في تعريف النبي والرسول
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي ...
الحلقة (37)
أ- النبي في الاصطلاح: هو من بُعث لتقرير شرع من قبله.
ب- والرسول في الاصطلاح: هو من بُعث بشرع جديد. ويقول الشوكاني -رحمه الله-:
- فالرسول: من بُعث بشرع وأُمر بتبليغه.
- والنبي: من أُمر أن يدعو إلى شريعة من قبله، ولم ينزل عليه كتاب، ولا بدّ لهما جميعاً من المعجزة الظاهرة.
وقد استدل بعضهم على الرسل والأنبياء بالحديث المروي عن أبي ذر رضي الله عنه في ذكر عدد الأنبياء والرسل، ونصّه: "قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً. قلت: يا رسول الله، كم الرسل من ذلك؟ قال: ثلاثمئة وثلاثة عشر جمّاً غفيراً». ولكن الحديث ضعيف في إسناده؛ فيه إبراهيم بن هشام الغسَّاني. قال الذهبي عنه: متروك، بل قال أبو حاتم: كذّاب، ومن هنا فقد حكَم ابنُ الجوزي على الحديث بأنه موضوع مكذوب.
والصحيح أن عدد الرسل والأنبياء لا يعلمه إلا الله لقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر: 78].
3- حقيقة النبوة:
إن النبوة اتصال بين الخالق والمخلوق في تبليغ شرعه، وسفارة بين الملك والمالك الواحد الأحد وعبيده، ودعوة من الرحمن الرحيم -تبارك وتعالى- لخالقه، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وينقلهم من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فهي نعمة مهداة من الله تبارك وتعالى إلى عبيده، وفضل إلهي يتفضل به عليهم، وهذا في حق المرسل إليهم. أما في حق المرسل نفسه، فهي امتنان من الله يمنّ بها عليه، واصطفاء من الرب له من بين سائر الناس، وهبة ربانية يختصه الله بها من بين الخلق كلهم. ولا تنال النبوة بعلم، ولا رياضة، ولا تدرك بكثرة طاعة وعبادة، ولا تأتي بتجويع النفس، أو بإظمائها، كما يظنّ من في عقله بلادة، وإنما هي محض فضل إلهي واصطفاء رباني، فهو جل وعلا كما أخبر عن نفسه: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: 105].
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 189-190.
- روح المعاني، الآلوسي، (17/173).
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي