الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

(أبو جعفر الباقر من أهم شيوخ زيد بن علي)


من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

الحلقة: 216

بقلم: د. علي محمد الصلابي

رمضان 1442 ه/ أبريل 2021

ومن شيوخ زيد بن علي أخوه محمد بن علي المعروف بالباقر، وسمي بالباقر لأنه تبقر العلم وتوسع فيه، وقد أخذ الباقر العلم عن كثير من الصحابة والتابعين وروى عنهم، فقد روى عن أبيه علي بن الحسين، وعن ابن عمر، وجابر، وأبي سعيد، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن المسيب، وأبيه زين العابدين، ومحمد ابن الحنفية، وطائفة.
ولد محمد الباقر سنة ست وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة ، وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدُد والشرف والثقة والرَّزانة، وكان أهلاً للخلافة، وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تبجلهم الشيعة الإمامية وتقول بعصمتهم وبمعرفتهم بجميع الدين، فلا عصمة إلا للملائكة والنبيّين، وكل أحد يصيب ويخطئ ويُؤخذ من قوله ويترك سوى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم، مؤيد بالوحي.
ولقد كان أبو جعفر إماماً، مجتهداً، تالياً لكتاب الله، كبير الشأن، ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه، ولا في الفقه درجة أبي الزناد وربيعة، ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب، فلا نحابيه، ولا نحيف عليه، ونحبه في الله لما تجمع فيه من صفات الكمال .
وكان من المدافعين عن أبي بكر وعمر والصحابة، قال ابن فُضَيل، عن سالم بن أبي حفصة، قال: سألت أبا جعفر، وابنه جعفراً، عن أبي بكر وعُمرَ، فقالا لي: يا سالم، تولّهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى. علق الذهبي على هذا الأثر فقال: كان سالم فيه تشيع ظاهر، ومع هذا فَيُبثُّ هذا القول الحقّ، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل، وكذلك ناقلها ابن فُضيل، شيعي ثقة. فعثَّر الله شيعة زماننا ما أغرقهم في الجهل والكذب، فينالون من الشيخين وزيري المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التقية.
وعن بسَّام الصَّيرفيّ، قال: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر، فقال: والله إني لأتولاَّهما، وأستغفر لهما، وما أدركت أحداً من أهل بيتي إلا وهو يتولاَّهما.
وعن جابر الجعفي عن محمد بن علي، قال: أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول. قال الذهبي: وأم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق هي صاحبة أبي جعفر الباقر وأم ولده جعفر الصادق.
وعن عروة بن عبد الله، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف فقال: لا بأس به، قد حلّى أبو
بكر الصّديق سيفه، قلت: وتقول: الصديق؟! فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال: نعم الصّدّيق، نعم الصّدّيق؛ فمن لم يقل الصّدّيق فلا صدق الله له قولاً في الدنيا والآخرة.
وقال جابـر الجعفي: قال لي محمد بـن علي: يا جابر؛ بلغني أن قوماً بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولـون أبـا بكر وعمر، ويزعمون أني أمرتهم بذلـك، فأبلغهم عنـي أني إلى الله منهم بريء، والذي نفسي محمد بيده ـ يعني نفسه ـ لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم إن لم أكن أستغفر لهما وأترحم عليهما، إن أعداء الله لغافلون عن فضلهما وسابقتهما، فأبلغهم أني بريء منهم وممن تبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وعن عبد الملك بن أبي سليمان: قلت لمحمد بن علي: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55]. قال: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: إنهم يقولون: هو علي. قال: علي منهم. فهذا كلام جليل من الإمام أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين في الاعتراف بالفضل لأهل الفضل، والكلام في إثبات عدالة الصحابة رضي الله عنهم وبيان فضلهم يعتبر من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها فاعلها، وخاصة إذا صدر ذلك من علماء آل البيت؛ حيث نسب إليهم المبطلون كلاماً في التنقيص من قدر الصحابة هم منه براء.

ـ من أقواله:

له كلام نافع في الحكم والمواعظ؛ منه: أهل التقوى أيسر أهل الدُّنيا مؤونة وأكثرهم معونة، إن نسيت ذكَّروك، وإن ذكرت أعانوك، قوَّالين بحق الله، قوَّامين بأمر الله. ومنه: أنزل الدنيا كمنزل نزلته وارتحلت عنه، أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت وليس معك منه شيء. وقال: اذكروا من عظمة الله ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئاً إلا وهي أعظم منه، واذكروا من النار ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئاً إلا وهي أشدُّ منه، واذكروا من الجنة ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئاً إلا وهي أفضل. وقال في الكِبْر: ما دخل قلب امرئ من الكِبْر شيء إلا نقص من عقله مقدار ذلك. وقال: الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن، ولا تصيب الذاكر. وقال: سلاح اللئام قبح الكلام.

ـ وفـاتـه:

مات أبو جعفر محمد الباقر سنة أربع ومئة بالمدينة، وقيل: توفي سنة سبع عشرة ومئة، وهو هاشمي من جهة أبيه وأمه، فأمه هي أم عبد الله بنت الحسن بن علي.




يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022