دعاءُ الملائكةِ على الكفّار وعلى أقوامٍ بسبب أعمالٍ سيئةٍ

الحلقة: السابعة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1441 ه/ مايو 2020

وكما يدعو الملائكةُ للمؤمنين ويصلِّون عليهم ويستغفرُون لهم فإنّهم يبغضون الكفّار ويلعنُونهم وينْزِلُون من السماءِ لعقابهم ويكونُون عوناً للمؤمنين عليهم كما وقع في غزواتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والنصوصُ من الكتابِ والسنةِ كثيرةٌ في هذا الموضوع.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *} 16 وقال تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ *أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *} آل عمران 86 ـ 87 وهذا اللعنُ من الملائكةِ ـ والعياذ بالله ـ يصحبُ صاحبَه إلى يومِ القيامةِ كما قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أولئك يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ *} هود 18 ـ 19. والأَشْهَادُ هنا همُ الملائكة وقيل همُ الملائكةُ والأنبياءُ والرسلُ وسائرُ البشر والجان والشاهِدُ أنَّ الملائكة يلعنون الكفرةَ يومَ القيامةِ والعياذ بالله.
قال القرطبي الأشهادُ الملائكةُ الحفظةُ وذكر ذلك عن مجاهدٍ والأعمشَ وغيرهما.
وهم كذلك يلعنون أهلَ النارِ يومَ القيامة بعد تقريعِ أهلِ الجنّة لهم كما قال تعالى {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُّمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ *} الاعراف 44 . قال القرطبي أي نادى مؤذن من الملائكة. وقد ورد كذلك أنّ الملائكة يدعون بالعذابِ والغضبِ على أقوامٍ بسبب أعمال سيئة فمن ذلك:
1 ـ دعاؤهم على المُحْدِثِ في المدينة:
عن أنس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال «المدينةُ حَرَمٌ من كذا إلى كذا لا يُقْطَعُ شجرُها ولا يُحدَثُ فيها حدثٌ ومَنْ أَحْدَثَ فيها حَدَثاً فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المدينةُ حرمٌ فمن أحدثَ فيها حدثاً أو اوى مُحْدِثاً فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين لا يقبلُ منه يومَ القيامةِ عدلٌ ولا صَرْفٌ».
والحدث الأمرُ المنكر الذي ليس بمعتادٍ ولا معروفٍ في السنة، والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول فمعنى الكسر مَنْ نصره أو اواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يُقْتَصَّ منه والفتح هو الأمرُ المبتدَعُ نفسُه ويكونُ معى الإيواء فيه الرضا والصبر عليه فإنّه من رضيَ بالبدعةِ وأقرّ فاعِلَها ولم ينكر عليه فقد اواه وفيه الحديثُ «إيّاكُمْ وَمُحْدَثاتُ الأمورِ» جمع مُحْدَثَةٌ بالفتح وهي ما لم يكنْ معروفاً في كتابٍ ولا سنةِ ولا إجماعٍ.
2 ـ لعنهم من سَبَّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ سبَّ أصحابي فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين».
3 ـ لعنُهم من أشارَ بالسلاحِ على مسلمٍ:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أشارَ إلى أخيهِ بحديدةٍ فإنّ الملائكةَ تلعنُهُ حتّى وإنْ كانَ أخاه لأبيه وأُمْه».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يُشِرُ أحدُكم إلى أخيه بالسّلاحِ فإنّه لا يدري أحدُكم لعلَّ الشيطانَ ينزعُ في يدهِ فيقعُ في حفرةٍ من النارِ».
4 ـ لعنهم من انتسبَ إلى غير أبيه أو تولّى غيرَ مواليه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من انتسبَ إلى غيرِ أبيه أو تولّى غيرَ مواليه فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعين» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ تولّى قوماً بغيرِ إذنِ مواليه فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ لا يقبلُ منه يومَ القيامةِ عدلٌ ولا صرفٌ».
5 ـ لعنهم مَنْ حال بين ولي المقتول وبين القاتل أو الدية:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ قُتِلَ في عميةٍ أو عصبيةٍ أو سوطٍ أو عصاً فعليه عَقْلُ الخطأ ومَنْ قتلَ عمداً فهو قَوَدٌ ومن حالَ بينه وبينه فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ؛ لا يقبلُ اللهُ منه صَرْفاً ولا عَدْلاً».
6 ـ لعنُهم المرأةَ التي تهجرُ فراشَ زوجها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا دَعَا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأبتْ أن تجيءَ لعنتْها الملائكةُ حتّى تصبحَ».
7 ـ تركهم الصلاةَ على النائحةِ:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تصلّي الملائكةُ على النائحةِ ولا على مُرِنّةِ».

يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب :
الإيمان بالملائكة
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC170.pdf