تعريف الملائكة وحقيقتهم ومادة خلقهم
الحلقة: الأولى
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رمضان 1441 ه/ مايو 2020
أولاً ـ تعريف الملائكة لغة وشرعاً
1 ـ الملائكة لغة جَمْعُ مَلَكٍ وأصله «مألك» وقيل «ملأك» على وزن مَفْعَل فنُقِلَتْ حركةُ الهمزةِ إلى اللام وأُسقطت فوزن «ملك» فعل وقيل مأخوذٌ من «لأَكَ» إذا أرسل «فملأك» مَفْعَل ثم نُقِلَتْ الحركةُ وسقطتِ الهمزةُ فوزن «ملك» مَفَلْ وقيل غير ذلك.
والهاءُ في «الملائكة» مزيدةٌ لتأنيثِ الجمعِ أو للمبالغة وقيل مقلوبٌ «مألك» من الألوكة وهي الرسالة قال الشاعر:
فَلَسْتُ لأَنْسَى وَلكْن لَمِلأْكٍ تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يُصَوِّبُ
وملأك مفعل من لأَكَ إذا أرسل والألوكة والمألك والمألكة والملأكة الرسالةُ.
وقال لبيدُ:
وغلامٌ أرسلَتْهُ أُمُّهُ بألوكٍ فَبَذَلْنا مَا سَأَلْ
يقال ألكني أي أرسلني.
فعلى هذا يكونُ أصلُ الاشقاقِ من (الألوكة) وهي الرسالة فالملائكةُ عليهم السلام هم رسلُ اللهِ بما يريدُ إلى خلقهِ وقد سمّاهم الله عزّ وجل بذلك في آيات كثيرةٍ منها قوله تعالى {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ} {عَصِيبٌ *} [هود 77 وقال تعالى {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ *} [الذاريات 31[.
وهذا الذي عليه عامُّة أهل اللغة والمفسرين.
وقيل أصله الملك هو الأخذ بقوة وقيل مخفّف من (مالك) وقيل سُمّوا بذلك لتولّيهم تدبيرَ ما أمرهم الله به في السماواتِ كما يسمَّى مَنْ يتولَّى تدبير شؤون الناس في الأرض مَلِكاً والقولُ بأنَّ اشتقاقَ الاسمِ من (الألوكة) ـ وهي الرسالة ـ أقربُ وأصوبُ من جهة اللغةِ والمعنى أمّا المعنيان الاخران فهما من صفاتهم عليهم السلام.
2 ـ الملائكة شرعاً هم أجسامٌ علويةٌ قائمةٌ بأنفسها قادرةٌ بالقدرة الإلهية على التشكل ذوو قدرات خارقة لا حصرَ لها لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون مقرّبون طائعون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهيةِ شيءٌ.
ثانياً ـ حقيقة الملائكة كما وردت في الكتاب والسنة:
الذي دلّت عليه نصوصُ الكتابِ والسنةِ وإجماعُ المسلمين أنَّ الملائكة خَلْقٌ من خلق الله سبحانه وتعالى خلقهم لعبادته كما خلقَ الجنَّ والإنسَ وهم أحياءٌ عقلاءٌ ناطقون.
وعالم الملائكة غير عالم الجن والإنسان وإن كان الجميعُ خلقَ اللهِ لكنّه عالم كريم طاهر اصطفاه الله في الدنيا لقربه ولتنفيذ أوامره الكونية والشرعية وجعل الله الملائكةَ رسلَه وسفراءَه إلى خلقه لإبلاغِ وحيه فأكرمهم الله بهذا ووصفهم بذلك فقال سبحانه {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ *يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ *وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ *} 26 ـ 2
فأبانَ اللهُ بهذه الآيات حقيقةَ الملائكةِ وأنَّهم خَلْقٌ كريمٌ خلقهم الله لعبادته ورفع مقامهم وأكرمهم لكنّهم مع هذا الإكرامِ لم يخرجوا عن مقام العبودية ولا يستطيعون ولو ادّعى أحدُهم ذلك مع علوِّ مقامه لعاقبه الله بالنار.
ثالثاً ـ منزلةُ الإيمان بالملائكة
الإيمانُ بالملائكة هو الركن الثاني من أركانِ الإيمان الستة التي لا يصحُّ إيمانُ عبدٍ ولا يقبلُ إلا بتحقيقه والقران مملوءٌ بذكر الملائكة وأصنافهم ومراتبهم والأمرِ بالإيمان بهم والتحذيرِ من الكُفْرِ بهم وبيان أحوالهم مع الله ومع الناس وبيانِ مراتبهم وأعمالهم فتارةً يقرِنُ اسمه باسمهم ويجعل الإيمانَ به مستلزِمٌ الإيمانَ بهم وأنَّ البِرَّ لا يُنالُ إلا بالإيمان بهم، قال تعالى {لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} 17 وقال تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ *} 28 وقال تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ} عمران 1 وقال تعالى {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا *} 13 وقال تعالى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ *} 9 وقال تعالى {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} 17 وقال تعالى {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ *} 1 وقال تعالى {وَالْمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} 23 ـ 2 وغير ذلك من الايات الكريمات.
