الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)

الخلاصات والإستنتاجات(2)

الحلقة: السادسة والخمسون

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

رمضان 1441 ه/ مايو 2020

- إن تكريم القرآن الكريم للمسيح وأمه وعائلته يفوق بلا ريب تكريم كل من التوراة والإنجيل الموجودين حالياً، وكان القرآن الكريم بالإضافة إلى هذا التكريم هو المصحح للأخطاء والاتهامات والافتراءات الباطلة التي كانت توجّه إلى السيد المسيح وأمه الطاهرة على ألسنة اليهود والمسيحيين أنفسهم.
- في القرآن الكريم توجد سورة آل عمران وهي اسم عائلة المسيح عليه السلام، ولفظة (آل) كلمة تخاطب بها العائلات الكريمة الطيبة، وهذه السورة هي ثاني أطول سورة في القرآن الكريم، وهناك سورة باسم سورة (مريم) وهو اسم السيدة مريم العذراء والدة المسيح عليهما السلام، على حين لا يوجد في القرآن الكريم اسم لعائلة نبي الإسلام محمد ﷺ، إذ لا توجد سورة تحمل اسم (بني هاشم) أو (بني عبد المطلب) ولا توجد سورة تحمل اسم (آمنة بنت وهب) والدة الرسول ﷺ.
- إن الوثيقة التاريخية الوحيدة الصادقة التي لا يعتريها اللُّبس ولا الغموض ولا التحريف، وتتمتع بمصداقية مطلقة 100% ما جاء من حديث واضح وقصة صادقة عن عيسى عليه السلام وأمه وعائلته وعقيدته ودعوته وأنصاره وقومه، وحقيقته في القرآن الكريم.
- إن حديث القرآن الكريم عن سيرة عيسى - عليه السلام - دليل على الإعجاز التاريخي والتي تشهد أنه لا يمكن أن يكون القرآن الكريم صناعة بشرية، بل هو كلام الله الخالق، كما تشهد لرسول الله ﷺ بأنه لا يمكن أن يكون قد استقى هذه الحقائق من كتب العهدين القديم والجديد، وذلك للاختلاف الكبير بين ما جاء عن حقيقة هذا العبد الصالح في تلك المصادر، وتكفي في ذلك الإشارة إلى أن هناك من الوقائع القرآنية ما لم يرد له ذكر في أي من كتب العهدين القديم والجديد، وذلك من مثل معجزة كلام المسيح عليه السلام وهو في المهد ونطقه للعبودية الكاملة لله تعالى، وتنزيهه للخالق العظيم عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله وغير ذلك.
- ورد اسم عيسى - عليه السلام - خمساً وعشرين مرة في القرآن، وورد اسم أمه مريم - عليها السلام - أربعاً وثلاثين مرة في القرآن، وثلاثاً وعشرين مرة مقرونة باسم عيسى ابن مريم، وإحدى عشر مرة مجردة عن عيسى.
- تحدث القرآن الكريم عن أسرة عيسى عليه السلام من ناحية أمه عن جده من أمه، وجدَّته من أمه، وبيَّن عظمة هذه الأسرة في الصلاح والتقوى والعبادة.
- ذكر الله عز وجل نشأة عيسى - عليه السلام - ببيان نشأة أمه بياناً لبطلان ما يعتقده النصارى فيه من أنه ابن الله - تعالى الله عن ذلك -، فعيسى له أم، وأمُّ عيسى لها أم وأب، ولهما أمهات وآباء إلى آدم.
- ذكر الله الأحوال التي اكتنفت الحمل بالبتول مريم، وولادتها وتربيتها، ويلاحظ القارئ أن العبادة والنسك أظلالها وهي جنين في بطن أمها إلى أن بلغت مبلغ النساء، واصطفاها الله لأمرٍ جليل خطير، فأمها وهي حامل بها نذرت ما في بطنها لما تحرك الحمل في أحشائها أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى، منقطعاً لعبادته وخدمة بيت المقدس، والمحرر هو الخالص لله عز وجل لا يشوبه شيء من أمر الدنيا ولا يشغله شاغل عن عبادة الله.
- كان دعاء امرأة عمران دليلاً على إخلاصها وقوة إيمانها وحسن عبادتها لربها والظن فيه، ولذلك استمرت في نذرها، وسألت الله أن يتقبله منها، ودعت الله عز وجل أن يحفظها وذريتها من الشيطان الرجيم.
- تقبل الله عز وجل مريم - عليها السلام - بقبولٍ حسن، وأنبتها نباتاً حسناً، وجعل لها من يقوم بشأنها ويعنى بأمرها ويهتم بإصلاحها، وقيَّض لها نبياً من الأنبياء وهو زكريا عليه السلام.
