خواطر إيمانية/ الشيخ متولي الشعراوي (رحمه الله)
الخاطرة الأولى
بعض الناس يتساءل كيف أبدأ بسم الله وقد عصيت وقد خالفت؟
نقول اياك أن تستحي أن تقرأ القرآن، وأن تبدأ بسم الله إذا كنت قد عصيت، ولذلك أعطانا الله سبحانه وتعالى الحيثية التي نبدأ بها قراءة القرآن فجعلنا نبدؤه باسم الله الرحمن الرحيم، فالله سبحانه وتعالى لا يتخلى عن العاصي، بل يفتح له باب التوبة ويحثه عليها، ويطلب منه أن يتوب وأن يعود الي الله، فيغفر له ذنبه، لأن الله رحمن رحيم، فلا تقل أنني أستحي أن أبدأ باسم الله لأنني عصيته، فالله سبحانه وتعالى يطلب من كل عاص أن يعود إلي حظيرة الإيمان وهو رحمن رحيم، فإذا قلت كيف أقول باسم الله وقد وقعت في معصية أمس، نقول لك قل باسم الله الرحمن الرحيم، فرحمة الله تسع كل ذنوب خلقه، وهو سبحانه وتعالى الذي يغفر الذنوب جميعا.
والرحمة والرحمن والرحيم، مشتق منها الرحم الذي هو مكان الجنين في بطن أمه، هذا المكان الذي يأتيه فيه الرزق، بلا حول ولا قوة، ويجد فيه كل ما يحتاجه إليه نموه ميسرا، رزقا من الله سبحانه وتعالى بلا تعب ولا مقابل، انظر إلى حنو الأم على ابنها وحنانها عليه، وتجاوزها عن سيئاته وفرحته بعودته اليها..
ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى في حديث قدسي: (أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته).
الله سبحانه وتعالى يريد أن نتذكر دائما أنه يحنو علينا ويرزقنا، ويفتح لنا أبواب التوبة بابا بعد آخر، ونعصي فلا يأخذنا بذنوبنا ولا يحرمنا من نعمه، ولا يهلكنا بما فعلنا، ولذلك فنحن نبدأ تلاوة القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم، لنتذكر دائما أبواب الرحمة المفتوحة لنا، نرفع أيدينا إلى السماء، ونقول يا رب رحمتك، تجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا، وبذلك يظل قارئ القرآن متصلا بأبواب رحمة الله، كلما ابتعد عن المنهج أسرع ليعود اليه، فمادام الله رحماناً ورحيماً لا تغلق أبواب الرحمة أبداً.
المصدر:
تفسير الشيخ محمد متولي الشعراوي/ تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم).