من شروط النصر والتمكين: تحكيم الكتاب والسنة..
من كتاب (فقه النصر والتمكين)
الحلقة: الخامسة والخمسون.
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
إن المسلمين لا يكون لهم شأن, ولا عز، ولا نصير، ولا فلاح في الدنيا ولا نجاة في الآخرة، إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، على مستوى الأفراد، والأسر والجماعات، والقبائل, ومن ثم على مستوى الدولة عند الوصول إليها.
والأدلة القرآنية الكريمة تدل على وجوب التحاكم إلى شرع الله على مستوى المحكومين، وكذلك أمرت الحكام بذلك.
1- من القرآن الكريم:
قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء: 59].
وقال تعالى: " أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ` وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [الأنعام: 114، 115].
وقال تعالى: " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" [الشورى: 10].
2- ومن السنة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: «يا أيها الناس: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا، كتاب الله وسنتي» (1).
3- ومن أقوال السلف:
قال ابن تيمية - رحمه الله -: (وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم - أي السلف الصالح - اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن، لا برأيه ولا بذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولا وجده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم) (2).
إن حرص كل مسلم على تحكيم شرع الله تعالى على نفسه وأسرته ومجتمعه خطوة أصيلة نحو وحدة الأمة, والاقتراب من نصر الله تعالى، كما أن للتحاكم إلى شرع الله تعالى آثارا دنيوية وآخروية.
الآثار الدنيوية: الاستخلاف والتمكين، والأمن والاستقرار، والنصر والفتح، والعز والشرف، وبركة العيش ورغد الحياة والهداية والتثبيت، وانتشار الفضائل وانزواء الرذائل.
أما الآثار الأخروية: فالمغفرة وتكفير السيئات، والثواب العظيم عند الله تعالى، والحياة الحقة الدائمة، وعلو المنزلة ومعية التكريم.
---------------------------------------
مراجع الحلقة الخامسة والخمسين:
(1) مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/890) رقم 1218.
(2) مجموع الفتاوى (13/28).
يمكنك تحميل كتاب فقه النصر والتمكين
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي