الخميس

1446-10-26

|

2025-4-24

في مسألة الجذور التاريخية للعباسيين

من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

الحلقة: 245
بقلم: د. علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1442 ه/ يونيو 2021

1 ـ العباس بن عبد المطلب بن هشام:
ينتسب العباسيون إلى العباس بن عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشي ، وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أسنّ من الرسول بثلاث سنين ، وكان من أكبر رجال بني هاشم مكانة ، وأكثرهم مالاً في الجاهلية ، فقلَّدوه قيادتهم ، فكان رئيسهم المُطاع فيهم ـ بعد وفاة أبي طالب ـ المتولّي لأمورهم ، وكانت إليه السِّقاية والرِّفادة وعمارة المسجد الحرام ، فإنه كان لا يدع أحداً يسبُّ في المسجد ولا يقول فيه هُجْراً ، يحملهم على عمارته في الخير ، لا يستطيعون لذلك امتناعاً ، لأنَّ ملأ قريش كانوا قد اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك ، فكانوا له أعواناً عليه ، وأسلموا ذلك إليه.
وقد حضر بيعة العقبة مع الأنصار قبل أن يسلم ، وشهد بدراً مع المشركين مكرهاً ، فأسر فافتدى نفسه ورجع إلى مكة ، ثم أسلم وكتم إسلامه ، ثم هاجر إلى المدينة قبل الفتح بقليل ، وشهد فتح مكة ، وثبت يوم حنين مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجله ويقدره ، وقد كانت وفاته بالمدينة في رجب سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة ، ودُفن بالبقيع رضي الله عنه.
_خ الأحاديث التي وردت في فضله ومناقبه:
أ ـ ما رواه الترمذي وغيره عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العباس مني وأنا منه».
ب ـ ما رواه مسلم بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة ، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيراً ، فأغناه الله ، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً ، فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله ، وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها» ثم قال: «يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه».
جـ ومن مناقبه رضي الله عنه: ثباته وشجاعته يوم حنين ، فقد روي: أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم نفارقه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء ، فلمّا التقى المسلمون والكفار ، وَلَّى المسلمون مدبرين ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض ببغلته قِبل الكفار ، قال العباس: وأنا اخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكُفُّها إرادة ألا تسرع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي عباس؛ نادِ أصحاب السَّمُرة». فقال العباس ـ وكان رجلاً صَيّتاً ـ: فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السَّمُرة؟ ، قال: فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا: يا لبيك يا لبيك ! قال: فاقتتلوا والكفّار ، والدعوةُ في الأنصار ، يقولون: يا معشر الأنصار ! يا معشر الأنصار... فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا حين حَميَ الوطيس».
د ـ ومما يدل على فضله رضي الله عنه ومكانته من النبي صلى الله عليه وسلم توسل عمر رضي الله عنه بدعائه: فقد جاء في صحيح البخاري عن أنس: أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب ، فقال: اللهمّ إنّا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال: فيُسقون. فالعباس بن عبد المطلب جد الخلفاء العباسيين وله ينتسبون.
2 ـ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين ، وهو حبر الأمة وترجمان القران ، وكان يقال له: الحبر والبحر؛ لاتساع علمه وكثرة فهمه وكمال عقله وسعة فضله ، ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ، ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعا له صلى الله عليه وسلم بالفقه في الدين وعلم التأويل ، وكان عمر رضي الله عنه يجله ويكرمه ، وقد شهد رضي الله عنه مع علي الجمل وصفين ، وكف بصره في اخر عمره ، فسكن الطائف ، وكانت وفاته سنة ثمانٍ وستين ، فرضي الله عنه.
وقد وردت في بيان فضائله أحاديث كثيرة؛ منها: ما رواه البخاري بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء فوضعت له وضوءاً ، قال: من صنع هذا؟ فأخبر فقال: اللهم فقهه في الدين. وقد ترجمت له في كتابي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ترجمة مستفيضة.
وقد استفاد العباسيون من انتسابهم إلى جدهم عبد الله بن عباس ، فقد سار محمد بن علي العباسي زعيم الدعوة العباسية على فقه جده الحركي ، وتتلمذ على معالم مدرسته كما سيأتي بيانه وتفصيله بإذن الله تعالى.


يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022