الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(بلاد الشام من منارات التوحيد)

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 230

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شعبان 1444ه/ مارس 2023م

 

شاء الله تعالى بعد أن هاجر إبراهيم عليه السلام أن يقيم منارة من منارات التوحيد في بلاد الشام، وورث إسحاق النبوة عن إبراهيم ومن بعد إسحاق جاء يعقوب، وهكذا إلى أن جاء سليمان عليه السلام.

أما في مكة المكرمة، فلقد جاء إبراهيم- عليه السّلام - بهاجر، وشاء الله أن تكون هاجر أمّاً للعرب، وأرسل الله إسماعيل - عليه السّلام - إلى عرب الحجاز واليمن، فدعاهم إلى التوحيد وإفراد الله بالعبادة، فاستجابوا له ولم تنقطع آثار هذه الدعوة حتى بعث الله خاتم الأنبياء والمرسلين الذي كان من نسل إسماعيل عليهم أفضل الصلاة والتسليم.

وإذن، فلقد توحدت بلاد الشام ممثلة بإسحاق مع شبه الجزيرة العربية ممثلة بإسماعيل، وكان إبراهيم الخليل رائد هذه الوحدة الكريمة وأراد الله لخليله أن يكون له بيتان: أحدهما في القدس، والآخر في مكة، وكان إبراهيم - عليه السّلام - يتنقل بين هذين البيتين، وفي ذلك دليل واضح على أن هذه المنطقة كيان واحد، وشاء الله تعالى أن يكون إسراء محمد صلّى الله عليه وسلّم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس، وهناك يصلي بأنبياء الله ورسله إماماً ثم يعرج إلى السماء، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ]الإسراء:1[.

لو أراد الله لكان عروج رسول الله من مكة وليس من المسجد الأقصى، ولكنّه جلّ وعلا شاء أن يكون الإسراء بين مكة والقدس، والعروج من القدس، وفي هذا دليل على ارتباط القدس بمكة، وقد أدرك أصحاب رسول الله هذه الحقيقة فسارعوا إلى فتح بلاد الشام وطهّروا الأقصى من وثنيات الرومان، وحاول أعداء الله احتلال القدس مرات ومرات، لكن هذه المحاولات تحطمت أمام صمود المسلمين وقوة بأسهم (1).

قال صاحب خطط الشام: أدرك العالم كله منذ القديم أهمية موقع بلاد الشام، فكانت هدفاً للغزاة الفاتحين، جاءها الفراعنة من البر والبحر، والبابليون والفرس من الشرق والشمال، وغازان وهولاكو وتيمور لنك من الشرق، ونابليون من الجنوب ومن الغرب بحراً، وإبراهيم باشا المصري براً وبحراً أي من الغرب والجنوب الغربي، وجيوش الحلفاء من الانجليز والفرنسيين والعرب - يعني الكاتب بالعرب جنود فيصل بن حسين- من الجنوب والغرب، ورأت الشام طلعة عمر بن الخطاب، وأبي عبيدة الجراح، وخالد بن الوليد، وموسى بن نصير، ونور الدين زنكي، وصلاح الدين الأيوبي، والسلطان سليم من الفاتحين، وعمرو بن عبد العزيز، وابن تيمية من المجدّدين، وبختنصر، وهولاكو، وجنكيز، وغازان، وتيمور لنك من المخرّبين (2).

إن بلاد الشام مهبط للوحي وموئل للأنبياء ومقر للخليل إبراهيم - عليه السّلام - وابنه إسحاق وأحفاده من الأنبياء عليهم السّلام، وقد باركهم الله من فوق سبع سماوات.

 

مراجع الحلقة الثلاثون بعد المائتين:

(1) منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، محمد سرور بن نايف زين العابدين، ص 179.

(2) خطط الشام، محمد كرد علي، (1/12-16)؛ منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، محمد سرور بن نايف زين العابدين، ص 179.

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022