في مسألة استخلاف أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما؛ الظروف والحيثيات
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة الرابعة عشر
أولاً: استخلاف الصِّدِّيق للفاروق:
لمَّا اشتدَّ المرض بأبي بكرٍ جمع النَّاس إِليه، فقال: إِنَّه قد نزل بي ما قد ترون، ولا أظنُّني إِلا ميِّتٌ؛ لما بي، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي، وحَلَّ عنكم عقدتي، وردَّ عليكم أمركم، فأمِّروا عليكم مَنْ أحببتم، فإِنَّكم إِن أمَّرتم في حياتي كان أجدر ألا تختلفوا بعدي. وتشاور الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ وكلٌّ يحاول أن يدفع الأمر عن نفسه ويطلبه لأخيه؛ إِذ يرى فيه الصَّلاح، والأهليَّة، لذا رجعوا إِليه، فقالوا: رأينا يا خليفة رسول الله رأيك ! قال: فأمهلوني حتَّى أنظر لله، ولدينه، ولعباده.
فدعا أبو بكرٍ عبد الرَّحمن بن عوف، فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطَّاب، فقال له: ما تسألني عن أمرٍ إِلا وأنت أعلم به منِّي. فقال أبو بكر: وإِن ! فقال عبد الرَّحمن: هو والله أفضل من رأيك فيه !
ثمَّ دعا عثمان بن عفَّان، فقال: أخبرني عن عمر بن الخطَّاب. فقال: أنت أخبر به، فقال: على ذلك يا أبا عبد الله ! فقال عثمان: اللَّهُمَّ علمي به: أنَّ سريرته خيرٌ من علانيته، وأنَّه ليس فينا مثله. فقال أبو بكر: يرحمك الله ! والله لو تركتهُ ما عَدَتْك !
ثمَّ دعا أسيد بن حضير، فقال له مثل ذلك، فقال أسيد: اللَّهُمَّ أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرِّضا، ويسخط للسُّخط، والَّذي يسرُّ خيرٌ من الَّذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحدٌ أقوى عليه منه.
وكذلك استشار سعيد بن زيدٍ، وعدداً من الأنصار، والمهاجرين، وكلُّهم تقريباً كانوا برأيٍ واحدٍ في عمر إِلا طلحة بن عبيد الله خاف من شدَّته، فقال لأبي بكر: ما أنت قائل لربِّك إِذا سألك عن استخلاف عمر علينا، وقد ترى غلظته ؟ فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني ؟ خاب من تزوَّد من أمركم بظلمٍ، أقول: اللَّهُمَّ استخلفت عليهم خير أهلك! وبيَّن لهم سبب غلظة عمر، وشدَّته، فقال: ذلك لأنَّه يراني رقيقاً، ولو أفضى الأمر إِليه؛ لترك كثيراً ممَّا عليه.
ثمَّ كتب عهداً مكتوباً يُقرأ على النَّاس في المدينة، وفي الأمصار عن طريق أمراء الأجناد، فكان نصُّ العهد: (بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في اخر عهده بالدُّنيا خارجاً منها، وعند أوَّل عهده بالأخرة داخلاً فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، إِنِّي استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطَّاب، فاسمعوا له، وأطيعوا، وإِنِّي لم ال الله، ورسوله، ودينه، ونفسي، وإِيَّاكم خيراً، فإِن عدل؛ فذلك ظنِّي به، وعلمي فيه، وإِن بدَّل فلكلِّ أمرئ ما اكتسب من الإِثم، والخيرَ أردتُ، ولا أعلم الغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ *} [الشعراء: 227].
إِنَّ عمر هو نصح أبي بكر الأخير للأمَّة، فقد أبصر الدُّنيا مقبلةً تتهادى، وفي قومه فاقةٌ قديمةٌ، يعرفها، فإِذا ما أطلُّوا لها استشرفوا شهواتها، فنكلت بهم، واستبدَّت، وذاك حذَّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إِيَّاه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدُّنيا، كما بسطت على مَنْ كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم، كما أهلكتهم ».
لقد أبصر أبو بكرٍ الدَّاء فأتى لهم رضي الله عنه بدواءٍ ناجعٍ.. جبلٍ شاهقٍ، إِذا ما رأته الدُّنيا أيست، وولَّت عنهم مدبرةً، إِنَّه الرَّجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: « إِيهاً يا بن الخطاب! والَّذي نفسي بيده ما لقيك الشَّيطان سالكاً فجّاً إِلا سلك فجّاً غير فجِّك».
