أهم صفات ولاة الفاروق رضي الله عنهم وحقوقهم
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة التاسعة والخمسون
أولا: أهمُّ صفات ولاة عمر:
من أهمِّ صفات ولاة عمر: سلامة المعتقد، والعلم الشَّرعيُّ، والثِّقة بالله، والقدوة، والصِّدق، والكفاءة، والشَّجاعة، والمروءة، والزُّهد، وحب التَّضحية، والتَّواضع، وقبول النَّصيحة، والحلم، والصَّبر، وعلو الهمَّة، والحزم، والإِرادة القويَّة، والعدل، والقدرة على حلِّ المشكلات، وغير ذلك من الصِّفات، وأما أهمها؛ فهي:
1 ـ الزُّهد:
فممَّن ولاه عمر والَّذين اشتهروا بزهدهم: سعيد بن عامر بن حذيم، وعمير بن سعد، وسلمان الفارسي، وأبو عبيدة بن الجرَّاح، وأبو موسى الأشعري ـ رضي الله عنهم ـ وكان نساء بعض الولاة يقدِّمن الشَّكاوى إِلى عمر نتيجة زهد أزواجهنَّ، فقد اشتكت امرأة معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ وذلك: أنَّ عمر بعث معاذاً ساعياً على بعض القبائل، فقسم فيهم حتَّى لم يدع شيئاً، حتَّى جاء مجلسه الذي خرج به على رقبته. فقالت امرأته: أين ما جئت به ممَّا يأتي به العمَّال من عراضة أهليهم ؟ فقال: كان معي ضاغط، فقالت: قد كنت أميناً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعند أبي بكر، أفبعث عمر معك ضاغطاً ؟ فقامت بذلك في نسائها، واشتكت عمر، فبلغ ذلك عمر، فدعا معاذاً، فقال: أنا بعثت معك ضاغطاً ؟ ! فقال: لم أجد شيئاً أعتذر به إِليها إِلا ذلك. قال: فضحك عمر، وأعطاه شيئاً، وقال: أرضها به.
2 ـ التَّواضع:
اشتهر الولاة في عهد عمر بتواضعهم الشَّديد حتَّى إِنَّ القادمين إِلى بلادهم لا يميِّزون بينهم وبين عامَّة الناس، فهم في لباسهم، وبيوتهم، ومراكبهم كعامَّة الناس، لا يميزون أنفسهم بشيءٍ.
ومن أمثلة ذلك: قصَّة أبي عبيدة بن الجرَّاح ـ رضي الله عنه ـ فقد بعث إِليه الرُّوم رجلاً؛ ليفاوضه: فأقبل حتَّى أتى أبا عبيدة، فلمَّا دنا من المسلمين؛ لم يعرف أبا عبيدة من أصحابه، ولم يدر: أفيهم هو أم لا ؟ ولم يرهبه مكانُ أمير، فقال لهم: يا معشر العرب ! أين أميركم ؟ فقالوا: ها هو ذا. فنظر فإِذا هو بأبي عبيدة جالس على الأرض، وهو مُتنكِّب القوس، وفي يده أسهم، وهو يقلِّبها. فقال له الرَّسول: أنت أمير هؤلاء ؟ قال: نعم. قال: فما يجلسك على الأرض ؟ أرأيت لو كنت جالساً على وسادةٍ، أو كان ذلك وضعك عند الله، أو مانعك من الإِحسان ؟ قال أبو عبيدة: إِنَّ الله لا يستحي من الحقِّ، ولأصدقنَّك عمَّا قلت، ما أصبحت أملك ديناراً، ولا درهماً، وما أملك إِلا فرسي، وسلاحي، وسيفي، لقد احتجت أمس إِلى نفقةٍ فلم يكن عندي حتَّى استقرضت من أخي هذا نفقةً كانت عنده ـ يعني: معاذ ـ فأقرضنيها، ولو كان عندي أيضاً بساطٌ، أو وسادةٌ ما كنت لأجلس عليه دون إِخواني، وأصحابي، وأجلس أخي المسلم الذي لا أدري لعلَّه عند الله خير منِّي على الأرض، ونحن عباد الله نمشي على الأرض، ونجلس على الأرض، ونأكل على الأرض، ونضطَّجع على الأرض، وليس ذلك ينقصنا عند الله شيئاً، بل يعظم الله به أجورنا، ويرفع درجاتنا، ونتواضع بذلك لربِّنا.
