الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

"وحدة العقيدة" من أهم أسباب تحقيق النصر والتمكين ..

من كتاب (فقه النصر والتمكين)

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

الحلقة: الرابعة والخمسون

 

من أهم الأسباب في تحقيق النصر والتمكين أن يجتمع المسلمون على أصول ثابتة: فلا يمكن أن تقوم وحدة للمسلمين، ما لم تجمعهم عقيدة واحدة، والعقيدة تشكل أساسا مهما في البناء الفردي والاجتماعي, وهي القاعدة التي تقوم عليها الأعمال والعلاقات والأخلاق، فإذا كانت العقيدة مشوهة أو مزورة فإن البناء لا يستقيم، ولا يستطيع أن يواجه الأعاصير والفتن حتى ينهار.

وإن العقيدة التي تصلح لجمع شتات المسلمين هي ما كان منبعها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, ويمكن التدليل على كل أصل من أصولها، أو جزئية من جزئياتها، ثم إن السلف الصالح الذين استقاموا على عقيدة الإسلام الحق دونوا هذه العقيدة تدوينا يميزها عن عقائد أهل الفرق والضلال (1).

إن سلامة الاعتقاد وصحته هي الطريق الوحيد لإقامة المجتمع المسلم المترابط المتآلف، ولا سبيل إلى اجتماع الأمة الإسلامية قاطبة، ووحدة صفها، وعزها وسعادتها في الدنيا والآخرة إلا بالعودة الصحيحة إلى الإسلام الصافي، النقي، الخالص من شوائب الشرك والبدع والأهواء والتعصب واتباع العوائد الفاسدة، وهذا يتطلب من كل مسلم أن ينبذ كل المذاهب والمناهج الحادثة المخالفة لما كان عليه سلف الأمة، وأن تكون له عناية فائقة بمذهب السلف الصالح، وعقيدتهم ومنهجهم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وإذا تأمل اللبيب الفاضل هذه الأمور (2) تبين له أن مذهب السلف والأئمة في غاية الاستقامة والسداد، والصحة والاطراد، وأنه مقتضى المعقول الصريح، والمنقول الصحيح، وأن من خالفه كان مع تناقض قوله المختلف الذي يؤفك عنه من أفك, خارجًا عن موجب العقل والسمع، مخالفا للفطرة والسمع) (3).

إن طريق التمكين لابد فيه من وحدة الصف الإسلامي، ووحدة الصف ليس لها من سبيل إلا الإسلام الصحيح، والإسلام الصحيح مصدره القرآن والسنة, والطريق لفهم القرآن والسنة هي طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، والتابعين لهم بإحسان، ومن سار على نهجهم وطريقتهم إلى يوم الدين.

1- من القرآن الكريم:

قال تعالى: " وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" [النساء: 115].

وقال تعالى: " وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ" [التوبة: 100].

فوعد من اتبع غير سبيلهم بعذاب جهنم، ووعد متبعهم بالجنة والرضوان.

2- من السنة:

عن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته» (4).

3- ومن أقوال السلف الصالح:

عن ابن مسعود t: «اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم» (5) وعنه t: «من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم» (6).

---------------------------------------

مراجع الحلقة الرابعة والخمسين:

(1) كيف تستعيد الأمة الإسلامية مكانتها من جديد؟ د. الأشقر، ص69.

(2) الأمر، يقصد اختلاف أهل البدع في مسائل الاعتقاد.

(3) مجموع الفتاوى (5/212 ، 213).

(4) مسلم، كتاب الصحابة، باب فضل الصحابة (4/1963) رقم 2533.

(5) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجامع، باب النهي عن القول بالقدر، رقم 1619.

(6) حلية الأولياء (1/379).

 

يمكنك تحميل كتاب فقه النصر والتمكين

من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/655


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022