الإثنين

1446-10-30

|

2025-4-28

قدرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الرفيعة في التعامل مع النفوس:

من كتاب العدالة والمصالحة الوطنية: ضرورة دينية وإنسانية

الحلقة: الثانية عشر

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

رجب 1442 ه/ فبراير 2021

أ ـ إسلام سهيل بن عمرو:

قال سهيلٍ بن عمرو: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهر انقحمت بيتي وأغلقت عليّ بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل: أن اطلب لي جواراً من محمد، وإني لا آمن من أن أقتل وجعلت أتذكر أثري عند محمد وأصحابه، فليس أحد أسوا أثراً مني، وأني لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الحديبية بما لم يلحقه أحد، وكنت الذي كاتبته، مع حضوري بدراً وأحداً، وكلما تحركت قريش، كنت فيها، فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله تؤمنه؟ فقال: آمن بأمان الله، فليظهر، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله: من لقي سهيل بن عمرو فلا يشد النظر إليه، فليخرج فلعمري إن سهيلاً له عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه: أنه لم يكن له بنافع، فخرج عبد الله إلى أبيه، فقال سهيل: كان والله براً صغيراً وكبيراً، فكان سهيل يقبل ويدبر، وخرج سهيل إلى حنين مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو على شركه حتى أسلم بالجعرانة.

لقد كانت لهذه الكلمات التربوية الاثر الكبير على سهيل بن عمرو، حيث أثنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبرّ طوال عمره، ثم دخل في الإسلام بعد ذلك وقد حسن إسلامه، وكان مكثراً من الأعمال الصالحة ، يقول الزبير بن بكار : كان سهيل بعد كثير الصلاة والصوم والصدقة ، خرج بجماعته إلى الشام مجاهداً، ويقال: إنه صام وتهجد حتى شحب لونه وتغير، وكان كثير البكاء إذا سمع القرآن، وكان أميراً على كُردوسة يوم اليرموك.

ب ـ إسلام صفوان بن أمية:

قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: ...وأما صفوان بن أمية فهرب حتى أتى الشُعيبة، وجعل يقول لغلامه يسار ـ وليس معه غيره ـ: ويحك، أنظر من ترى، قال: هذا عمير بن وهب، قال صفوان: ما أصنع بعمير؟ والله ما جاء إلا يريد قتلي، قد ظهر محمداً عليّ فلحقه. فقال: يا عمير، ما كفاك ما صنعت بي؟ حمّلتني دينك وعيالك ثم جئت تريد قتلي! قال أبا وهب جُعلت فداك، جئت من عند أبرّ الناس، وأوصل الناس، وقد كان عمير قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله سيد قومي خرج هارباً ليقذف نفسه في البحر، وخاف ألا تؤمنه فداك أبي وأمي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أمنته فخرج في أثره، فقال صفوان: لا والله لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله جئت صفوان هارباً يريد أن يقتل نفسه، فأخبرته بما أمنته فقال: لا أرجع حتى تأتي بعلامة أعرفها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عمامتي.

قال: فرجع عمير إليه بها، وهو البرد الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ معتجراً به، برد حبرة، فخرج عمير في طلبه ثانية حتى جاء بالبرد، فقال: أبا وهب جئتك من عند خير الناس، وأوصل الناس وأبر الناس وأحلم الناس، مجده مجدك، وعزه عزك، وملكه ملكك، أبن أمك وأبيك، أذكر الله في نفسك.

قال له: أخاف أن أقتل، قال: قد دعاك إلى أن تدخل في الإسلام، فإن رضيت وإلا سيرك شهرين فهو أوفى الناس وأبرّهم وقد بعث إليك ببرده الذي دخل فيه معتجراً تعرفه؟ قال: نعم فأخرجه، فقال: نعم هو هو، فرجع صفوان حتى أنتهى إلى رسول الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالمسلمين العصر بالمسجد، فوقف فقال صفوان: كم تصلون في اليوم والليلة؟ قال: خمس صلوات، قال: يُصلى بهم محمد؟ قال: نعم فلما سلم صاح صفوان: يا محمد، إن عمير بن وهب جاءني ببردك، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمراً، وإلا سيرتني شهرين، قال: أنزل أبا وهب، قال: لا والله حتى تبين لي، قال: بل تسير أربعة أشهر فنزل صفوان.

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل هوازن، وخرج معه صفوان، وهو كافر، وأرسل إليه يستعيره سلاحه، فاعاده سلاحه مئة درع بادائها فقال: طوعاً، أو كرهاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عارية مؤدّاة، فأعاره، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملها إلى حنين، فشهد حنيناً، والطائف ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجعرانة، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه صفوان بن أمية، جعل صفوان ينظر إلى شعب مُلىْ نعما، وشاء ورعاء، فأدام إليه النظر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه فقال: أبا وهب، يعجبك هذا الشعب؟ قال: نعم، قال: هو لك وما فيه. فقال صفوان عند ذلك: ما طابت نفسي أحد بمثل هذا إلا نفس نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وأسلم مكانه.

ونلاحظ في هذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم حاول أن يتألف صفوان بن أمية إلى الإسلام حتى أسلم وذلك بإعطائه الأمان، ثم بتخييره في الأمر أربعة أشهر، ثم بإعطائه من مال العطايا الكبيرة التي لا تصدر من إنسان عادي، فأعطاه أولاً مائة من الإبل مع عدد من زعماء مكة، ثم أعطاه ما في أحد الشعاب من الإبل والغنم، فقال: ما طابت نفس أحد بهذا إلا نفس نبي، ثم أسلم مكانه، وقد وصف لنا صفوان بن أمية عطاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: والله، لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ.

ج ـ إسلام عكرمة بن أبي جهل:

قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: قالت أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنها: يا رسول الله، قد هرب عكرمة منك إلى اليمن، وخاف أن تقتله فأمنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو آمن، فخرجت أم حكيم في طلبه، ومعها غلام لها رومي، فراودها عن نفسها، فجعلت تمنيه حتى قدمت على حيّ من عك، فأستغاثتهم عليه، فأوثقوه رباطاً، وأدركت عكرمة وقد انتهى إلى ساحل من سواحل تهامة، فركب البحر، فجعل نوتي السفينة يقول له: أخلص، فقال: أي شيء أقول: قال: قل لا إله إلا الله، قال عكرمة: ما هربت إلا من هذا فجاءت أم حكيم على هذا الكلام، فجعلت تلح عليه، وتقول: يا ابن عم جئت من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس، لا تُهلك نفسك، فوقف لها حتى أدركته، فقالت: إني قد استأمنت لك محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أنت فعلت؟ قالت: نعم، أنا كلمته، فأمنك فرجع معها وقال: ما لقيت من غلامك الروميّ؟ فخبرته خبره، فقتله عكرمة، وهو يومئذ لم يسلم، فلما دنا من مكة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: يأتيكم عكرمة بن أبي جهل مؤمناً مهاجراً، فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي، ولا يبلغ الميت.

قال: وجعل عكرمة يطلب امرأته يُجامعها فتأبى عليه وتقول: إنك كافر، وأنا مسلمة، فيقول: إن أمراً منعك مني لأمر كبير، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم عكرمة، وثب إليه ـ وما على النبي صلى الله عليه وسلم رداء ـ فرحاً بعكرمة ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف بين يديه، وزوجته متنقبة، فقال: يا محمد إن هذه أخبرتني أنك أمنتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت فأنت آمن، فقال عكرمة: فإلى ما تدعو يا محمد؟ قال: أدعوك إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتفعل وتفعل، حتى عدّ خصال الإسلام، فقال عكرمة: والله ما دعوت إلا إلى الحق، وأمر حسن جميل، قد كنت والله فينا قبل أن تدعو إلى ما دعوت إليه وأنت أصدقنا حديثاً، وأبرنا برّاّ، ثم قال عكرمة: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسألني اليوم شيئاً أعطيه أحداً إلا أعطيتكه، فقال عكرمة: فإني أسألك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتكها أو مسير وصنعت فيه، أو مقام لقيتك فيه أو كلام قلته في وجهك، أو وأنت غائب عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها، وكل مسير سار فيه إلى موضع يريد بذلك المسير إطفاء نورك، فأغفر له ما نال مني عرض في وجهي أو غائب عنه، فقال عكرمة: رضيت يا رسول الله، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صدّ عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ولا قتالاً كنت أقاتل في صدّ عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله، ثم اجتهد في القتال حتى قتل شهيداً، وبعد أن أسلم رد رسول الله امرأته بذلك النكاح الأول.

