الثلاثاء

1446-11-01

|

2025-4-29

(في معنى اسم الربّ)

الحلقة: 39

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

محرم 1445ه/ أغسطس 2023م

 

والربّ هو المربي جميعّ عباده بالتدبير وأصناف النعم، وأخصُّ من هذا: تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم، ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل لأنهم يطلبون منه التربية الخاصة. وهذا واضح وجلي فيما ذكره الله تعالى في كتابه الكريم عن أنبيائه عليهم الصلاة والسلام وأوليائه الصالحين حيث صدّروا دعاءهم بهذا الاسم الكريم، ومن ذلك:

- دعاء الأبوين عليهم السلام بقولهما: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: 23].

- دعاء نوح عليه السلام ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا﴾ [نوح: 28].

- دعاء يوسف عليه السلام: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: 33]. وهكذا مع الأنبياء وكذلك الصالحين في القرآن الكريم.

إنّ حديث المولى تعالى في قصّة يوسف عليه السلام عن اسم (الربّ) هي دعوة للتأمل في هذا الاسم العظيم وآثاره في خلقه. إنّ ربوبيته سبحانه إنّما تتحقق بكونه فعالاً مدبراً، متصرفاً في خلقه بعلم وقدرة وأنه يريد ويسمع ويبصر وذلك هو حقيقة الألوهية.

إنّ الربّ هو القادر الخالق، البارئ، المصور، الحي، القيوم، المعطي، المانع، الضار، النافع، المقدم، المؤخر، الّذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي من يشاء، ويعز من يشاء، ويذلّ من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته الّتي له منها ما يستحقّه من الأسماء الحسنى.

- ومن معاني الربوبيّة، اختصاصه سبحانه بجلب المنافع ودفع المضار، وتفريج الكروب، وقضاء الحاجات، فإن العباد –بما أودع الله في فطرهم من معرفة ربهم بهذه الصفات-يلجؤون إلى ربهم ويتضرعون إليه في الشدائد والملمّات، وينفضون أيديهم من كلّ ما سوى الله عزّ وجلّ، وكلما عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته أثّر هذا في دعائه وقوة رجائه ولجوئه وتضرّعه لربه سبحانه، والوثوق بكفايته سبحانه، وقدرته على قضاء حوائج عباده،(1) ولذلك سنرى في دعاء يوسف عليه السلام: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ﴾ [يوسف: 33]. وقوله: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101].

 

مراجع الحلقة التاسعة والثلاثون:

بدائع الفوائد، ابن قيم الجوزية، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 14319ه، (2/212).

 

يمكنكم تحميل كتاب النبي الوزير يوسف الصديق عليه السلام

من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/668


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022