من فقه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
الحلقة التاسعة والثلاثون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الآخر 1441 ه/ يناير 2020 م
أولاً: في العبادات:
لم يألُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه جهداً في بيان أحكام العبادات للناس ، لما يتمتع به من غزارة في العلم وفقه في الدين ، وما بينه للناس من أحكام العبادات يحتاج إلى سفر ضخم، ولكن نشير إلى مجموعة في الأحكام في هذا الكتاب على النحو التالي:
أحكام في الطهارة:
1- يغسل بول الجارية وينضح من بول الغلام ما لم يطعم:
قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: يغسل من بول الجارية ، وينضح من بول الغلام ما لم يطعم. والدليل على ذلك: لما بال الحسين بن علي في حجر النبي ﷺ ، قالت لبابة بنت الحارث: يا رسول الله! أعطني ثوبك ، والبس ثوباً غيره. فقال: إنما ينضح من بول الذكر ، ويغسل من بول الأنثى.
2- نوم الجالس وحكمه في نقض الوضوء:
أخرج عبد الرزاق في مصنفه بسنده: أن علياً ، وابن مسعود ، والشعبي قالوا في الرجل ينام وهو جالس: ليس عليه الوضوء. ودلَّ على ذلك حديث رسول الله ﷺ : «العين وكاء السه ، فمن نام فليتوضأ».
3- غسل المذي والوضوء منه:
قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: كنت رجلاً مذاء فأمرت رجلاً، أن يسأل النبي ﷺ لمكان ابنته فسأله ، فقال: «توضأ ، واغسل ذكرك».
4- قراءة القران من دون مسِّ المصحف على كل حال ما لم يكن جنباً:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كان رسول الله ﷺ يقرئنا القران على كل حال ما لم يكن جنباً، وعن عامر الشعبي قال: سمعت أبا الغريف الهمداني يقول: شهدت علي بن أبي طالب بال ثم قال: اقرؤوا القران ما لم يكن أحدكم جنباً ، فإذا كان جنباً فلا ، ولا حرفاً واحداً.
5- وطء الحائض: سأل عمر رضي الله عنه علياً: ما ترى في رجل وقع على امرأته وهي حائض؟ قال: ليس عليه كفارة إلا أنه يتوب، وقد أجمعت الأمة على حرمة وطء الحائض دون خلاف، لقوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 222].
6- مباشرة الحائض: فقد سئل علي رضي الله عنه: مالك من امرأتك إذا كانت حائضاً؟ قال: ما فوق الإزار، ودليله في ذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً أمرها رسول الله ﷺ فتأتزر بإزار ، ثم يباشرها.
أحكام في الصلاة:
1- لا يقرأ القران راكعاً أو ساجداً:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: نهاني رسول الله ﷺ عن قراءة القران وأنا راكع أو ساجد.
2- من لم يصلِّ فهو كافر:
سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! ما ترى في امرأة لا تصلي؟ قال: من لم يصل فهو كافر. قال عبد الله بن شقيق: لم يكن أصحاب رسول الله ﷺ يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، ولأنها عبادة يدخل بها في الإسلام ، فيخرج بتركها منه كالشهادة، ويؤيد هذا الحكم، قول رسول الله ﷺ : «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة».
قال الإمام النووي: تارك الصلاة إن كان منكراً لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين ، خارج من ملة الإسلام ، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه ، وإن كان تركه تكاسلاً مع اعتقاد وجوبها-ـ كما هو حال كثير من الناس - فقد اختلف العلماء فيه ، فذهب مالك والشافعي ( رحمهما الله ) والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر ، بل يفسق ، ويستتاب ، فإن تاب وإلا قتلنـاه حـداً ، كالزانـي المحصن ، ولكنـه يقتـل بالسيـف ، وذهب جماعة من الـسلف إلى أنه يكفر ، وهو مروي عن علي بـن أبي طالب ( رضي الله عنه ) ، وهو إحـدى الروايتين عن أحمد بن حنبل (رحمه الله) ، وبه قال عبد الله بن المبارك ، وإسحاق بن راهويه ، وهو وجـه لبعض أصحاب الشافعي ، وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة ، والمزني صاحب الشافعي أنه لا يكفر ولا يقتل ، بل يعزر ، ويحبس حتى يصلي.
3- إعادة الصلاة في الوقت:
إذا أعاد المصلي صلاته في الوقت لفضيلة الجماعة؛ فإن الأولى فرضه، والمعادة نافلة عند علي ، نقل ذلك عن ابن قدامة ، وعن الحارث عن علي في الذي يصلي وحده ثم يصلي في الجماعة ، قال: صلاته الأولى، أي: الثانية نافلة له ، ودليله: ما رواه أبو ذر حيث قال: قال لي رسول الله ﷺ : «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة أو يؤخرون الصلاة عن وقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة»، وجه الدلالة: أنه سمى التي يصليها جماعة نافلة، وإذا أعاد المغرب شفعها بركعة عند علي ، فعن الحارث عن علي إذا أعاد المغرب شفع بركعة.
4- قضاء الفوائت:
من فاتته صلاة فيجب عليه قضاؤها ، ويستحبُّ أن يقضيها على الفور عند علي، وقد قال علي: إذا نام الرجل عن صلاة أو نسي فليصلِّ إذا استيقظ أو ذكر، وعلى هذا إجماع المسلمين دون خلاف، والدليل على ذلك قول رسول الله ﷺ : إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلِّها إذا ذكرها ، فإن الله يقول: أقم الصلاة لذكري.
5- صلاة التراويح:
عن أبي عبد الرحمن السلمي: أن علياً قام بهم في رمضان، وعن إسماعيل بن زياد قال: مرَّ علي على المساجد وفيها القناديل في شهر رمضان ، فقال: نور الله على عمر قبره ، كما نور علينا مساجدنا. وعلى هذا إجماع مذاهب أهل السنة.
والحجة في ذلك: ما رواه أبو هريرة: أن النبي ﷺ قال: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه». وجه الدلالة: أن التراويح من القيام فهو سنة، والجماعة في التراويح أفضل عند علي ، وكان هو يصليها جماعة، ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً ، فعن عرفجة الثقفي قال: كان علي بن أبي طالب يأمر الناس بقيام شهر رمضان ، ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً ، قال عرفجة: فكنت أنا إمام النساء، وصلاة التراويح لها دليل في أصلها من هدي النبي ﷺ ، فعن عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: أن رسول الله ﷺ خرج ذات ليلة من جوف الليل ، فصلى في المسجد ، وصلى رجال بصلاته ، فأصبح الناس يتحدثون ، فاجتمع أكثر منهم ، فصلوا معه ، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ، فخرج رسول الله ﷺ فصلى الناس بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح ، فقال: «إنه لم يخْفَ علي مكانكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها» ، فتوفى رسول الله ﷺ والأمر على ذلك.
6- صلاة العيد في المسجد بالشيوخ والضعفاء:
لما تولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الخلافة وصار بالكوفة ، وكان الخلق بها كثيراً ، قالوا: يا أمير المؤمنين ، إن بالمدينة شيوخاً وضعفاء يشق عليهم الخروج إلى الصحراء ، فاستخلف علي بن أبي طالب رجلاً يصلي بالناس العيد في المسجد ، وهو يصلي بالناس خارج الصحراء ، ولم يكن هذا يفعل قبل ذلك ، وعلي من الخلفاء الراشدين ، وقد قال النبي ﷺ : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، فمن تمسك بسنة الخلفاء الراشدين فقد أطاع الله ورسوله».
7- تغسيل الرجل زوجته:
يجوز للرجل أن يغسل جنازة زوجته عند علي؛ إذ إنه غسل زوجته فاطمة رضي الله عنهما. وعن أسماء بنت عميس قالت: أوصت فاطمة إذا ماتت ألا يغسلها إلا أنا وعلي ، قالت: فغسلتها أنا وعلي، وحكي إجماع الصحابة على ذلك؛ لأن ذلك اشتهر فيهم ولم ينكروه، وبه قال جمهور العلماء ، والحجة لهم: لقول رسول الله ﷺ لعائشة: «ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك».
8- الكفن من مال الميت:
يحسب تكاليف تكفين الميت من رأس ماله إن كان له مال عند علي، فعن عبد الله بن ضمرة ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي رضي الله عنه أنه قال: الكفن من رأس المال. والحجة في ذلك: أن مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة ، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه ، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه ، فقال رسول الله ﷺ : «ضعوها مما يلي رأسه ، واجعلوا على رجليه الأذخر». وجه الدلالة: أنه لو كان واجباً على المسلمين لأخذ له من المسلمين الحاضرين ما يتم به كفنه.
9- كفن الرجل والمرأة وعدم المغالاة فيه:
يسن أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة في خمسة أثواب ، عند علي ، نقل ذلك عنه الكاساني وغيره، ويكره المغالاة في الكفن؛ وهو الزيادة على الثلاثة للرجل والخمسة للمرأة عند علي، فقد قال أمير المؤمنين علي: كفن المرأة خمسة أثواب ، وكفن الرجل ثلاثة ، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.
10- غسل الشهيد وكفنه:
لا يغسل الشهيد ولا يكفن عند علي ، فقد نقل ذلك عنه الكاساني وغيره، وروي عنه: أنه لم يغسل من قتل معه في قتال مع مخالفيه ولم يأمر بتكفينهم ، بل دفن عماراً ولم يغسله، وهذا قول جمهور أهل العلم إلا الحسن البصري وسعيد بن المسيب لقولهما: إن الميت يجنب.
أحكام متعلقة بالزكاة:
1- لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول:
بين أمير المؤمنين علي أن حولان الحول شرط في وجوب الزكاة ، لما ورد عنه رضي الله عنه قال: ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول. والحول شرط لوجوب الزكاة في النقود والمواشي ، وأموال التجارة ، وليس بشرط في الزرع ، وذلك إجماع لا خلاف فيه.
2- نصاب الذهب والفضة ومقدار الزكاة فيهما:
بيَّن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنـه أن نصـاب الذهب عشرون مثقالاً ، وليس فيما دونه زكاة ، وما زاد فبحسابه ، حيث يقول: ليس فيما دون عشرين ديناراً شيء ، وفي عشرين نـصف دينـار ، وفي أربعين دينـار ، فما زاد بالحساب. وقال عن نصاب الفضة: ليس في أقل من مئتي درهم زكاة. وقال: فإذا بلغ مئتي درهم ففيه خمسة دراهم ، وإن نقص من المئتين فليس فيه شيء ، وإن زاد على المئتين فبحسابه.
3- نصاب الإبل ومقدار الزكاة فيها:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: في خمس من الإبل شاة إلى تسع ، فإن زادت واحدة ففيها شاتان إلى أربع عشرة ، فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة ، فإن زادت واحدة ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين، فإن زادت واحدة ففيها خمس شياه، فإن زادت واحدة ففيها بنت مخاض أو لبون (ذكر أكبر منها بعام) إلى خمس وثلاثين ، فإن زادت واحدة ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين ، فإن زادت واحدة ففيها حقة (طروقة الفحل) إلى ستين ، فإن زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين من الإبل حقة ، ولا يجمع بين مفترق ، ولا يفرق بين مجتمع.
4- الأصناف التي تجب فيها الزكاة من الزروع:
الأصناف التي تجب فيها الزكاة عند علي؛ هي: الحنطة والشعير والتمر والزبيب، نقل ذلك عنه ابن حزم وغيره. وقد قال علي: الصدقة عن أربع: من البر فإن لم يكن بر فتمر ، فإن لم يكن تمر فزبيب ، فإن لم يكن زبيب فشعير.
5- عدم الزكاة في الخضراوات والفواكه والعسل:
قال أمير المؤمنين علي: ليس في الخضر صدقة، وفي رواية: ليس في الخضر والبقول صدقة ، وهو قول جمهور العلماء، ولا زكاة في الفواكه عند علي ؛ فعن أبي إسحاق عن علي قال: ليس في التفاح وما أشبهـه صدقة. وعن عاصم بـن ضمرة عن علي قال: ليس في الخضر صدقة؛ البقل والتفاح والقثاء. وهو قول كل من قال باقتصار وجوب الزكاة على الأصناف الأربعة ، والحجة لهم: لدخولها تحت حكم الخضروات لاشتراكها معها في عدم البقاء والادِّخار ، وأما زكاة العسل فهي غير واجبة عند علي حيث قال: ليس في العسل زكاة.
6- صرف الزكاة لصنف واحد:
يجوز إعطاء الزكاة لصنف واحد من الأصناف الثمانية ، أو لشخص واحد يغنون بها عند علي ، فقد قال: لا بأس أن يبعث الرجل الصدقة في صنف واحد، وروى عنه: أنه أتي بصدقة فبعثها إلى أهل بيت واحد.
7- إعطاء الزكاة للأصول والفروع:
قال أمير المؤمنين علي: ليس لولد ولا لوالد حق في صدقة مفروضة ، ومن كان له ولد أو والد فلم يصله فهو عاق. وحكي إجماع العلماء على هذا ، وحمل من خالفه على صدقة التطوع ، والحجة لهم: لأن منفعتها تعود على دافع الزكاة لأنها تغنيهم عن النفقة فلا يدفعها إليهم ، وقد يتخذ ذلك حيلة للتخلص من دفع الزكاة ، ثم إن الزكاة والنفقة واجبان مستقلان لا يحل أحدهما مكان الاخر ، كالصلاة والصوم ، وأن الزكاة حق لله تعالى فهي عبادة ، وأما النفقة فهي حق العباد ، وهي صلة القرابة.
أحكام متعلقة بالصيام:
1- ثبوت صيام رمضان برؤية الواحد العدل:
يثبت دخول شهر رمضان عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بخبر الواحد العدل ، ويلزم الناس بصيامه، فعن فاطمة بنت الحسين أن رجلاً شهد عند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) على رؤية هلال رمضان فصام ، وأحسبه قال: وأمر الناس بالصيام. وهذا الحكم مبني على ما ثبت عن رسول الله ﷺ : «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غُمِّيَ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً»، قال النووي: المراد رؤية بعض المسلمين ، ولا يشترط رؤية كل إنسان ، بل يكفي جميع الناس رؤية عدلين ، وكذا عدل على الأصح ، وأما الفطر فلا يجوز بشهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء ، إلا أبا ثور فجوزه بعدل.
2- صيام الجنب:
يجوز أن يصوم المجنب؛ أي: يؤخر الغسل حتى يصبح ثم يغتسل ويتم صومه عند علي ، نقل ذلك عنه ابن قدامة. وعن الحارث عن علي قال: إذا أصبح الرجل وهو جنب فأراد أن يصوم فليصم إن شاء. والدليل على ذلك: ما ورد عن عائشة وأم سلمة: أن رسول الله ﷺ كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم.
3- الإفطار للشيخ الكبير:
قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في تفسيره قول الله تعالى: قال: الشيخ الكبير الذي ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ يستطيع الصوم يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكيناً.
4- مكان الاعتكاف:
عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. وفي لفظ: لا اعتكاف إلا في مصر جامع، ولعله قصد بذلك أن الاعتكاف لا يقام إلا في مسجد المصر الجامع الذي تقام فيه الجمعة.
5- ما يجوز للمعتكف:
قال علي: إذا اعتكف الرجل فليشهد الجمعة ، وليعد المريض ، وليشهد الجنازة، وليأتي أهله ، وليأمرهم بالحاجة وهو قائم.
من أحكام الحج:
1- تقبيل المحرم امرأته:
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: من قبَّل امرأته وهو محرم فليهرق دماً.
2- قتل المحرم للحيوان الصائل:
عن مجاهد عن علي؛ في الضبع إذا عدا على المحرم: فليقتله؛ فإن قتله قبل أن يعدو عليه فعليه شاة، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ﴾ [البقرة: 173]؛ لأنه إن لم يقتله قَتَلَهُ فيتحقق منه الاضطرار ، ثم أنه انقلب بذلك حيواناً شريراً ، فيلحق بالمؤذيات التي يجوز قتلها.
3- قتل الغراب:
يجوز للمحرم قتل الغراب عند علي ، فقد قال: يقتل المحرم الغراب، ودليل ذلك: قول رسول الله ﷺ : «خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة ، والعقرب ، والغراب ، والحدأة ، والكلب العقور».
4- الشك في الطواف:
قال أمير المؤمنين: إذا طفت في البيت فلم تدرِ أتممت أو لم تتم؛ فأت ما شككت، فإن الله لا يعذب على الزيادة.
5- النسيان في الطواف:
إذا نسي الرجل فطاف أشواطاً زائدة على المسنون؛ يضيف إليها ما يبلغه مجموع أشواط طوافين عند علي ، قال علي في الرجل ينسى فيطوف ثمانية؛ فليرد عليها ستة حتى تكون أربعة عشر يصلي أربع ركعات.
6- النيابة للحج:
من استطاع بماله الحج ولم يستطع ببدنه لشيخوخة أو مرض يجب عليه أن ينيب عنه غيره عند علي ، نقل ذلك عنه ابن حزم وغيره؛ فقد قال في الشيخ الكبير: إنه يجهز رجلاً بنفقته فيحج عنه. ودليل ذلك: ما روى ابن عباس: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال النبي ﷺ : «فحجي عنه» ، وهذا يدل على أن الاستطاعة بالمال كافية لوجوب الحج على المكلف عند علي ومن معه ، أما الاستطاعة بالبدن فيكفي أن يستطيع بغيره إذا وجد سواء أكان بمؤنة أو إجارة أو غيرهما.
7- الشك في عدد الرميات:
إذا شك الحاج في عدد رمي الجمرات يعيد ما شك فيه عند علي ، فعن أبي مجلز: أن رجلاً يسأل ابن عمر فقال: إني رميت الجمرة ولم أدرِ رميت ستاً أو سبعاً ، قال: أنت وذاك الرجل - يريد علياً ، فذهب فسأله فقال: أما أنا لو فعلت في صلاتي لأعدت الصلاة ، فجاء فأخبره بذلك ، فقال: صدق ، أو أحسن ، قال الشيخ: وكأنه أراد - والله أعلم - لأعدت المشكوك في فعله ، كذلك في الرمي يعيد المشكوك في رميه.
يمكن النظر في كتاب أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book161C.pdf