ وجهرت بالقراءة. وأمَّت أمّ سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها نساء وقامت وسطهن. وكان ابن عمر رضي الله عنه يأمر جارية له أن تؤمَّ نساءه في رمضان.
ولا يجوز أن تؤمَّ المرأة الرِّجال، فلم يرد به كتاب ولا سنة، وهو مخالف للوضع التنظيمي لصلاة الجماعة، حيث تكون صفوف الرجال أولًا، وصفوف النساء بعدها. حتى لا يرى الرّجل المرأة أمامه في حال ركوعها وسجودها، وهو وضع قد يثير غرائز بعض الرِّجال، والمسجد للتطهر والتعبد لله، والاعتصام به، لا مجال فيه للتطلعات الغريزية، والتعلقات الشهوية. ولذا أنكرنا على من فعلت ذلك في أمريكا.
موقف المرأة في إمامتها للنساء في الصلاة:
وإذا أمَّت المرأة امرأة: قامت المرأة المأمومة عن يمينها كالرجل المأموم مع الرجل الإمام، وإذا أمَّت المرأة جمعًا من النساء وقفت وسط الصف بين النساء، وبهذا جاءت الرواية عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، وعن ابن عباس قال: تؤمُّ المرأةُ النساء، وتقوم وسطهنَّ، وبهذا قال الفقهاء ولا خلاف فيه، كما قال ابن قدامة: «ولأن المرأة يستحبُّ لها التستُّر، وكونها في وسط الصف أستر لها؛ لأنها تُستَر بهن من جانبها، فإن صلَّت بين أيديهنَّ، احتمل أن يصحَّ؛ لأنه موقفٌ في الجملة، ولهذا كان موقفًا للرجل، واحتمل أن لا يصحَّ؛ لأنها خالفت موقفها أشبه ما لو خالف الرجل موقفه».
جهر المرأة إذا أمت النساء وإسرارها:
وللمرأة في إمامتها للنساء أن تجهر في صلاة الجهر، ولكن إذا كان هناك رجال أجانب يسمعون قراءتها فلا تجهر، إلا إذا كان الرجال من محارمها، فإنها تجهر بقراءتها، وهذا عند الحنابلة، وهو مذهب الشافعي، فقد قال الإمام النووي: «وأما المرأة فقال أكثر أصحابنا [أي الشافعية]: إن كانت تصلي خالية، أو بحضرة نساء، أو رجال محارم، جهرت بالقراءة، سواء صلَّت منفردة أو بنسوة، وإن صلَّت بحضرة أجنبي أسَرَّت... وهذا هو المذهب».
وقال الظاهرية: «يباح للمرأة الجهر بقراءتها في الصلاة الجهرية؛ لأن سماع كلامها مباح للرجال، ولم يأتِ نصٌّ بكراهة ذلك».
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) صص100-101