الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

تأملات في الآية الكريمة

﴿قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾

الحلقة: 53

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

 

- ﴿قال إني ليحزنني أن تذهبوا به﴾: أي: إنَّ ذهابكم به يُدخل عليّ حزناً، فأنا شديد المحبة له، لا صبر لي على مفارقته، ولو لبعض يوم، وشدة المحبة تؤدّي إلى مشاعر الخوف والقلق على المحبوب.(1)

- ﴿وأخاف أن يأكله الذئب﴾: فقد كانت أرضهم كثيرة الذئاب، وكان يوسف عليه السلام صغيراً لا يستطيع الامتناع منها بنفسه.

- ﴿وأنتم عنه غافلون﴾ أي: وأنتم عنه في غفلة وانشغال.(2)

جمع يعقوب عليه السلام في هذه الآية بين الخوف والحزن وهو ما يعبر عن مكنونات النفس البشريّة. والحزن له تأثير سلبيّ على النفس البشريّة ويساهم في إضراراه، وهو يتولد من مكروه ما ضي أو حاضر. والخوف كذلك له تأثير سلبيّ على الإنسان وهو يتولّد من مكروه مستقبلي، فإذا اجتمعا على شخص ما، تنغصت حياته ولم ينتفع بعيشه (3)إلّا إذا التجأ إلى الله عزّ وجلّ.

إنّ يعقوب عليه السلام عمل على إبقاء الثقة بينه وبين أولاده، واعتذر عن دعوتهم لأخيهم بعذرين: الحزن على يوسف وذهابه من عنده. ثانياً: بخوفه أن يأكله الذئب في ساعة غفلة منهم. وتأمل الحكمة وأسلوب التربية العظيمة، فإنّه ليس من الحكمة أن يهدم جسر الثقة بينه وبين أبنائه، فيعقوب عليه السلام يعلم منهم يقيناً ما هم عليه من سوء طويّة، لكنّه لا يفاتحهم بذلك حرصاً على بقاء خيط الحياء في نفوس الأبناء موصولاً، فإذا انقطع تجرأوا على المعصية أكثر. فلينتبه الآباء والأمّهات والمدرّسون إلى هذه النقطة: أن انقطاع حبل الحياء بين الكبير والصغير يجعل الحياة لا تطاق. (4)

مراجع الحلقة الثالثة والخمسون:

التفسير الموضوعي، (4/141).

2 المصدر السابق نفسه، (4/141).

3 عجائب فريدة من سورة يوسف، عادل أكتوف، ص 90.

4 سورة يوسف، أحمد نوفل، ص 309.

 

يمكنكم تحميل كتاب النبي الوزير يوسف الصديق عليه السلام

من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/668


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022