إِنَّ الأحداث الجسام الَّتي بالأمَّة قد بدأت بقتل عمر، هذه القواصم خير شاهدٍ على فراسة أبي بكرٍ وصدق رؤيته في العهد لعمر، فعن عبد الله بن مسعودٍ ـ رضي الله عنه ـ قال: أفرس النَّاس ثلاثة: صاحبة موسى؛ الَّتي قالت: {يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ *} [القصص: 26]، وصاحب يوسف حيث قال: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: 21]، وأبو بكرٍ حين استخلف عمر، فقد كان عمر هو سدَّ الأمَّة المنيع؛ الَّذي حال بينها، وبين أمواج الفتن.
هذا وقد أخبر عمر بن الخطَّاب بخطواته القادمة، فقد دخل عليه عمر، فعرَّفه أبو بكر بما عزم، فأبى أن يقبل، فتهدَّده أبو بكر بالسَّيف، فما كان أمام عمر إِلا أن يقبل، وأراد الصِّدِّيق أن يبلِّغ النَّاس بلسانه واعياً مدركاً حتَّى لا يحصل أيُّ لَبْسٍ، فأشرف أبو بكر على النَّاس، وقال لهم: أترضون بمن أستخلف عليكم، فإِنِّي والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابةٍ، وإنِّي قد استخلفت عليكم عمر بن الخطَّاب، فاسمعوا له، وأطيعوا. فقالوا: سمعنا، وأطعنا. وتوجَّه الصِّدِّيق بالدُّعاء إِلى الله يناجيه، ويبثه كوامن نفسه، وهو يقول: اللَّهُمَّ ولَّيتُه بغير أمر نبيِّك، ولم أرد بذلك إِلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة، واجتهدت لهم رأيي، فولَّيت عليهم خيرهم، وأقواهم عليهم، وأحرصهم على ما أرشدهم، وقد حضرني من أمرك ما حضر، فأخلفني فيهم، فهم عبادك!
وكلَّف أبو بكرٍ عثمان ـ رضي الله عنه ـ بأن يتولى قراءة العهد على النَّاس، وأخذ البيعة لعمر قبل موت أبي بكرٍ بعد أن ختمه لمزيدٍ من التَّوثيق، والحرص على إِمضاء الأمر، دون أيِّ اثارٍ سلبيةٍ، وقال عثمان للنَّاس: أتبايعون لمن في هذا الكتاب ؟ فقالوا: نعم. فأقرُّوا بذلك جميعاً، ورضوا به، فبعد أن قرأ العهد على النَّاس، ورضوا به؛ أقبلوا عليه، وبايعوه، واختلى الصِّدِّيق بالفاروق، وأوصاه بمجموعةٍ من التَّوصيات لإِخلاء ذمَّته من أي شيءٍ، حتَّى يمضي إِلى ربِّه خالياً من أيِّ تبعةٍ بعد أن بذل قصارى جهده، واجتهاده، وقد جاء في الوصيَّة:
اتَّق الله يا عمر ! واعلم أنَّ لله عملاً بالنَّهار لا يقبله باللَّيل، وعملاً باللَّيل لا يقبله بالنَّهار، وأنَّه لا يقبل نافلة حتَّى تُؤدَّى فريضته، وإِنَّما ثقلت موازين مَنْ ثقلت موازينه يوم القيامة باتِّباعهم الحقَّ في دار الدُّنيا، وثقله عليهم، وحقَّ لميزانٍ يوضع فيه الحقُّ غداً أن يكون ثقيلاً. وإِنَّما خفت موازين مَنْ خفَّت موازينه يوم القيامة باتِّباعهم الباطل في الدُّنيا، وخفته عليهم، وحقَّ لميزانٍ يوضع فيه الباطل غداً أن يكون خفيفاً. وإِنَّ الله تعالى ذكر أهل الجنَّة، فذكرهم بأحسن أعمالهم، وتجاوز عن سيِّئه، فإِذا ذكرتهم؛ قلت: إِنِّي لأخاف ألا ألحق بهم، وإِن الله تعالى ذكر أهل النَّار، فذكرهم بأسوأ أعمالهم، وردَّ عليهم أحسنه، فإِذا ذكرتهم؛ قلت: إِنِّي لأرجو ألا أكون مع هؤلاء؛ ليكون العبد راغباً راهباً، لا يتمنَّى على الله، ولا يقنط من رحمة الله، فإِن أنت حفظت وصيَّتي فلا يك غائبٌ أحبَّ إِليك من الموت، وهو اتيك، وإِن أنت ضيَّعت وصيَّتي فلا يك غائبٌ أبغض إِليك من الموت، ولست تُعجزه.
وباشر عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ أعماله بصفته خليفة للمسلمين فور وفاة أبي بكرٍ رضي الله عنه.
ويلحظ الباحث: أنَّ ترشيح أبي بكرٍ الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ لعمر بن الخطَّاب، لم يأخذ قوَّته الشَّرعية، ما لم يستند لرضا الغالبيَّة بعمر، وهذا ما تحقَّق حين طلب أبو بكر من النَّاس أن يبحثوا لأنفسهم عن خليفة من بعده، فوضعوا الأمر بين يديه، وقالوا له: رأينا إِنَّما هو رأيك.
ولم يقرِّر أبو بكرٍ التَّرشيح إِلا بعد أن استشار أعيان الصَّحابة، فسأل كلَّ واحدٍ على انفرادٍ، ولما ترجَّح لديه اتفاقهم؛ أعلن ترشيحه لعمر، فكان ترشيح أبي بكرٍ صادراً عن استقراءٍ لاراء الأمَّة من خلال أعيانها، على أنَّ هذا التَّرشيح لا يأخذ قوته الشَّرعية إِلا بقبول الأمَّة به، ذلك: أنَّ اختيار الحاكم حقٌّ للأمَّة، والخليفة يتصرَّف بالوكالة عن الأمَّة. ولابد من رضا الأصيل، ولهذا توجَّه أبو بكر إِلى الأمَّة: أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فإِنِّي والله ما ألوت من جهدي الرَّأي، ولا ولَّيت ذا قرابة، وأنِّي قد استخلفت عمر بن الخطَّاب، فاسمعوا له، وأطيعوا، فقالوا: سمعنا، وأطعنا. وفي قول أبي بكرٍ: أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ إِشعارٌ بأنَّ الأمر للأمَّة، وأنَّها هي صاحبة العلاقة والاختصاص.
إِنَّ عمر ـ رضي الله عنه ـ ولي الخلافة باتِّفاق أهل الحلِّ والعقد، وإِرادتهم، فهم الَّذين فوَّضوا لأبي بكرٍ انتخاب الخليفة، وجعلوه نائباً عنهم في ذلك، فشاور، ثمَّ عيَّن الخليفة، ثمَّ عرض هذا التَّعيين على النَّاس، فأقرُّوه، وأمضوه، ووافقوا عليه، وأصحاب الحلِّ والعقد في الأمَّة هم النُّواب (الطَّبيعيون) عن هذه الأمَّة، وإِذاً فلم يكن استخلاف عمر رضي الله عنه إِلا على أصحِّ الأساليب الشُّورية وأعدلها.
إِنَّ الخطوات الَّتي سار عليها أبو بكر الصِّدِّيق في اختيار خليفته من بعده لا تتجاوز الشُّورى بأيِّ حالٍ من الأحوال، وإِن كانت الإِجراءات المتَّبعة فيها غير الإِجراءات المتَّبعة في تولية أبي بكرٍ نفسه، وهكذا تمَّ عقد الخلافة لعمر ـ رضي الله عنه ـ بالشُّورى والاتِّفاق، ولم يورد التَّاريخ أيَّ خِلافٍ وقع حول خلافته بعد ذلك، ولا أنَّ أحداً نهض طول عهده لينازعه الأمر، بل كان هناك إِجماعٌ على خلافته، وعلى طاعته في أثناء حكمه، فكان الجميعُ وحدةً واحدةً.
ثانياً: انعقاد الإِجماع على خلافته رضي الله عنه:
وقد نقل إِجماع الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ ومن بعدهم على خلافة عمر طائفة من أهل العلم؛ الَّذين يعتمد عليهم في النَّقل منهم:
1ـ روى أبو بكرٍ أحمد بن الحسين البيهقيُّ بإِسناده إِلى عبد الله بن عبَّاسٍ ـ رضي الله عنهما ـ قال: دخلت على عمر حين طعن. فقلت: أبشر بالجنَّة يا أمير المؤمنين ! أسلمت حين كفر النَّاس، وجاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خذله النَّاس، وقُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راضٍ، ولم يختلف في خلافتك اثنان، وقتلت شهيداً. فقال: أعد عليَّ. فأعدت عليه، فقال: والله الَّذي لا إِله غيره ! لو أنَّ لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء؛ لافتديت به مِنْ هول المطلع.