- عاشت مريم طفولتها وشبابها عند زكريا عليه السلام، واقتبست منه العلم والمعرفة واقتدت به في العبادة والذكر واستفادت منه الخلق السلوك فنشأت نشأة إسلامية صالحة، وكانت عابدة ذاكرة زاهدة مقبلة على الله متصلة به.
- كانت مريم عليها السلام سبباً في دعاء زكريا لربه بالذرية الصالحة لما رأى أفضال الله وكرامته على مريم، وذكرته أن رزقها من عند الله.
- استجاب الله دعاء زكريا عليه السلام وكتب له الولد برحمته، وأجرى له معجزة خارقة، فامرأته عاقر لا يمكن أن تنجب في المنطق البشري القائم على الأسباب والعادات، ولكنها حملت، ووضعت بأمر الله وإرادته وكرمه وجوده.
- كان زكريا ويحيى عليهما السلام من آخر أنبياء بني إسرائيل ولم يأت نبي بعدهما لبني إسرائيل إلا عيسى ابن مريم عليه السلام.
- لما ذكر الله تعالى قصة ولادة يحيى بن زكريا - عليهما السلام - من عجوز عاقر وشيخ قد بلغ من الكبر عتياً، وذلك بمقتضى السنن الكونية شيء خارق للعادة، لعقم المرأة وهرم الشيخ، أعقبها بما هو أبلغ وأروع في خرق العادات فذكر ولادة عيسى عليه السلام من غير أب، وهي شيء أعجب من الأول بكثير.
- إن الله اصطفى مريم على نساء العالمين وانتقاها من بين النساء ونشَّأها نشأة حسنة، وأنبتها نباتاً حسناً، وأسبغ عليها نعمه وتوفيقه ورعايته، وألهم أمها أن تنذرها له وهي في بطنها ليجعلها خالصة محررة له، وهيأ لها الحياة والعيش تحت كنف ورعاية نبي كريم هو زكريا عليه السلام وقدَّم لها الرزق المنوَّع الشامل وهي في المحراب تكريماً لها ولم تتوفر هذه الأمور لأي امرأة غيرها، مهما بلغت من الصلاح والتقوى، وهذا هو الاصطفاء الأول لها القائم على الانتقاء والاجتباء، وبما أن الله اصطفاها وانتقاها، فقد صفّاها وخلَّصها من الشوائب، وطهرها من الأدناس والأرجاس (وطهرك)، واصطفاها الله على نساء العالمين، وفضلها عليهنَّ جميعاً في إنجابها الولد بدون أب، حيث خصّها وحدها بهذه الآية الباهرة والمعجزة الخارقة.
- وصفت السيدة مريم عليها السلام بالصدِّيقة لكمال إخلاصها وانقيادها لله عز وجل ظاهراً وباطناً، والتعبُّد بطاعته سبحانه في حركة وسكون مع إخلاصٍ عظيم في القصد لله عز وجل. وصفت بالصديقة، لكثرة تصديقها بآيات ربها، وتصديقها ولدها فيما أخبرها به، ووصفت بصدق وعد ربها وهو ميثاق الإيمان.
- كانت حياة مريم عليها السلام طاعة وعبادة وخشوع وركوع وحياة موصولة بالله تمهيداً للأمر العظيم الخطير وهو مولد عيسى عليه السلام من غير أب.
- إن الآيات التي تحدثت عن آل عمران والسيدة مريم وزكريا - عليهم السلام - في سورة آل عمران من أنباء الغيب، ودلالة واضحة على نبوة النبيﷺ، وأن تلك الأخبار من وحي الله إليه، لأن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعلمون أن محمداًﷺ أميّ لا يقرأ ولا يكتب، وهذا معناه أنه لم يعلم بهذه الأخبار من الكتب ولم يصاحب أحبار ورهبان أهل الكتاب فكيف علم بهذه الأخبار الخفية التي لا يعلمها إلا عدد قليل من الأحبار والرهبان، ولذلك لا شك بأن الله هو الذي أوحى إليه بها، فهو رسول الله.
- إن ما ورد من الأناجيل في شأن عيسى - عليه السلام - وفي شأن مريم متضارب متناقض، بعيد عن الحقيقة منحرف عن الصواب، حتى شرَّاح الأناجيل قد أصابتهم الحَيرة ووقعوا في أخطاء وتناقضات وهم يشرحون الأناجيل.
- بشّرت الملائكة مريم بعيسى - عليهما السلام - وذكرت جملة من أوصافه، وتحققت فيما بعد، ومن أهم تلك الأوصاف كونه وجيهاً في الدنيا والآخرة، ومن المقربين، ويكلم الناس في المهد وكهلاً، ومن الصالحين.
- ذكر القرآن الكريم الحوار بين جبريل ومريم - عليهما السلام - بدقةٍ متناهية لا توجد إلا في كتاب الله عز وجل.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022