محمد بن علي بن عبد الله بن العباس
من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):
الحلقة: 247
بقلم: د. علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1442 ه/ يونيو 2021
كان محمد بن علي بن عبد الله بن العباس المتوفّى سنـة خمس وعشرين ومئـة ، أنبه إخوته وأفضلهم ، وهو الـذي رسَّخ قواعد الدعوة لبني العباس ، وشيَّد أركانها ، ورفع بنيانها ، فقد تشمَّر لتوطيدها وبثها ، فوضع أنظمتها وشعاراتها ، وأنشأ مجالسها واختار قادتها ، ومكّن لها في الكوفة وخراسان ، وشحذ عزائم أنصارها وهيَّأهم ليوم إعلان الثورة وتفجيرها ، وكان من أجل الناس وأعظمهم قدراً ، وكان بينه وبين أبيه أربع عشرة سنة ، وكان علي يخضب بالسَّواد ومحمـد بالحُمرة ، فيظن من لا يعرفهما أن محمداً هو علي ، وكان عابداً زاهداً ، وكان له علم وفقه ورواية ، وكان ثقة ثبتاً مشهوراً ، وكان مجاهداً يغـزو الصائفة هو وعـدة من إخوتـه ومواليه ، وكان سيد ولد أبيه ، وخيرهم دينـاً ، وأسخاهم كفاً ، وكـان سمح النفس شديد الصَّبر، صليب الفؤاد حصين الرأي حسن التدبير ، قـوي الحُجَّة ، سديد المنطق ، بليغ القول.
علاقته بأبي هشام ووصيته له:
بعد موت محمد بن علي ابن الحنفية بالمدينة عام (81 هـ) افترقت شيعته إلى فرقتين:
* الأولى: دامت متمسكة بارائها الكيسانية ، فقد قالت: إنه غائب عنا لكنه حي يرزق بجبله (جبل رضوى) ، ولابد من رجعته ، فهم لا يوالون غيره ، لأنهم ينتظرونه.
* والثانية: تحولت إلى القول بإمامة ابنه عبد الله ـ المكنى بأبي هاشم ـ من بعده ، وسميت بالفرقة الهاشمية. وتعتقد أن أمر الشيعة صار إلى أبي هاشم بوصية من أبيه ، وهذه الفرقة تعتبر أكبر الفرق العلوية وأدقها تنظيماً وأكثرها حماساً.
وقد عرف أبو هاشم هذا برجاحه عقله وسعة علمه ، وحسن تدبيره ، ومعرفته بأحوال الفرق ، فزادت شيعته بعد وفاة والده ، فأخذ يدير الأمور ، ويبعث الدعاة مع السرية التامة ، موضحاً ـ في نظره ـ أحقيته بالخلافة ، التي هي لهم دون الأمويين ، ناشراً فظائع ومظالم بعض خلفاء الدولة الأموية.
وكان أبو هاشم قدم على سليمان بن عبد الملك بدمشق ، فأكرمه وأجازه ، وسار أبو هاشم يريد فلسطين أو الحجاز ، فمرض في الطريق وأحسَّ بالموت ، ولم يكن له ولد ، فعدل إلى الحُمَيمةِ ، ونزل على محمد بن علي ، فأوصى إليه بالإمامة ، وسلم إليه كُتُب الدُّعاة وأوقفه على ما يعمل به ، وصرف شيعته إليه وأمرهم بالسمع له ، وأعلمه أن الخلافة في ولده عبد الله بن الحارثية.
وسواء أكانت وصية أبي هاشم صحيحة أم موضوعة؛ فإن بني العباس وشيعتهم اعتمدوا عليها في تقرير حقهم في الخلافة ، ولم يزالوا يذكرون أن الخلافة أتتهم من جهتها إلى أيام أبي جعفر المنصور.
وليس من الثابت أن سليمان بن عبد الملك راعه ذكاء أبي هاشم فخافه وفزع منه ، ولا أنه أنفذ له من سَمَّهُ بعد أن رحل عنه ، وإنما مات حتف أنفه.
وقد أكد جماعة من المؤرخين وغيرهم تحول دعوة أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية إلى العباسيين ، والتي عمل من أجلها حوالي سبع عشرة سنة ، واستقطب فيها كبار الشيعة العلوية من أهل العراق وخراسان ، وفرقهم على المدن والأقاليم ونظم هذه الدعوة ورعاها ، وأعدها لليوم المرتقب ، وقد كانت وفاته عام 98 هـ بعد موت محمد بن علي ابن الحنفية بالمدينة عام 81 هـ.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com