3 ـ الورع:
حرص العديد من الولاة أن يعفوا من الأعمال الموكلة إِليهم، فقد استعفى عتبة بن غزوان عمر من ولاية البصرة فلم يعفه، كما أنَّ (النُّعمان بن مُقرِّن) كان والياً على كسكر، فطلب من عمر أن يعفيه من الولاية، ويسمح له بالجهاد رغبةً في الشَّهادة، كما رفض بعض الصَّحابة الولاية حينما طلب منهم عمر أن يعملوا في الولايات، فقد رفض الزُّبير بن العوَّام ولاية مصر حينما عرض عليه ذلك قائلاً: يا أبا عبد الله ! هل لك في ولاية مصر ؟ فقال: لا حاجة لي فيها، ولكن أخرج مجاهداً، وللمسلمين معاوناً، كما رفض ابن عبَّاس ولاية حمص حينما عرض عليه عمر أن يولِّيه إِيَّاها بعد وفاة أميرها.
4 ـ احترام الولاة لمن سبقهم من الولاة:
امتاز الولاة على البلدان باحترام مَنْ سبقهم من الولاة، وتقديرهم، وهذا يلاحظ في معظم الولاة في العصر الرَّاشدي، حيث نجد مثلاً: أنَّ خالد بن الوليد حينما قدم إِلى الشَّام أميراً على أبي عبيدة بن الجرَّاح، وغيره رفض أن يتقدَّم على أبي عبيدة في الصَّلاة، وحينما قام عمر بعزل خالد بن الوليد عن ولاية أجناد الشَّام وتعيين أبي عبيدة مكانه أخفى أبو عبيدة الخبر عن خالدٍ، ولم يخبره به حتَّى ورد كتابٌ اخر من عمر، فعلم خالد بالخبر، فعاتب أبا عبيدة على عدم تبليغه.
يقول الدُّكتور عبد العزيز العمري: ولم أجد من خلال البحث: أن أحداً من الولاة عمل على إِذلال مَنْ سبقه، أو النَّيل منه، بل إِنَّهم في الغالب يعملون على مدحهم في أوَّل خطبةٍ يلقونها ويُثنون عليهم.
ثانيا: حقوق الولاة:
ممَّا لا ريب فيه: أنَّ للولاة على البلدان حقوقاً مختلفةً، يتَّصل بعضها بالرعيَّة، وبعضها بالخليفة، وبالإِضافة إِلى حقوق أخرى متعلقةٍ ببيت المال، وكلُّ هذه الحقوق الأدبيَّة، أو المادِّيَّة تهدف بالدَّرجة الأولى إِلى إِعانة الولاة على القيام بواجباتهم وخدمة دين الإِسلام، وهذه أهمُّ حقوقهم:
1 ـ الطَّاعة في غير معصيةٍ:
وواجب الطَّاعة من الرَّعية للأمراء، والولاة قرَّرته الشَّريعة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً *} [النساء: 59].
وهذه الآية تنصُّ على وجوب طاعة أولي الأمر، ومنهم الأمراء المنفِّذون لأوامر الله سبحانه وتعالى، ولا شكَّ: أنَّ طاعة الأمراء، والخلفاء مقيَّدةٌ بطاعة الله، وأنَّهم متى عصوا الله، فلا طاعة لهم.
2 ـ بذل النَّصيحة للولاة:
جاء رجل إِلى عمر بن الخطَّاب، فقال له: يا أمير المؤمنين ! لا أبالي في الله لومة لائمٍ خيرٌ لي، أم أقبل على نفسي ؟ فقال: أمَّا من ولي من أمر المؤمنين شيئاً فلا يخف في الله لومة لائم، ومن كان خلواً من ذلك فليقبل على نفسه، ولينصح لوليِّ أمره.
3 ـ إِيصال الأخبار للولاة:
يجب على الرَّعية للوالي إِيصال الأخبار الصَّحيحة إِليه، والصِّدق في ذلك، سواءٌ ما يخصُّ أحوال العامَّة، أو ما يخصُّ أخبار الأعداء، أو ما كان متعلِّقاً بعمَّال الوالي، وموظَّفيه، والعجلة في ذلك قدر المستطاع خصوصاً ما كان متعلِّقاً بالأمور الحربيَّة، وأخبار الأعداء، وما يتعلَّق بخيانات العمَّال، وغير ذلك من منطلق الاشتراك في المسؤوليَّة مع الوالي في مراعاة المصلحة العامَّة للأمَّة.
4 ـ مؤازرة الوالي في موقفه:
إِذا كان موقفه للمصلحة العامَّة، وتلزم المعاونة بالدَّرجة الأولى من قبل الخليفة، فقد كان عمر ـ رضي الله عنه ـ حريصاً على هذا المعنى كلَّ الحرص، حيث كان يولي عنايةً خاصَّةً لاحترام النَّاس لولاتهم، وتقديرهم لهم، ويبذل في ذلك مختلف الأسباب (فكان عمر على شدَّة ما فيه مع عماله إِذا أحسَّ باعتداءٍ، أو شبه اعتداءٍ وقع على أحدهم؛ يشتدُّ على المعتدين في تلك النَّاحية، ليبقى للعامل هيبةٌ توقِّره في الصُّدور ومهابةٌ يُلجم بها العامَّة والخاصَّة) .
5ـ حقُّ الأمير في الاجتهاد:
من حقِّ الأمير الاجتهاد برأيه في الأمور الَّتي يكون مجال الاجتهاد فيها مفتوحاً، خصوصاً في الأمور الَّتي لم يحدِّدها الشَّرع بدقَّةٍ، وفي الأمور الأخرى؛ التي لم يأت فيها تفويضٌ من الخليفة للتصرُّف في حدودٍ معيَّنةٍ، فقد اجتهد أحد ولاة عمر في الشَّام في قسمة الأسهم بين الرَّاجلة والفرسان, فأجاز عمر اجتهاده, وقد اشتهر عن ابن مسعود ـ وكان احد ولاة عمر رضي الله عنه ـ: أنَّه خالف عمر في أكثر من مئة مسألة اجتهادية.
6 ـ احترامهم بعد عزلهم:
من حقوق الولاة احترامهم بعد عزلهم, فعندما عزل عمر ـ رضي الله عنه ـ شرحبيل بن حسنة عن ولاية الأردن؛ بيَّن للنَّاس سبب عزله, وقال لشرحبيل عندما سأله: أعن سخطةٍ عزلتني يا أمير المؤمنين؟! قال: لا, إنَّك لكما أحبُّ, ولكنِّي أريد رجلاً أقوى من رجلٍ. وعزل سعد بن أبي وقَّاص عن ولاية الكوفة, ولعلَّه رأى: أنَّ احترامه يقضي بإبعاده عن أناسٍ كانوا يعيبونه في صلاته, مع أنَّ سعداً كان أشبه النَّاس صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمه التَّامِّ بصفة صلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم, فعزله عمر احتراماً له أن يقع في مثل هؤلاء الجهَّال.
7 ـ حقوقهم المادِّيَّة:
أمَّا من النَّاحية الماديَّة فقد كان للولاد حقوق, وعلى رأسها مرتَّباتهم الَّتي يعيشون عليها, ولا شكَّ: أنَّ الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ وعلى رأسهم الخلفاء الرَّاشدون قد أحسُّوا بأهمِّيَّة الأرزاق بالنِّسبة للعمَّال, وأنَّها حقٌّ من حقوقهم إضافةً إلى استغنائهم بها عن النَّاس, وبالتَّالي عدم التَّأثير عليهم, أو محاولة رشوتهم, وقد كان عمر بن الخطَّاب حريصاً على نزاهة عمَّله وعفَّتهم عن أموال الرَّعية, واستغنائهم بأموالهم عن أموال الغير, ولعلَّ عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ قد أحسَّ بهذه القضيَّة الخطيرة, وأحسَّ: أنَّه لكي يضمن نزاهة عمَّاله, فلا بدَّ أن يغنيهم عن الحاجة إلى أموال النَّاس, وقد دار حوار بينه وبين أبي عبيدة؛ مفهومه: أنَّ أبا عبيدة قال لعمر بن الخطَّاب: دنست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني: باستعمالهم ـ فقال له عمر: يا أبا عبيدة! إذا لم أستعن بأهل الدِّين على سلامة ديني؛ فبمن أستعين؟ قال أبو عبيدة: أما إن فعلت فأغنهم بالعمالة عن الخيانة, يعني: إذا استعملتهم في شيءٍ فأجزل لهم في العطاءِ والرِّزق, حتى لا يحتاجوا إلى الخيانة, أو إلى النَّاس.
وقد كان عمر يصرف لأمراء الجيش, والقرى, وجميع العمَّال من العطاء ما يكفيهم بالمعروف نظير عملهم (على قدر ما يصلحهم من الطَّعام وما يقومون به من الأمور) , وكان عمر يحرص على نزاهة العمَّال عمَّا بأيديهم من الأموال العامَّة، فيقول لعمَّاله: قد أنزلتكم من هذا المال، ونفسي منزلة وصيِّ اليتيم، {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6].
وقد فرض عمر لجميع عماله تقريباً مرتَّباتٍ محدَّدةً، وثابتةً سواءٌ يوميَّةً، أو شهريَّةً، أو سنويَّةً، وقد ورد ذكر بعضها في المصادر التَّاريخية، منها ما كان طعاماً، ومنها ما كان نقوداً محدَّدةً.
وقد ورد: أنَّ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء، وبيت المال، وعثمان بن حنيف على ما سقى الفرات، وعمَّار بن ياسر على الصَّلاة، والجند، ورزقهم كلَّ يومٍ شاةً، فجعل نصفها، وسقطها، وأكارعها لعمَّار بن ياسر؛ لأنَّه كان في الصَّلاة، والجند، وجعل ربعها لعبد الله بن مسعود، والرُّبع الاخر لعثمان بن حنيف. كما ورد: أنَّ عمر بن الخطَّاب فرض لعمرو بن العاص أثناء ولايته على مصر مئتي دينار، وكان عطاء سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ وهو على ثلاثين ألفاً من النَّاس في المدائن خمسة الاف درهمٍ، ولزهده كان يأكل من عمل يده من الخوص، ويتصدَّق بعطائه.
وقد وردت رواياتٌ أخرى متفاوتةٌ في أرزاق عمر لولاته، ولا شكَّ: أنَّ هذا الاختلاف في الرِّوايات مردُّه إِلى تطوُّر الأحوال، وتغيُّرها خلال عهد عمر، فلا يعقل أن تبقى الأرزاق والمرتَّبات على ما هي عليه من أوَّل عهده إِلى نهايته، نظراً لتغيُّر الظُّروف، والأحوال، واختلاف الأسعار، وتطور الحاجات نتيجة اتِّساع الفتوح، وزيادة الدَّخل في بيت المال.
وقد ورد: أنَّ عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ رزق معاوية على عمله بالشَّام عشرة الاف دينار في كلِّ سنة، كما ذكر: أنَّ عمر كان يفرض لأمراء الجيوش والقرى في العطاء ما بين تسعة الاف، وثمانية الاف، وسبعة الاف على قدر ما يصلهم من الطَّعام، وما يقومون به من الأمور.
وقد كره بعض العمال أخذ الأرزاق نتيجة قيامه بأعمال الإِمارة، والولاية للمسلمين إِلا أنَّ الفاروق كان يوجِّههم إِلى أخذها، فقد قال عمر ـ رضي الله عنه ـ لأحد ولاته: ألم أحدِّثك:
أنَّك تلي من أعمال المسلمين أعمالاً، فإِذا أعطيت العمالة؛ كرهتها ؟ فقال: بلى ! فقال عمر: ما تريد إِلى ذلك ؟ قال: إنَّ لي أفراساً، وأعبداً، وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقةً على المسلمين، فقال: عمر: لا تفعل، فإِنِّي كنت أردتُ الذي أردتَ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إِليه منِّي، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «خذه، فتموَّله، وتصدَّق به، فما جاءك من هذا المال من غير مسألةٍ، ولا إِشرافٍ؛ فخذه، وما لا؛ فلا تتبعه نفسك ».
وعلى كلِّ حالٍ فإِنَّ مبدأ إِعطاء الأرزاق للعمَّال وإِغنائهم عن النَّاس كان مبدأً إِسلاميَّاً فرضه الرَّسول صلى الله عليه وسلم، وسار عليه الخلفاء الرَّاشدون من بعده، حتَّى أغنوا العمَّال عن أموال النَّاس، وفرَّغوهم للعمل، ولمصلحة الدَّولة الإِسلاميَّة.
8 ـ معالجة العمال إِذا مرضوا:
مرض معيقيب، وكان خازن عمر على بيت المال، فكان يطلب له الطِّبَّ من كلِّ مَنْ يسمع عنده بطبٍّ، حتَّى قدم عليه رجلان من أهل اليمن، فقال: هل عندكم من طبٍّ لهذا الرجل الصَّالح، فإِن هذا الوجع قد أسرع فيه. قالا: أمَّا شيءٌ يذهبه؛ فإِنَّا لا نقدر عليه، ولكنَّا نداويه بدواءٍ يقفه، فلا يزيد. قال عمر: عافية عظيمةٌ أن يقف، فلا يزيد ! قالا: هل ينبت في أرضك هذا الحنظل. قال: نعم. قالا: فاجمع لنا فيه، فأمر عمر، فجمع له منه مكتلان عظيمان، فعمدا إِلى كلِّ حنظلة، قطعاها باثنين، ثمَّ أضجـعا معيقيباً، فأخذ كلُّ واحد منهما بإِحدى قدميه، ثمَّ جعلا يدلكان بطون قدميه بالحنظل، حتَّى إِذا امَّحقت؛ أخذ أخرى. ثم أرسلاه، فقال عمر: لا يزد وجعه هذا أبداً. قال الرَّاوي: فوالله ما زال معيقيب بعدها متمسِّكاً ما يزيد وجعه حتى مات.
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book172(1).pdf