وقال رسولُ اللهِ (ﷺ) «الإيمانُ أن تؤمنَ باللهِ وملائكتِهِ وكتبِهِ ورسلِهِ، واليوم الاخِرِ وتؤمنَ بالقدرِ خيرهِ وشرِّه» والأحاديثُ في ذكر الملائكة كثيرةٌ سيأتي ذكرُها في هذا الكتاب بإذن الله تعالى.
إنَّ الإيمانَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره واجبٌ إجمالاً لا يصحُّ إيمانُ عبدٍ إلا بذلك.
وكلّما ازدادَ الإنسانُ علماً بتفاصيل هذه الأمور لزمه مِنَ الإيمانِ بحسب ما بلغه من ذلك وهو بذلك يزدادُ إيماناً قال تعالى {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانْا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ *} 12 وقال تعالى {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} المدثر: 31.
والإيمـان الواجبُ يُنَـالُ بالعلم فتعلُّمُ هذه الأمور على وجه الإجمال فرضُ عينٍ على كلِّ مسلم ومسلمة.
والإيمانُ المجملِ بالملائكةِ يتضمَّن عِدَّة أمورٍ منها.
1 ـ الإقرارُ بوجودهم وأنهم خلق من خلق الله خلقهم الله لعبادته وهم رسلُ اللهِ إلى خلقه بما شاء من وحي وغيره وأن وجودهم حقيقي وعدم رؤيتنا لهم لا يدل على عدم وجودهم فقد رأى النبيُّ (ﷺ) بعضَهم بصورته الحقيقية وراهم الأنبياءُ والصالحون والصحابةُ وهم متشكّلون بصورة البشر.
2 ـ إنزالهم منازلهم التي أنزلهم الله وإثبات أنّهم عبادٌ للهِ مأمورون مكلفون لا يقدرون إلاّ على ما أقدرهم عليه وأنّ الله أكرمهم ورفع مقامهم عنده وفضّل بعضَهم على بعضٍ وهم مع هذا لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم شيئاً من دون الله وإذا كانوا كذلك فلا يجوزُ أن يُصْرَفَ لهم شيءٌ من أنواع العبادة فضلاً أن يوصفوا بصفات الربوبية.
3 ـ الإيمان بما ورد في حقهم من الكتاب والسنة
4 ـ الإيمان بمن سَمَّى الله لنا منهم فنقر بهذه الأسماء وأنّ لله ملائكةً منهم جبريلُ وميكائيلُ فكلُّ مَنْ سمّى الله لنا وجَب علينا الإيمان باسمه ومَنْ لم يسمِّ لنا نؤمن به إجمالاً.
فهذا هو الإيمان المجمل بهم عليهم السلام وهو فرضُ عينٍ على كلِّ مسلمٍ ويجبُ عليهم أن يتعلّموا هذا ويعتقدوه.
ـ لطيفة:
نلحظ في جميع النصوص الواردة في القران الكريم والسنة المطهرة التي تخبر عن وجوب الإيمان بالملائكة أن الإيمان بالملائكة مقدّمٌ في كلِّ هذه النصوص على الإيمان بالكتب السماوية والرسل صلوات الله عليهم وسلامه فليس معنى هذا التقدم أنّه نوعٌ من التفضيل فليس هناك من الملائكة على الإطلاق ـ بمن فيهم جبريل عليه السلام ـ مَنْ هو أفضل من سيدنا محمد (ﷺ) وهو من الرسل ولكنّ التقديم في هذه النصوص للملائكة على الكتب السماوية والرسل لأنه لا يَحْدُث ولا يقعُ إيمانٌ بالكتب السماوية إلا بعدَ الإيمانِ بالملائكة لأنَّ الكتبَ تنزِلُ عن طريقهم فكانَ الإيمانُ بهم من البديهي قبل الإيمان بما يأتون به من عند الله تعالى وكذلك الرسل فلا يؤمن أحدٌ من البشر برسولٍ إلاّ وهو يعلم أنَّ الله بعثَ هذا الرسول وكلّفه عن طريق الملائكة فكان الإيمانُ بالرسل يستلزِمُ الإيمان بالملائكة الذين هم الواسطةُ بين الرسل وبين الله تعالى ولهذا كان تقديمهم وتقديمُ الإيمان بهم على الكتب والرسل.
رابعاً خلقهم:
قال رسول الله (ﷺ) «خُلِقَتْ الملائكةُ من نورٍ وخُلِقَ الجانُّ من مارجٍ وخُلقَ ادمُ ممّا وُصِفَ لكم».
وأما متى خُلقوا؟ فالله تعالى لم يخبرنا بذلك ولكننا نعلمُ أنَّ خلقهَم سابِقٌ على خلق ادم أبي البشر عليه السلام فقد أخبرنا الله أنه أعلمَ الملائكة بأنّه سيجعل في الأرض خليفة قال تعالى {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} البقرة 30. والمراد بالخليفةِ ادمُ عليه السلام وذريتُه وأمرهم بالسجود له حين خلقه {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ *} ]الحجر 29[.