كان سلوك النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله مع عكرمة لطيفاً حانياً، يكفي وحده لاجتذابه إلى الإسلام، فقد أعجل نفسه عن لبس ردائه، وابتسم له، ورحب به، وفي رواية قال له: مرحباً بالركب المهاجر.

فتأثر عكرمة من ذلك الموقف، فأهتزت مشاعره، وتحركت أحاسيسه، فأسلم، كما كان لموقف أم حكيم بنت الحارث بن هشام أثر في إسلام زوجها، فقد أخذت له الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغامرت بنفسها تبحث عنه لعل الله يهديه إلى الإسلام كما هداها إليه، وعندما أرادها زوجها، امتنعت عنه وعللت ذلك بأنه كافر وهي مسلمة، فعظم الإسلام في عينه وأدرك أنه أمام دين عظيم، وهكذا خطت أم حكيم في فكر عكرمة بداية التفكير في الإسلام، ثم توّج بإسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صادقاً في إسلامه، فلم يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناً، وإنما سأله أن يغفر الله تعالى له كل ما وقع فيه من ذنوب ماضية، ثم أقسم أمام النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحمل نفسه على الإنفاق في سبيل الله تعالى بضعف ما كان ينفق في الجاهلية وأن يُبلى في الجهاد في سبيل الله بضعف ما كان يبذله في الجاهلية ولقد برّ بوعده، فكان من أشجع المجاهدين، والقادة في سبيل الله تعالى في حروب الردة، ثم في فتوح الشام حتى وقع شهيداً في معركة اليرموك بعد أن بذل نفسه وماله في سبيل الله.

س ـ إسلام فضالة بن عمير وعفو النبي صلى الله عليه وسلم عنه:

أراد فُضالة بن عمير بن الملوح الليثي قتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما دنا منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضالة؟ قال: نعم فضالة يا رسول الله، قال: ماذا كنت تحدّث به نفسك؟ قال: لا شيء، كنت أذكر الله، قال : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : استغفر الله ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه، فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله

شيء أحبّ إلي منه، قال فضالة: فرجعت إلى أهلي فمررت بأمرأة كنت اتحدث إليها، فقالت: هلم إلى الحديث، فقلت: لا وانبعث فضالة يقول:

قالت هلم إلى الحديث فقلت لا

يأبى عليك الله والإسلام

لو ما رأيت محمد وقبيله

بالفتح يوم تكسر الأصنام

لرأيت دين الله أضحى بيناً

والشرك يغشى وجهه الإظلام

ش ـ أجرنا من أجرت يا أم هاني:

قالت أم هاني بنت أبي طالب: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فرّ إليّ رجلان من أحمائ، من بني مخزوم ـ وكانت عند هبيرة بن أبي وهب المخزومي ـ قالت: فدخل عليّ علي بن أبي طالب أخي فقال: والله لأقتلنهما، فأغلقت عليهما باب بيتي، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فوجدته يغتسل من جفنة إن فيها من أثر العجين، وفاطمة ابنته تستره بثوبه، فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به، ثم صلى ثماني الضحى، ثم انصرف إليّ فقال: مرحباً وأهلاً يا أم هانيء، ما جاء بك؟ فأخبرته خير الرجلين وخبر عليّ، فقال: قد أجرنا من أجرت، وأمّنا من أمنت فلا يقتلهما.

ع ـ إسلام شاعر قريش "عبد الله بن الزّبعري":

لمّا فتحت مكة فرّ عبد الله بن الزبعري السهمي إلى نجران، فلحقه قوافي حسّان، فقد كان خصماً عنيداً للإسلام، فراح يعيره بالجبن والفرار فقال له:

لا تعدمن رجلاً أحلّك بغصُنُه

نجران في عيش أحذَّ لئيم

أي: فليبق الله لنا محمداً صلى الله عليه وسلم هذا الرجل العظيم الذي أحلّك بغضه ديار نجران، وليُدم الله عليك ابن الزبعري عيشاً مهيناً أشأم ثم راح حسان يستنزل غضب الله ومقته على ابن الزبعري ونجله، ويسأل الله أن يخلده في سوء العذاب وأليمه.

فتطايرت تلك الابيات ووصلت إلى ابن الزبعري وقام ولم يقعد، وقلب أموره ثم أراد الله به الخير، فعزم على الدخول في الإسلام، ثم توجه إلى مكة، وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلن اسلامه، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له كل عداوة له، وللإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الإسلام يجب ما قبله، ثم أدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه وآنسه، ثم خلع عليه حلة، وقد أجمع الرواة أن ابن الزبعري رضي الله عنه قال بعد إسلامه شعراً كثيراً حسناً يعتذر فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن كثير: كان من أكبر أعداء الإسلام ومن الشعراء الذين استعملوا قواهم في هجاء المسلمين، ثم من الله عليه بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الإسلام والقيام بنصره والذّب عنه.

ومن القصائد الرائعة التي قالها في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وندمه على محاربة الإسلام، وتأخره في الدخول فيه:

منع الرُّقادَ بلابلٌ وهموم

والليل معتلجُ الرواق بهيم

ممّا أتاني أن أحمد لامني

فيه فبت كأنني محموم

يا خير من حملت على أوصالها

عيرانة، سُرُحُ اليدين غشوم

إني لمعتذر إليك من الذي

أسديت إذ أنا في الضلال أهيم

أيام تأمرني بأغوى خُطة

سهم وتأمرني بها مخزوم

وأمدُّ أسباب الرّدى ويقودني

أمر الغواة وأمرهم مشؤوم

فاليوم آمن بالنبي محمد

قلبي ومخطئ هذه محروم

مضت العداوة وانقضت أسبابها

ودعت أواصر بيننا وحلوم

فاغفر فِدىً لك والديّ كلاهما

زلليء فإنك راحم مرحوم

وهكذا انتهى الفتح الأكبر ولم يهتك لأهل مكة عرض أو ينهب منهم درهم، بل كان يوم دخول المسلمين أكثر أمناً من اليوم الذي سبقه، فقد أخذت قريش الأمان قبل أن تطلبه، ولم يضطرها المسلمون بقيادة محمد صلى الله عليه وسلم إلى التفاوض فضلاً عن الاستجداء وهكذا تمكن النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه العظيم أن يهز ضمائر قريش، ولم يترك لهم فرصة في التفكير سوى سماحة هذا الدين الكريم، وبقوة العفو وعمق الغفران دخل الإسلام قلوب المكيين، فحولهم من أعداء إلى أكثر الناس ولاء للمسلمين ودعوته الإنسانية إن هذا العفو وتلك العدالة المتسامحة تزداد اشراقاً كلما تفكرنا فيها، وأجلنا النظر في تفاصيلها.

إن بلادنا والكثير من بلاد المسلمين بل والإنسانية جمعاً بحاجة أن تقف ملياً عند هذه الوقائع ليس فقط لتبدي دهشتها أمام صورتين متناقضتين الأولى وقفت فيها قريش بكل جبروتها وظلمها وقهرها للمسلمين، والثانية ترسم لنا حقيقة المسلمين بقيادة نبيهم وهدي رسالته وقد تغاضت عن ذلك الماضي الاسود بالظلم لتستبدله بعفو كامل، وعدالة شاملة.

إننا نهيب بكل أبناء الوطن من ظلم منهم ومن ظلم إلى الإطلاع والوقوف والتأمل ومن ثم الاقتداء بما قدمه الرسول وأصحابه من طي صفحة الماضي أمام قريش والتعلق بالحاضر والمستقبل، والسير قدماً نحو البناء وتقاسم الواجبات، وحفظ الحقوق.

يمكنكم تحميل كتاب العدالة والمصالحة الوطنية: ضرورة دينية وإنسانية من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي:

http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book159.pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022