المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)
الخلاصات والإستنتاجات(1)
الحلقة: الخامسة والخمسون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رمضان 1441 ه/ مايو 2020
- ولد عيسى - عليه السلام - بأرض الجليل من مناطق فلسطين أو (جليل الأمم)، كما سمَّاها الإسرائيليون فيما بعد؛ لأنها كانت إقليماً مفتوحاً لجميع الأمم الشرقية والغربية - في مدينة بيت لحم - والتي تبعد قرابة 10 كم جنوبي مدينة القدس.
- مرّت حياة بني إسرائيل في فلسطين بثلاث عهود؛ عهد القضاة، وعهد الملوك، وعهد الانقسام.
- تعرض بنو إسرائيل لغزو بختنصر (حاكم بابل الكلداني)، واحتل منطقة الشام وفلسطين، وطرد الفراعنة وزحف على دولة يهوذا التي تمرّدت عليه فدمَّرها، ودمَّر معبد أورشليم، وساق شعبها مسبيّاً إلى بابل وهو ما يسمى بالسبي البابلي.
- سقطت دولة بابل في يد الفرس في عهد ملكهم قورش سنة 538 ق.م الذي سمح لليهود بالعودة إلى بيت المقدس وبناء هيكلهم، وعيَّن عليها حاكماً منهم من قبله.
- زحف الإسكندر المقدوني اليوناني إلى بلاد الشام وفلسطين، واستولى عليها وأزال حكم الفرس، ودخلت منطقة اليهود تحت حكم اليونان من نهاية القرن الرابع ق.م إلى منتصف القرن الأول ق.م.
- في منتصف القرن الأول ق.م، زحف القائد الروماني بومبي إلى بلاد الشام وفلسطين سنة 64ق.م وأزال حكم اليونانيين عنها، ودخل اليهود تحت حكم الرومان وسيطرتهم، وفي زمانهم ولد المسيح عليه السلام.
- خضعت فلسطين للسياسة الرومانية وانتهجت في أول الأمر نظام الحماية، وأوكلت ظاهر السلطة إلى ملك محلي من اليهود لضمان ولائه.
- في عصر أغسطس إمبراطور روما (ت: 14م) أحاطت الإمبراطورية الرومانية في تلك الفترة بالبحر المتوسط كله، وببلاد أوروبا الواقعة غرب نهر الراين إلى البحر الأسود، وحكمت الأناضول (تركيا) وبلاد الرافدين والشام ومصر والشمال الأفريقي كله، أي أن المجتمع النصراني ولد في مكان التقى فيه عالمان: الشرق والغرب، والساميون والرومان، والإغريق واليهود وغير اليهود.
- تولى الحكم في منطقة فلسطين رجل متهوِّد هو (هيرودوس الأكبر) فحكم من (37-40ق.م) ثم ما لبثت رومة من سنة 6م أن أخضعت البلاد كلها للحكم المباشر، فضمت مقاطعتي اليهودية من الجنوب والسامرة في الوسط ضمن ولاية واحدة.
- كانت الحالة السياسية في عصر المسيح من أسوأ ما يكون، وأبلغ منها في السوء الحالة الاجتماعية، فبسبب السلطة المطلقة التي كانت بيد الحكام ضاع النظام مع القانون، فحدث تفاوت كبير بين الحكَّام والمحكومين، فكانت الثروة والترف والطغيان من ناحية، والفقر والهوان من ناحية أخرى، إضافة إلى الضرائب التي كانت تجبى لحساب روما، وانحصر هدف رجال الدين في جمع الأموال، وخلا المجتمع من الترابط والتألف، وانتشرت العصبية بين الناس وظهرت الفوارق الطبقيَّة.
- إنَّ التعاليم الإلهية التي جاء بها عيسى عليه السلام –كانت مناسبة لهذه البيئة، وجاءت علاجاً لمشكلاتها، فبينما كانت تسيطر الأجواء المادية في ذلك المجتمع جاءت تعاليم عيسى عليه السلام روحية سامية لتعالج ذلك الاستغراق المادي.
- إن الأفكار والمعتقدات السائدة في تلك البيئة وما حولها كان لها أثرٌ في تلوين المسيحية - بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء - بألوان مختلفة، وهذا العصر أو تلك البيئة كانت تتنازعها عوامل ثلاثة: هي الحضارة الإغريقية التي شكلت عقل الإنسان، و(الدولة الرومانية) التي حددت له مؤسساته التي يعيش بينها، ثم الدين اليهودي الذي جاءت المسيحية أساساً لإصلاحه بعد أن صار عامل تخريب في العقل وفي أُطُر الحياة معاً.
- خلَّف الرومان من بعدهم إلى جانب ما خلفه الإغريق فكرة (تأليه الإنسان)، وإلى ما خلفه الإغريق من المؤسسات، والهياكل والتنظيمات التي صارت تنظم الحياة الدينية الرومانية والتي انتقلت إلى الحياة الدينية المسيحية مع الانحراف الكبير والخطير عن الديانة النصرانية التي بعث الله بها عيسى عليه السلام كما سيأتي بيانه بإذن الله.
- إن من أهم فرق اليهود في هذه الفترة - مبعث المسيح عليه السلام - لدى الباحثين هي: السامريون، الصدوقيون، والفريسيون، والقمرانيون، والآسانيون، وكلها باستثناء السامريين فرق ظهرت في الفترة الوسيطة بعد الأسر البابلي.
- تعرض الهيكل الذي هو مقرُّ العبادة عند اليهود للهدم على يد البابليين ثم أمر (قورش) الفارسي بإعادة بنائه وجاء الملك (هيرودوس) وجدّد بناءه وتم ذلك أو كان في عصر الميلاد.
- إن أصدق كتاب موجود لدينا اليوم هو كتاب الله عز وجل ولذلك اعتمدته في حديثي عن المسيح عيسى عليه السلام، فهو محفوظ بحفظ الله له، وهو (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)، وهو مصدِّق لما قبله من الكتب السماوية ومهيمن عليها.
- ومن الناحية التاريخية نجد أن التاريخ لا يسعفنا بالمعلومات الأساسية المؤكدة عن دعوة المسيح عليه السلام، وذلك لأسباب عدّة منها: بُعد العهد واضطراب الروايات التاريخية، بل من المؤكد أن لتدخّل العنصر البشري دوراً في هذا حتى اختلط الحابل بالنابل، وتعسّر وتميز الطيب من الخبيث والحق من الباطل.
- إن الإنجيل المنزل على عيسى - عليه السلام - لا وجود له اليوم حتى في الأوساط النصرانية، فكيف نعدل عن وحي سماوي وهو القرآن الكريم إلى مؤلفات بشرية وهي الموسومة اليوم بالأناجيل؟
- إن القرآن الكريم مع السنة النبوية الصحيحة في الحقيقة وحدهما المصدران - علميّاً وتاريخيّاً- اللذان صورا لنا بدقة عالية تاريخ الرسالات الإلهية كلها، من أول الأنبياء آدم عليه السلام حتى آخرهم وخيرهم: محمد ﷺ.
- إن القرآن الكريم له مكانته العلمية حتى في الأوساط النصرانية فنجدهم يقرُّون - مع كفرهم به-بجودة مصدريته، ودقة أخباره وبتواتره المنقطع النظير، وخلوِّه مما اتسمت به كتبهم من التناقض والأخطاء والتعبير والتبديل والإضافة والحذف.
- لا يوجد كتاب على وجه الأرض منح السيد المسيح - عليه السلام - وأمه البتول وعائلته الكريمة، تكريماً وتبجيلاً أعظم من القرآن الكريم.
الخلاصات والإستنتاجات(1)
الحلقة: الخامسة والخمسون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رمضان 1441 ه/ مايو 2020
- ولد عيسى - عليه السلام - بأرض الجليل من مناطق فلسطين أو (جليل الأمم)، كما سمَّاها الإسرائيليون فيما بعد؛ لأنها كانت إقليماً مفتوحاً لجميع الأمم الشرقية والغربية - في مدينة بيت لحم - والتي تبعد قرابة 10 كم جنوبي مدينة القدس.
- مرّت حياة بني إسرائيل في فلسطين بثلاث عهود؛ عهد القضاة، وعهد الملوك، وعهد الانقسام.
- تعرض بنو إسرائيل لغزو بختنصر (حاكم بابل الكلداني)، واحتل منطقة الشام وفلسطين، وطرد الفراعنة وزحف على دولة يهوذا التي تمرّدت عليه فدمَّرها، ودمَّر معبد أورشليم، وساق شعبها مسبيّاً إلى بابل وهو ما يسمى بالسبي البابلي.
- سقطت دولة بابل في يد الفرس في عهد ملكهم قورش سنة 538 ق.م الذي سمح لليهود بالعودة إلى بيت المقدس وبناء هيكلهم، وعيَّن عليها حاكماً منهم من قبله.
- زحف الإسكندر المقدوني اليوناني إلى بلاد الشام وفلسطين، واستولى عليها وأزال حكم الفرس، ودخلت منطقة اليهود تحت حكم اليونان من نهاية القرن الرابع ق.م إلى منتصف القرن الأول ق.م.
- في منتصف القرن الأول ق.م، زحف القائد الروماني بومبي إلى بلاد الشام وفلسطين سنة 64ق.م وأزال حكم اليونانيين عنها، ودخل اليهود تحت حكم الرومان وسيطرتهم، وفي زمانهم ولد المسيح عليه السلام.
- خضعت فلسطين للسياسة الرومانية وانتهجت في أول الأمر نظام الحماية، وأوكلت ظاهر السلطة إلى ملك محلي من اليهود لضمان ولائه.
- في عصر أغسطس إمبراطور روما (ت: 14م) أحاطت الإمبراطورية الرومانية في تلك الفترة بالبحر المتوسط كله، وببلاد أوروبا الواقعة غرب نهر الراين إلى البحر الأسود، وحكمت الأناضول (تركيا) وبلاد الرافدين والشام ومصر والشمال الأفريقي كله، أي أن المجتمع النصراني ولد في مكان التقى فيه عالمان: الشرق والغرب، والساميون والرومان، والإغريق واليهود وغير اليهود.
- تولى الحكم في منطقة فلسطين رجل متهوِّد هو (هيرودوس الأكبر) فحكم من (37-40ق.م) ثم ما لبثت رومة من سنة 6م أن أخضعت البلاد كلها للحكم المباشر، فضمت مقاطعتي اليهودية من الجنوب والسامرة في الوسط ضمن ولاية واحدة.
- كانت الحالة السياسية في عصر المسيح من أسوأ ما يكون، وأبلغ منها في السوء الحالة الاجتماعية، فبسبب السلطة المطلقة التي كانت بيد الحكام ضاع النظام مع القانون، فحدث تفاوت كبير بين الحكَّام والمحكومين، فكانت الثروة والترف والطغيان من ناحية، والفقر والهوان من ناحية أخرى، إضافة إلى الضرائب التي كانت تجبى لحساب روما، وانحصر هدف رجال الدين في جمع الأموال، وخلا المجتمع من الترابط والتألف، وانتشرت العصبية بين الناس وظهرت الفوارق الطبقيَّة.
- إنَّ التعاليم الإلهية التي جاء بها عيسى عليه السلام –كانت مناسبة لهذه البيئة، وجاءت علاجاً لمشكلاتها، فبينما كانت تسيطر الأجواء المادية في ذلك المجتمع جاءت تعاليم عيسى عليه السلام روحية سامية لتعالج ذلك الاستغراق المادي.
- إن الأفكار والمعتقدات السائدة في تلك البيئة وما حولها كان لها أثرٌ في تلوين المسيحية - بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء - بألوان مختلفة، وهذا العصر أو تلك البيئة كانت تتنازعها عوامل ثلاثة: هي الحضارة الإغريقية التي شكلت عقل الإنسان، و(الدولة الرومانية) التي حددت له مؤسساته التي يعيش بينها، ثم الدين اليهودي الذي جاءت المسيحية أساساً لإصلاحه بعد أن صار عامل تخريب في العقل وفي أُطُر الحياة معاً.
- خلَّف الرومان من بعدهم إلى جانب ما خلفه الإغريق فكرة (تأليه الإنسان)، وإلى ما خلفه الإغريق من المؤسسات، والهياكل والتنظيمات التي صارت تنظم الحياة الدينية الرومانية والتي انتقلت إلى الحياة الدينية المسيحية مع الانحراف الكبير والخطير عن الديانة النصرانية التي بعث الله بها عيسى عليه السلام كما سيأتي بيانه بإذن الله.
- إن من أهم فرق اليهود في هذه الفترة - مبعث المسيح عليه السلام - لدى الباحثين هي: السامريون، الصدوقيون، والفريسيون، والقمرانيون، والآسانيون، وكلها باستثناء السامريين فرق ظهرت في الفترة الوسيطة بعد الأسر البابلي.
- تعرض الهيكل الذي هو مقرُّ العبادة عند اليهود للهدم على يد البابليين ثم أمر (قورش) الفارسي بإعادة بنائه وجاء الملك (هيرودوس) وجدّد بناءه وتم ذلك أو كان في عصر الميلاد.
- إن أصدق كتاب موجود لدينا اليوم هو كتاب الله عز وجل ولذلك اعتمدته في حديثي عن المسيح عيسى عليه السلام، فهو محفوظ بحفظ الله له، وهو (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)، وهو مصدِّق لما قبله من الكتب السماوية ومهيمن عليها.
- ومن الناحية التاريخية نجد أن التاريخ لا يسعفنا بالمعلومات الأساسية المؤكدة عن دعوة المسيح عليه السلام، وذلك لأسباب عدّة منها: بُعد العهد واضطراب الروايات التاريخية، بل من المؤكد أن لتدخّل العنصر البشري دوراً في هذا حتى اختلط الحابل بالنابل، وتعسّر وتميز الطيب من الخبيث والحق من الباطل.
- إن الإنجيل المنزل على عيسى - عليه السلام - لا وجود له اليوم حتى في الأوساط النصرانية، فكيف نعدل عن وحي سماوي وهو القرآن الكريم إلى مؤلفات بشرية وهي الموسومة اليوم بالأناجيل؟
- إن القرآن الكريم مع السنة النبوية الصحيحة في الحقيقة وحدهما المصدران - علميّاً وتاريخيّاً- اللذان صورا لنا بدقة عالية تاريخ الرسالات الإلهية كلها، من أول الأنبياء آدم عليه السلام حتى آخرهم وخيرهم: محمد ﷺ.
- إن القرآن الكريم له مكانته العلمية حتى في الأوساط النصرانية فنجدهم يقرُّون - مع كفرهم به-بجودة مصدريته، ودقة أخباره وبتواتره المنقطع النظير، وخلوِّه مما اتسمت به كتبهم من التناقض والأخطاء والتعبير والتبديل والإضافة والحذف.
- لا يوجد كتاب على وجه الأرض منح السيد المسيح - عليه السلام - وأمه البتول وعائلته الكريمة، تكريماً وتبجيلاً أعظم من القرآن الكريم.