الإسلام هو دين الأنبياء جميعاً ..
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك ...
بقلم د. علي محمد الصلابي ...
الحلقة (40)
منذ أن أهبط آدم عليه الصلاة والسلام ودينه الإسلام، ودعوته إلى الإسلام الذي هو استسلام لله عز وجل وتوحيده وعبادته وحده لا شريك له، ومن ثم استمر الإسلام في ذريته عشرة قرون حتى ظهر الشرك أول ما ظهر في قوم نوح، فبعث الله نبيّه نوحاً (عليه السلام). وبعث بعده الأنبياء بالإسلام إلى أقوامهم، كلما ظهر الشرك وانطفأت أنوار الإسلام.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [آل عمران: 19]:
إذن، فإن دين الإسلام (توحيد الله)، وتاريخ الإسلام ومعناه العام، وجد مع وجود الإنسان على هذه الأرض، وهو دين الأنبياء جميعاً. أما الإسلام بمعناه الخاص، فهو الذي بعث به محمد ﷺ جامعاً فيه الإسلام العام -الذي هو التوحيد ونبذ الشرك- وبين الأحكام الشرعية لهذه الأمة، حيث أحلّ لها الحلال، وحرّم عليها الحرام، ووضع عنها الإصر والأغلال التي كانت على من قبلها، فجاءت شريعة كاملة ميسّرة، خاتمة للشرائع، صالحة لكل زمان ومكان، وهذا معنى قوله ﷺ: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، في الأُولَى وَالآخِرَةِ قالوا: كيفَ؟ يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: الأنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِن عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ».
حيث يوضح الحديث أن الأنبياء، كالأبناء لأمهات شتى وأب واحد، وذلك لاتفاقهم في التوحيد والإسلام وأصول الإيمان، والأخلاق واختلافهم في الشرائع.
إن الإسلام هو دين الله الخالد الذي لا يقبل الله سواه، وهو الذي فرضه الله على البشر، منذ خلقهم، جاء به آدم، ونوح، وإبراهيم، وآل إبراهيم، وآل عمران، وأنه تم برسالة خاتم النبيين محمد ﷺ، فهو الدين الوحيد الذي يدعو إلى الوحدانية الخالصة التي لا يشوبها أدنى شك.
وهو الدين الذي يشمل العقائد الصحيحة والأحكام العامة التي لا تتغير بتغير الزمان أو المكان، أو بتغير أحوال الناس في سلسلة حياتهم الإنسانية على وجه الأرض، مهما اختلفت ألوانهم وأجناسهم، ولغاتهم، ومهما تغيرت مهمتهم وحِرَفهم وثقافتهم في الحياة الدينا. إن جميع الأنبياء والمرسلين قد بعثهم الله بعقيدة الإسلام التي كانت تتلاءم مع البشرية والإنسانية على مرّ القرون والعصور مع اختلاف البيئات، وبالرغم من تقلبات الزمان وتغير عقليات الناس قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل.
ولم يشأ الله تعالى بفضله ورحمته وكرمه أن يترك خلقه في ظلمات الجهل تعبث بهم الأهواء وتأخذهم الأغراض، فأرسل إليهم الأنبياء والمرسلين، على توالي القرون والعصور، يبيِّنون لهم سبيل الرشاد، ويمدونهم بالتعاليم التي تقوّي عزيمتهم، ويزوّدونهم بالأفكار الصالحة التي يستطيعون أن يهتدوا بهداها، والتي تساعدهم على التمييز بين الظلام والنور، وبين الهداية والضلال، وبين الطريق المستقيم والطريق المعوج الذي يؤدي إلى الهلاك والقتل والدمار.
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 194-196.
- وقفات تربوية في ضوء القرآن الكريم، عبد العزيز ناصر الجليل، (3/41-42).
- الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرّسل، محمد وصفي، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1997م، ص 318.
-
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي