سياسة عثمان مع الولاة وحقوقهم
الحلقة السادسة والثلاثون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1441ه/ديسمبر2019م
أوَّلاً : سياسة عثمان مع الولاة :
تولَّى عثمان رضي الله عنه الخلافة في بداية سنة 24هـ ، وكان ولاة عمر رضي الله عنه ، ينتشرون في الأمصار الإسلامية ، وقد أقَرَّهم عثمان في ولاياتهم عاماً كاملاً، ثمَّ باشر بعد ذلك العزل ، والتَّعيين في هذه الأمصار بمقتضى سلطته ، وحسب ما يراه في مصلحة المسلمين ، ولعلَّ عثمان في ذلك قد اتَّبع وصيَّة عمر رضي الله عنه الّتي أوصى فيها : ألا يُقَرَّ لي عاملٌ أكثر من سنةٍ ، وأقرُّوا الأشعريَّ أربع سنين.
وكان عثمان رضي الله عنه في سياسته مع الولاة يعتمد على مشورة الصَّحابة في كثير من تصرُّفاته ، كما أنَّه قام بضمِّ بعض الولايات إلى بعضها ؛ لما يراه في مصلحة المسلمين ، ولذلك قد حدَّد الولاة إلى حدٍّ ما في بعض المناطق ، فقد ضمَّ البحرين إلى البصرة ، كما ضمَّ بعض ولايات الشَّام إلى بعضها الآخر نتيجةً لوفاة بعض الولاة ، أو طلبهم الإعفاء من العمل ، وقد كان عثمان رضي الله عنه دائم النُّصح لولاته بالعدل ، والرَّحمة بين النَّاس ، فكان أوَّل كتبه إلى ولاته بعد مبايعته خليفة للمسلمين : أمَّا بعد : فإنَّ الله أمر الأئمَّة أن يكونوا رعاةً ، ولم يتقدَّم إليهم أن يكونوا جباةً ، وإنَّ صدر هذه الأمَّة خُلقوا رعاةً ، ولم يُخلقوا جباةً ، وليوشكنَّ أئمتكم أن يصيروا جباةً ، ولا يكونوا رعاةً ، فإذا عادوا كذلك ؛ انقطع الحياء ، والأمانة ، والوفاء ، ألا وإنَّ أعدل السِّيرة أن تنظروا في أمور المسلمين ، وفيما عليهم ، فتعطوهم ما لهم ، وتأخذوهم بما عليهم ، ثمَّ تثنُّوا بالذِّمَّة فتعطوهم الّذي لهم ، وتأخذوا بالّذي عليهم ، ثمَّ العدو الّذي تنتابون ، فاستفتحوا بالوفاء.
ونحن نرى من هذا : أنَّ عثمان حدَّد لولاته معالم السِّياسة ، الّتي يجب أن يسيروا عليها ، من إعطاء الحقوق للمسلمين ، ومطالبتهم بما عليهم من واجباتٍ ، وإعطاء أهل الذِّمَّة حقوقهم ، ومطالبتهم بما عليهم من واجباتٍ ، وبالوفاء حتَّى مع الأعداء ، وبالعدل في ذلك كلِّه ، وألا يكون همُّهم جباية المال، كما كان عثمان رضي الله عنه يكتب إلى عمَّاله ببعض التَّعليمات الخاصَّة في الأمور المستجدَّة ؛ الّتي تتعلَّق بإداراتهم للولايات ، إضافةً إلى كتبه العامَّة والّتي كان يصدر فيها تعليماتٌ محدَّدةٌ يلتزم بها الجميع ، ومن ذلك إلزامه النَّاس في الولايات بالمصاحف الّتي كُتبت في المدينة على ملأ من الصَّحابة، حيث أرسل مصاحف إلى كلٍّ من الكوفة، والبصرة، ومكَّة، ومصر، والشَّام، والبحرين، واليمن، والجزيرة ـ بالإضافة ـ إلى مصحف المدينة، وقد أمر عثمان بجمع المصاحف الأخرى ، وإحراقها ، وذلك بموافقة الصَّحابة في المدينة ، كما ورد ذلك عن عليٍّ رضي الله عنه ، كما كان عثمان رضي الله عنه حريصاً على أن يتنافس الأمراء فيما بينهم في الجهاد ، وفتح بلدانٍ جديدةٍ ، فقد كتب إلى عبد الله بن عامر في البصرة ، وإلى سعيد بن العاص في الكوفة يقول : أيُّكما سبق إلى خراسان فهو أميرٌ عليها ، ممَّا دفع ابن عامر إلى فتح خراسان ، وسعيد بن العاص إلى فتح طبرستان.
وقد كان عثمان يشترط بعض الشُّروط على الولاة أحياناً ليضمن أن يكون تصرُّفهم في صالح المسلمين ، ومثال ذلك : أنَّ معاوية بن أبي سفيان كتب إلى عثمان يهوِّن عليه ركوب البحر إلى قبرص ، فكتب إليه عثمان : فإن ركبت البحر، ومعك امرأتك ، فاركبه مأذوناً لك ، وإلا ؛ فلا . فركب البحر ، وحمل امرأته .
ثانياً: أساليب عثمان رضي الله عنه لمراقبة عمَّاله، والاطِّلاع على أخبارهم :
اتَّبع عثمان رضي الله عنه عدَّة أساليب لمراقبة عمَّاله، والاطلاع على أخبارهم؛ من ذلك:
1ـ حضوره لموسم الحجِّ :
كان عثمان يحرص على الحجِّ بنفسه ، ويلتقي بالحجَّاج ، ويسمع شكاياتهم ، وتظلُّمهم من ولاتهم ، كما أنَّه طلب من العمَّال أن يوافوه في كلِّ موسمٍ ، وكتب إلى الأمصار أن يوافيه العمَّال في كلِّ موسمٍ ومن يشكوهم، وكان ذلك استمراراً لما كان عليه الحال أيَّام عمر من لقاءٍ سنويٍّ بين الخليفة ، والولاة ، والرَّعية.
2ـ سؤال القادمين من الأمصار والولايات :
وتعتبر هذه الطَّريقة من أيسر الطُّرق حيث إنَّها لا تكلِّف الخلفاء كثيراً ، كما أنَّها تأتي في كثيرٍ من الأحيان دون ترتيبٍ مسبقٍ ، وقد اشتهر عن الخلفاء الرَّاشدين الأربعة عملهم بهذه الطَّريقة ، وكان وجود الخليفة في المدينة المنوَّرة خلال عصور الخلفاء الثَّلاثة الأُوَل ممَّا يساعد الخليفة نظراً لكثرة الوافدين إلى المدينة للزِّيارة ، وخصوصاً أثناء موسم الحجِّ.
3ـ وجود أناس من أهل البلاد يكتبون إلى الخليفة :
فقد استقبل عثمان رضي الله عنه الكتب الّتي أرسلها بعض الرَّعية من الأمصار إلى المدينة بما فيها من شكاوى ، فقد استقبل كتاباً أرسله أهل الكوفة إليه ، وكذلك كتاباً أرسله أهل مصر إليه ، كما استقبل كتباً أخرى أرسلها أناسٌ من الشَّام ، وقد اطَّلع عثمان على ما في هذه الكتب ، وعالج ما فيها.
4ـ إرسال المفتِّشين إلى الولايات :
بعث عثمان رضي الله عنه العديد من المفتِّشين إلى بعض الولايات للاطِّلاع على أحوالها ، ومعرفة ما يشاع عن ولاته من ظلمٍ للرَّعية، وقد جاء أولئك المفتِّشون بتقارير وافيةٍ عن أحوال أولئك الولاة، فقد أرسل عمَّار بن ياسر إلى مصر، ومحمَّد بن مسلمة إلى الكوفة، وأسامة بن زيد إلى البصرة، وعبد الله بن عمر إلى الشام، بالإضافة إلى إرساله رجالاً اخرين إلى أماكن أخرى.
5ـ السَّفر إلى الولايات والاطلاع على أحوالها مباشرةً :
كان عثمان رضي الله عنه يزور مكَّة في موسم الحجِّ ، ويطَّلع على أحوالها ، ويقابل الولاة بها ، وحجَّاج الأمصار ، ويسأل عن أخبارهم ، وأحوالهم .
6ـ طلب الموفدين من الولايات لسؤالهم عن أمرائهم ، وولاتهم :
كان الخلفاء الرَّاشدون في كثيرٍ من الأحيان يطلبون من الولاة أن يبعثوا إليهم بأناسٍ من أهل البلاد ؛ ليسألوهم ، وقد تكرَّر ذلك من عمر ، وعثمان ، وعليٍّ ، رضي الله عنهم ، أمَّا أبو بكرٍ فكان مشغولاً بأمورٍ جهاديةٍ منعته من ذلك ، كما كان لقصر مدَّة خلافته دورٌ في قلَّة هذه الحوادث.
7ـ استقدام الولاة وسؤالهم عن أحوال بلادهم :
وقد اشتهرت هذه الطَّريقة خلال عصر الخلفاء الرَّاشدين الأربعة ، وقد كانت الاتِّصالات المستمرة قائمة بين الخليفة عثمان ، وبين ولاته لبحث مختلف شؤون الدَّولة ، ومن أهمِّ هذه الاتصالات الاجتماع الّذي عقده عثمان مع ولاته في المدينة ، حيث دعا ولاة البصرة ، والكوفة ، والشَّام ، ومصر ، وغيرهم ، ودعا كبار الصَّحابة، وعقد معهم اجتماعاً بحث فيه بوادر الفتنة التي بدأت تظهر ، وتعرَّف على أراء أولئك الولاة في الفتنة ، وكيفية علاجها ؛ فقد أدلى كلُّ والٍ من هؤلاء برأيه في علاج تلك الظَّاهرة.
8 ـ المراسلة مع الولاة :
وطلب التَّقارير منهم عن أحوال رعيَّتهم ، وأحوال بلادهم ، وقد اشتهرت هذه الطَّريقة خلال عصور الخلفاء الرَّاشدين الأربعة ، وكانت بالأحرى أهمَّ الطُّرق خلال عصر أبي بكرٍ الصِّدِّيق ، وعليٍّ بن أبي طالب ، رضي الله عنهما.
هذه أهمُّ الأساليب الّتي اتبعها عثمان في متابعة ، ومراقبة ولاته ، وقد كان رضي الله عنه حريصاً على قيام الولاة بواجباتهم ، وفي حالة وقوع أيِّ مخالفةٍ منهم ، فإنَّه يؤدِّبهم على ذلك الخطأ إذا وصل إلى علمه ، وإذا ثبت عليه ارتكابه ؛ شرع في عقوبته دون النَّظر إلى حسن ظنِّه في العامل ، ومن ذلك جلده للوليد بن عقبة حدَّ الخمر بعد اكتمال شروطه ، وبغضِّ النظر عن صدق الشُّهود من عدمه، وقام بعد جلده بعزله عن ولاية الكوفة، وقد درج عثمان رضي الله عنه أن يكتب إلى أهل الأمصار عن تعيين والٍ جديدٍ عليهم ، ليوصيهم به ، كما أوصاه بهم ، وكذلك كان يكتب في كثيرٍ من الأحيان إلى العامَّة في الأمصار ناصحاً ، حتَّى يساعدوا الولاة في تسيير أمور الرَّعية ، ومن ذلك الكتاب الّذي أرسله عثمان إلى الأمصار ، يقول فيه : أمَّا بعد : فإنِّي اخذ العمال بموافاتي في كلِّ موسمٍ ، وقد سلَّطت الأمَّة منذ ولِّيت على الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر ، فلا يرفع عليَّ شيءٌ ، ولا على أحدٍ من عمَّالي إلا أعطيته ، وليس لي ، ولا لعيالي حقٌّ قِبَلَ الرَّعية إلا متروكٌ لهم ، فيا من ضُربَ سرّاً ، وشُتِم سرّاً ... من ادَّعى شيئاً من ذلك ؛ فليوافِ الموسم ، فيأخذ بحقِّه حيث كان منِّي ، أو من عمَّالي ... أو تصدَّقوا فإنَّ الله يجزي المتصدِّقين . فلمَّا قرأى في الأمصار أبكى النَّاس ، ودعوا لعثمان.
ثالثاً : حقوق الولاة :
استقرَّ في عهد الخلفاء الرَّاشدين بأنَّ للولاة حقوقاً مختلفةً ، يتَّصل بعضها بالرَّعية، وبعضها بالخليفة ، بالإضافة إلى حقوقٍ أخرى متعلقةٍ ببيت المال ، وكلُّ هذه الحقوق الأدبيَّة ، أو المادِّيَّة تهدف بالدَّرجة الأولى إلى إعانة الولاة على القيام بواجباتهم ، وخدمة المصلحة العامَّة ، ومن أهمِّ هذه الحقوق :
1ـ الطَّاعة في غير معصية الله :
قال تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً *} [النساء: 59].
قال القرطبيُّ : لمَّا تقدَّم إلى الولاة في الاية المتقدِّمة ، وبدأ بهم ، فأمرهم بأداء الأمانات ، وأن يحكموا بين النَّاس بالعدل ، تقدَّم في هذه الاية ، فأمر الرَّعية بطاعته جلَّ وعلا أوَّلاً وهي امتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، ثمَّ بطاعة رسوله ثانياً فيما أمر به ، ونهى عنه ، ثمَّ بطاعة الأمراء ثالثاً على قول الجمهور ، وأبي هريرة ، وابن عباسٍ ، وغيرهم، وفي العهد الرَّاشديِّ خصوصاً ، والمجتمع الإسلاميِّ عموماً الشَّريعة فوق الجميع ، يخضع لها الحاكم ، والمحكوم ، ولهذا فإنَّ طاعة الحكام مقيَّدةٌ دائماً بطاعة الله ، ورسوله ، كما قال رسول الله (ﷺ) : « لا طاعة في المعصية ، إنَّما الطَّاعة في المعروف » .
2ـ بذل النَّصيحة للولاة :
من منطلق الأمر بالمعروف ، والنَّهي عن المنكر ، وهو الأساس الّذي تقرُّه الأمَّة بأكملها ، والّذي وردت الأوامر به من خلال الايات القرانيَّة والأحاديث النَّبويَّة الّتي تحدَّثت عن الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر على وجه العموم ، ومنها ما خصَّ الولاة به ، حيث أمرت الأحاديث النَّبويَّة ببذل النَّصيحة لهم ، وقد دأب الخلفاء الرَّاشدون الأربعة على الكتابة لولاتهم باستمرارٍ يبذلون لهم النَّصيحة ، والنُّصوص الواردة في هذه كثيرةٌ ، يصعب حصرها .
3ـ يجب على الرَّعية للوالي إيصال الأخبار الصَّحيحة إليه :
والصِّدق في ذلك سواءٌ ما يخصُّ أحوال العامَّة ، أو ما يخصُّ أخبار الأعداء ، أو ما كان متعلقاً بعمَّال الوالي ، وموظفيه ، والعجلة في ذلك قدر المستطاع خصوصاً ما كان متعلقاً بالأمور الحربيَّة ، وأخبار الأعداء ، وما يتعلَّق بخيانات العمَّال ، وغير ذلك، من منطلق الاشتراك في المسؤوليَّة مع الوالي في مراعاة المصلحة العامَّة للأمَّة.
4ـ مؤازرة الوالي في موقفه :
وعندما اندلعت الفتنة ، وطالب أصحابها من عثمان عزل بعض ولاته ؛ رفض عثمان ذلك ، وكان هذا التَّعضيد يخدم الهدف العامَّ للدَّولة الإسلاميَّة ، ويمنع الاضطراب ، ولا يعني ذلك عدم الالتفات إلى الشَّكاوى ، ومؤازرة الولاة بدون تحقُّق، بل إنَّ هذا التَّعضيد من الخلفاء إنَّما يأتي بعد تحقُّق وتثبُّت من تلك الشِّكايات، وبعد محاسبةٍ دقيقةٍ قد تتطلَّب إرسال لجانٍ خاصَّةٍ من بعض الصَّحابة للتَّحقيق في تلك القضايا ، وكما أنَّ المؤازرة للوالي واجبةٌ من قبل الخليفة ، فهي كذلك واجبةٌ من قبل الرَّعية ، وأنَّ على النَّاس احترامهم ، وتقديرهم. وإن كان عثمان رضي الله عنه قد عزل بعض الولاة ، فذلك لما راه في مصلحة الرَّعية .
5ـ احترامهم بعد عزلهم :
ومن ذلك مافعله عثمان مع أبي موسى الأشعريِّ ، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما بل نلاحظ : أنَّ عثمان استشار عمرو بن العاص في مسائل الدَّولة الكبرى بعد عزله ، وهذا احترامٌ فائقٌ من عثمان رضي الله عنه لمن عزلهم من الولاة .
6ـ مرتَّبات الولاة :
ومن حقوق الولاة مرتَّباتهم ، الّتي يعيشون عليها ، ومبدأ الأرزاق ، والرَّواتب للعمَّال متَّفق عليه بين الخلفاء الرَّاشدين اقتداءً بما فعله الرَّسول (ﷺ) ، ولئن كانت الرِّوايات قد اقتصرت على ذكر مرتَّبات بعض العمَّال فقط ، فإنَّ المفهوم : أنَّ جميع العمال كانت لهم مرتَّباتٌ خلال عصور الرَّاشدين ، ومعظم الرِّوايات الّتي وردت في هذا الموضوع كانت تركِّز بالدَّرجة الأولى على عصر عمر بن الخطَّاب ، حيث ورد ذكر مقدار أرزاق بعض الولاة في عصره ، وقد مضى عثمان وعليُّ رضي الله عنهما على سيرة من سبقهما من الخلفاء في فرض الأرزاق للعمَّال ، والولاة ، إلا أن عصر عثمان رضي الله عنه كان على ما يبدو أكثر توسعاً في بذل الأعطيات للنَّاس عموماً ، ومن ضمنهم الولاة ، نظراً لزيادة الدَّخل في بيت المال نتيجة الفتوح الواسعة الّتي قام بها ولاة عثمان في المشرق وفي أرمينية ، وإفريقية ، وغيرها ، بل إنَّ عثمان رضي الله عنه كان يعطي مكافاتٍ مقطوعةً للعمَّال خاصَّةً ، وبارزةً ، فقد أعطى لعبد الله بن سعد بن أبي السَّرح خمس الخمس من الغنيمة جزاء فتوحه في شمال إفريقية ، حيث قال له : إن فتح الله عليك غداً إفريقية ؛ فلك ما أفاء الله على المسلمين خمس الخمس من الغنيمة نفلاً.
وعلى كلِّ حال فإنَّ إعطاء الأرزاق للعمَّال ، وإغناءهم عن النَّاس كان مبدأً إسلاميّاً فرضه رسول الله (ﷺ) ، وسار عليه الخلفاء الرَّاشدون من بعده ، حتَّى أغنوا العمَّال عن أموال النَّاس ، وفرَّغوهم للعمل ، ولمصلحة الدَّولة.
يمكن النظر في كتاب تيسير الكريم المنَّان في سيرة أمير المؤمنين
عُثْمَان بن عَفَّان رضي الله عنه، شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/BookC171.pdf