خامساً هل كان إبليس من الملائكة؟
اختلف العلماء في جنس إبليس؛ هل هو من الملائكة أم من الجن؟ وذلك لورود الآيات القرآنية باستثنائه من الملائكة في مواضع من القران عند التعرض لسجود الملائكة لآدم عليه السلام قال تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ} {اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ *} [الأعراف 1 وقال تعالى {فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ *إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ *} [ص 73 ـ 7 وغير ذلك من الآيات وهي تدل على استثنائه من الملائكة.
وقد جاءت اية سورة الكهف مصرحةً بأنَّ إبليس من الجن قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآِدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} الكهف: 50.
وإزاءَ هذه الآيات فقد انقسم العلماء في هذه المسألة إلى فريقين:
الفريق الأول ويرى أنَّ إبليسَ من الملائكة والاستثناء الواردُ في الايات إنّما هو استثناءٌ متصل.
والفريق الثاني ويرى أنّ إبليس لم يكن من الملائكة وإنّما هو من الجن والاستثناء في الآيات إنّما هو استثناء منقطع.
ولقد اخترت القول القائل بأن إبليس لم يكن من الملائكة وذلك لقّوةِ الأدلة والتي منها:
1 ـ قوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} الكهف 50. فإنّ الله صرّح في هذه الآية الكريمة بأنَّ إبليَس كان من الجن والجِنُّ غيرُ الملائكة فلا يجوزُ أن ينسَبَ إلى غير ما نسبه الله إليه.
وقد علل سبحانه فِسْقَ إبليس عن أمر ربه بكونه من الجن ففرق سبحانه بينه وبين الملائكة وهذا ظاهِرٌ في أنه ليس منهم.
قال الألوسي: { كَانَ مِنَ الْجِنِّ } كلامٌ مستأنفٌ سيقَ مساق التعليل لما يفيده استثناء اللعين من {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} فكأنه قيل ما له لم يسجد؟ فقيل كان أصله جنيّاً وهذا ظاهرٌ في أنه ليس من الملائكة.
وقال الشنقيطي وقولُـه في هذه الآية الكريمة: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} ظاهر في أنَّ سببَ فسقه عن أمر ربه كونه من الجنّ وقد تقرر في الأصول في مسلك النص وفي مسلك الإيماء والتنبيه أنّ الفاءَ من الحروف الدالّة على التعليل كقولهم سُرَقَ فَقُطِعَتْ يده أي لأجل سرقته وسها فسجدَ أي لأجلِ سهوه ومن هذا القبيل قوله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} 3 أي لعلة كينونته من الجن لأنّ هذا الوصفَ فَرْقٌ بينه وبين الملائكة لأنهم امتثلوا الأمر وعصا.
2 ـ أن إبليس لو كان من الملائكة لما عصى الله عندما توجَّه إليه بالأمر بالسجود لآدم لقوله تعالى عن الملائكة {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} التحريم: 6.
3 ـ أنّ الله أخبر أن إبليس له نسلٌ وذرية قال تعالى {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} الكهف 50. فإبليسُ وذريته يتوالدون كما يتوالد بنو ادم كما قال الحسن ويأكلون ويشربون والملائكة لا يتوالدون ولا يأكلون و لا يشربون، فدلَّ هذا على أن إبليس من الجن وليس من الملائكة.
4 ـ أن الله أخبر أنَّه خلقَ إبليسَ من النار ولم يخبر أنَّه خلقَ الملائكة من شيء من ذلك بل ورد في الحديث قوله عليه الصلاة والسلام «خُلِقَتْ الملائكةُ من نورٍ وخُلِقَ الجانَّ من مارِجِ من نار وخُلِقَ ادمُ ممّا وُصِفَ لكم».
وقد ورد التصريح في القران على لسان إبليس بأنّ الذي دعاه إلى عدم السجود لآدم هو أنَّه مخلوق من النارِ وادم مخلوقٌ من الطين قال تعالى {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ *} 1 فالذي دعا إبليس لعدم السجود هو ظنُّه الفاسد أنَّ النارَ أشرفُ من الطين، وأنَّ المخلوقَ منها أشرفُ من المخلوق من الطين.
5 ـ قوله تعالى {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ *وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ *} {يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ *وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ *}[الشعراء 91 ـ 9 قالوا دلّتْ هذه الآيات على أنّ لإبليس جنوداً وأنّهم جميعاً سوفَ يساقون إلى النار وإبليسُ على رأسِهم في حين أنَّ الملائكة لا جنودَ لهم بل هم أنفسُهم جنود لله تعالى.
6 ـ قوله تعالى {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ *} 4 قالوا هذه الآية صريحةٌ في الفرق بين الجن والملائكة وأنَّ الجنّ عالم اخر غير الملائكة وإذا كانوا غير الملائكة لم يكن إبليسُ من الملائكةِ مع ما صّرح به القران أنه كان من الجن.
7 ـ إبليس لم يكن رسولاً من الله لعباده أبداً وكان الملائكةُ رُسلَ الله لعباده دائماً، قال تعالى {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ *} الحج: 75.
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب :
الإيمان بالملائكة
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC170.pdf