الثلاثاء

1446-11-01

|

2025-4-29

استمرار الإسلام حتى نزول القرآن الكريم ..

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك ...

بقلم: د. علي محمد الصلابي ...

الحلقة (42)

 

إن استمرار الإسلام حتى نزول القرآن الكريم، وبقاء قوم يؤمنون بالدين الذي اعتنقه المسيح من قبل والحواريون ودعوا إليه، واستمرار ذلك حتى الزمن الذي بدأت دعوة خاتم النبيين، يدل عليه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53)﴾ [القصص: 51 - 53].

ل- محمد ﷺ يدعو إلى الإسلام:

نزل القرآن الكريم على الرسول الكريم ﷺ حامل رسالة الإسلام، فكان هو أول من آمن به؛ قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِير﴾ [البقرة: 285].

ومن الطبيعي أن يؤمن الرسول بما أنزل إليه من ربه، قبل أن يدعو الناس إلى الإيمان به، ولهذا أمره الله تعالى أن يؤمن بالإسلام أولاً، ثم يدعو الناس بعد ذلك أن يسلموا؛ قال تعالى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ [البقرة: 285].

وقال تعالى: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 14].

لقد كان الرسول الكريم ﷺ أول المسلمين بالنسبة للوقت الذي كلف فيه بحمل رسالة الإسلام، وإلا فهو بالنسبة لاعتناق الإسلام على وجه عام ليس بسابق للنبيين والمرسلين في اعتناقه، فقد نطق بنفس اللفظ الذي نطق به نوح (عليه السلام)، من قبل كما قدمنا، وقال: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 91].

والرسول الكريم محمد ﷺ مع أنه أول المسلمين في قوله إلا أنه بالنسبة للعلاقة الدينية بينه وبين جده إبراهيم كان معتنقاً للدين الذي كان يعتنقه -كذلك- إبراهيم من قبل؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 120].

وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 161]؛ فالإسلام هو دين الله الذي فرضه على الجنس البشري في سلسلة حياته الإنسانية، منذ خلق الإنسان على وجه الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولهذا يقول الله جل شأنه لخاتم النبيين: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 84].

ولفظ الإسلام هو اللفظ الذي يضم بين طياته جميع العقائد التي أتى بها المرسلون والنبيون عبر التاريخ، ومن نعم الله على البشر أن أرسل إليهم الرسل عبر تاريخ الإنسان متعاقبين ومتواترين، يحملون رسالة الإسلام، ويذكرونهم بدينهم قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل؛ قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 165].

إنّ داوود وسليمان (عليهما السلام) ينتمون إلى موكب الأنبياء والمرسلين، وأن القرآن الكريم يقصُّ على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه اختلفوا.

إن ديانة موسى وهارون ومن سبقهم من الأنبياء والمرسلين ومن جاء بعدهم هي الإسلام ديانة التوحيد ومحاربة الشرك، وإفراد العبادة لله وحده.

إن ما جاء في القرآن عن داوود وسليمان وآلهم، يبيّن لنا بأنهم من الأنبياء الملوك العظماء، ويوضح لنا الأكاذيب التي نسجت حولهم في الكتب المزوّرة، والتي نسبت إليهم البهتان والافتراء والاختلاف. وأما الرؤية القرآنية الصادقة التي حفظها الله تعالى لقصة هذيْن النبيين تُفنِّد الأكاذيب، وتَذهب كالزبد، ويبقى ما ينفع الناس، من سيرتهم الجليلة.

إن القرآن الكريم هو المرجعية الحقيقية لقصة داوود وسليمان، وممالكهم العظيمة التي حكمت بشرع الله، وقِيم العدل والحق والإنصاف، والتمكين لدين الله تعالى في الأرض، ومساعدة الناس على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.

مراجع الحلقة:

- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 201-204.

- الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرّسل، محمد وصفي، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1997م، ص 328.

 

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:

https://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/689


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022