2ـ وقال أبو نعيم الأصبهانيُّ مبيناً الإِجماع على خلافة الفاروق ـ رضي الله عنه ـ: لما علم الصِّديق ـ رضي الله عنه ـ من فضل عمر ـ رضي الله عنه ـ ونصيحته، وقوَّته على ما يقلِّده، وما كان يعينه عليه من أيَّامه من المعونة التَّامة لم يكن يسعه في ذات الله، ونصيحته لعباد الله تعالى أن يعدل هذا الأمر عنه إِلى غيره، ولما كان يعلم من أمر شأن الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ: أنَّهم يعرفون منه ما عرفه، ولا يشكل عليهم شيءٌ من أمره؛ فوض إِليهم ذلك، فرضي المسلمون ذلك، وسلَّموه، ولو خالطهم في أمره ارتيابٌ، أو شبهةٌ؛ لأنكروه، ولم يتَّبِعوه كاتِّباعهم أبا بكرٍ ـ رضي الله عنهم ـ فيما فرض الله عليه الاجتماع وأنَّ إِمامته وخلافته ثبتت على الوجه الَّذي ثبت للصِّدِّيق، وإِنَّما كان الدَّليل لهم على الأفضل، والأكمل، فتبعوه على ذلك مستسلمين له، راضين به.
3ـ وقال أبو عثمان الصَّابوني بعد ذكره خلافة الصِّدِّيق باختيار الصَّحابة، وإِجماعهم عليه، فقال: ثمَّ خلافة عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ باستخلاف أبي بكرٍ ـ رضي الله عنه ـ إِيَّاه، واتِّفاق الصَّحابة عليه بعده، وإِنجاز الله سبحانه بمكانه في إِعلاء الإِسلام، وإِعظام شأنه وَعْدَهُ.
4ـ وقال النَّووي في معرض ذكره لإِجماع الصَّحابة على تنفيذ عهد الصِّدِّيق بالخلافة لعمر، حيث قال: أجمعوا على اختيار أبي بكرٍ على تنفيذ عهده إِلى عمر.
5ـ وقال ابن تيميَّة: وأمَّا عمر؛ فإِنَّ أبا بكرٍ عهد إِليه، وبايعه المسلمون بعد موت أبي بكرٍ، فصار إِماماً لما حصلت له القدرة والسُّلطان بمبايعتهم.
6ـ وقال شارح الطَّحاوية: وتثبَّتت الخلافة بعد أبي بكرٍ ـ رضي الله عنه ـ لعمر ـ رضي الله عنه ـ وذلك بتفويض أبي بكر الخلافة إِليه، واتِّفاق الأمَّة بعده عليه.
ومن هذه النُّقول الَّتي تقدَّم ذكرها تبيَّن: أنَّ خلافة عمر ـ رضي الله عنه ـ تمَّت بإِجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تلقَّوا عهد أبي بكرٍ ـ رضي الله عنه ـ بالخلافة لعمر بالقبول، والتَّسليم، ولم يعارض في ذلك أحدٌ، وكذا أجمعت الفرقة النَّاجية أهلُ السُّنَّة والجماعة على ما أجمع عليه أصحاب رسول الله، ولم يخالفهم إِلا من لا يعتدُّ بخلافه ممَّن ابتُلي ببغض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ جرى في ركابهم ممَّن فُتِن بهم، فإِن اعترض معترضٌ على إِجماع الصَّحابة المتقدِّم ذكره بما رواه ابن سعدٍ، وغيره من أنَّ بعض الصَّحابة سمعوا بدخول عبد الرَّحمن ابن عوف، وعثمان على أبي بكرٍ، فقال له قائل منهم: ما أنت قائلٌ لربِّك إِذا سألك عن استخلاف عمر علينا وقد ترى غلظته ؟ فقال أبو بكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني ؟ خاب من تزوَّد من أمركم بظلم، أقول: اللَّهمَّ استخلفت عليهم خير أهلك ! أبلغ عنِّي ما قلت لك مَنْ وراءك، والجواب عن هذا الإنكار الصَّادر إِنْ صحَّ من هذا القائل ليس عن جهالةٍ لتفضيل عمر بعد أبي بكر واستحقاقه للخلافة، وإِنَّما كان خوفاً من خشونته وغلظته، لا اتِّهاماً له في قوَّته، وأمانته.
للاطلاع على النسخة الأصلية للكتاب راجع الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي