الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما: أعمامه وأخواله... نحو قراءة تعريفية بآل البيت (رضوان الله عنهم)

الحلقة الثالثة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

جمادى الآخر 1441 ه/ فبراير 2020م

أولا: أعمامه وعماته:
وهذه نبذة مختصرة عن أعمامه وعماته:
1 ـ طالب بن أبي طالب: هلك مشركاً بعد غزوة بدر، وقيل إنه ذهب فلم يرجع، ولم يُدْرَ له موضع ولا خبر، وهو أحد الذين تاهوا في الأرض، وكان محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وله فيه مدائح وكان خرج إلى بدر كرهاً، وجرت بينه وبين قريش حين خرجوا إلى بدر محاورة فقالوا: والله يا بني هاشم لقد عرفنا ـ وإن خرجتم معنا ـ أن هواكم مع محمد، فرجع طالب إلى مكة مع من رجع، وقال شعراً وقصيدة ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وبكى فيها أصحاب قليب بدر .
2 ـ عقيل بن أبي طالب: فكان يكن أبا يزيد، تأخر إسلامه إلى عام الفتح، وقيل أسلم بعد الحديبية، وهاجر في أول سنة ثمان، وكان أسر يوم بدر ففداه عمّه العباس، ووقع ذكره في الصحيح في مواضع كثيرة وشهد غزوة مؤتة ولم يسمع له ذكر في الفتح وحنين، كأنه كان مريضاً، أشار إلى ذلك ابن سعد لكن روى الزبير بن بكار بسنده إلى الحسين بن علي، أن عقيلاً كان ممن ثبت يوم حنين ومات في خلافة معاوية وفي تاريخ البخاري الأصغر بسند صحيح أنه مات في أول خلافة يزيد قبل الحرة ، وعمره ست وتسعون سنة .
3 ـ جعفر بن أبي طالب: فهو أحد السابقين إلى الإسلام، وكان يحب المساكين ويجلس إليهم ويخدمونه ويحدثهم ويحدثونه، وهاجر إلى الحبشة، فأسلم النجاشي ومن تبعه على يديه، ولقد تحدثت عنه في كتابي السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث ـ واستشهد بمؤتة من أرض الشام مقبلاً غير مدبر .
4 ـ أم هاني بنت أبي طالب: ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم فقيل اسمها فاختة، وقيل اسمها فاطمة وقيل هند، والأول أشهر وكانت زوج هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي وكان له منها عمرو، وبه كان يكنى وفي فتح مكة أجارت أم هاني رجلين من بني مخزوم، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجرنا من أجرت يا أم هاني وروت أم هاني عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب الستة وغيرها ، قال الترمذي وغيره: عاشت بعد علي رضي الله عنه .
5 ـ جُمانة بنت أبي طالب: هي أم عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ذكرها ابن سعد في ترجمة أمها فاطمة بنت أسد وأفردها في باب بنات عم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ولدت لأبي سفيان بن الحارث ابنة جعفر بن أبي سفيان بن أبي طالب، وأطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ثلاثين وسقاً .
ثانيا: أخواله وخالاته:
أم أخواله فقد ماتوا وهم صغار ولم يبلغ أحد منهم إلى سن البلوغ، وهم القاسم، وإبراهيم وزاد الزبير بن بكار عبد الله ـ وسمي بالطيّب والطاهر ـ لأنه ولد بعد النبوة وعليه أكثر علماء النسب، وقيل: إن الطيّب، والطاهر ولدان آخران. ولكن عبد الله والطيب والطاهر قد ماتوا بمكة بإجماع العلماء ، وجميع أولاده صلوات الله وسلامه عليه من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم فإنه من ماريا القبطية التي أهداها له مقوقس مصر، عندما أرسل له الدعوة إلى الإسلام في السنة السادسة من الهجرة، وكان صلى الله عليه وسلم يكنَّى عليه الصلاة والسلام بأبي القاسم، وقد قيل: أنه أكبر أولاده وأول من مات منهم، ولد بمكة قبل النبوة، ومات صغيراً، وقيل: بل عاش حتى بلغ سن التمييز، فقيل: إنه بلغ المشي ، وقيل: بلغ أن يركب الدابة ويسير على النجيبة ، وأما خالاته فزينب، ورقية، وأم كلثوم رضي الله عنهن.
1 ـ زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أكبر خالات الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه زينب وأدركت الإسلام، وهاجرت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محباً لها، وقد كانت أول بناته زواجاً، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أبو العاص بن الربيع من رجال مكة المعدودين ـ مالاً وتجارة وأمانة ـ وهو ابن أخت خديجة، أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة لأمها وأبيها فقالت خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي، وكانت خديجة تعده بمنزلة ولدها، فلما أكرم الله تعالى نبيه بنبوته آمنت خديجة وبناتها رضي الله عنهن، فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً بأمر الله تعالى، أتوا بالعاص بن الربيع، فقالوا: إنكم قد فرّغتم محمداً من همِّه، فرُدّوا عليه بناته، فاشغلوه بهنَّ، وقالوا لأبي العاص بن الربيع: فارق صاحبتك، ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت، فقال: لاها الله إذا، لا أفارق صاحبتي، ولا أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني على صهره خيراً . وجاء عنه أنه تذكر زينب وهو في تجارته في الشام فقال :
ذكرت زينب لما ورّكت إرما
فقلت: سقيا لشخص يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صالحة
وكلُّ بعلٍ سيثُني بالذي علما
أـ وفاء زينب لزوجها:
وكما كان أبو العاص بن الربيع وفياً لزوجه زينب، كانت هذه كذلك له، فقد أبى أبو العاص أن يسلم بمكة، وأقامت زوجه معه على إسلامها، حتى كانت معركة بدر، فحضرها أبو العاص في صفِّ كفار قريش، فأسر فيمن أسر منهم، فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وكانت فيه قلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى بها، قالت عائشة أم المؤمنين: فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردّوا عليها مالها، فافعلوا، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه، وردّوا عليه الذي له . ويجدر بنا أن نقف وقفة تأمل في خطابه لأصحابه وما تضمنه من سمو العبارة والأدب الرفيع مما ينبغي أن نتحلى به في حياتنا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه عهداً، بأن يخلي زينب لتلحق به، وكانت من المستضعفين بمكة من النساء واستكتمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وصدق في عهده وأرسل زينب وتعرضت لابتلاء شديد في طريقها إلى المدينة .
ب ـ إسلام زوجها وأمانته:
وأقام أبو العاص بن الربيع بمكة، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين فرق بينهما الإسلام، حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجراً إلى الشام، وكان رجلاً مأموناً، بمال له، وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلاً، لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابوا ما معه، وأعجزهم هارباً، فلما قدمت السرية بماله، أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستجار بها فأجارته، وجاء في طلب ماله، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح، فكبّر الناس وراءه صرخت زينب من صُفّة النساء: أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال: أيها الناس هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم: قال: أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشئ من ذلك حتى سمعت ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم. ثم انصرف، فدخل على ابنته، فقال: أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلص إليك، فإنك لا تَحلِّين له. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السرية الذين أصابوا المال، فقال، إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم، وقد أصبتم له مالاً، فإن تحسنوا وتردوا عليه ماله الذي له فإنا نحب ذلك، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي أفاء عليكم، فأنتم أحق به، قالوا: يا رسول الله بل نرده عليه فردَّوه، حتى إن الرجل ليأتي بالدلو، والرجل يأتي بالشنَّة والإداوة حتى أن أحدهم ليأتي بالشطاط، ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مالٍ من قريش ماله، ومن كان أبضع معه.
ثم قال: يا معشر قريش، هل بقى لأحد منكم عندي مال لم يأخذه؟ قالوا: كلا، فجزاك الله خيراً، فقد وجدناك وفياً كريماً، قال: فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوُّف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أدَّاها الله إليكم، وفرغت منها أسلمت، ثم خرج فقدم على رسول الله صلى الله عليه ، وجاء عن عامر الشعبي وغيره، أن أبا العاص بن الربيع لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين، قيل له: هل لك أن تُسلِم وتأخذ هذه الأموال، فإنها أموال المشركين؟ فقال أبو العاص: بأس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي . ومن أقوال أبو العاص رضي الله عنه: نتعلم قيمة عظيمة وهي الأمانة والتحلي بمكارم الأخلاق حتى مع غير المسلمين فلا ينبغي للمسلم أن يخون أمانته لأي سبب كان.
ولما قدم أبو العاص بن الربيع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً ردّ عليه زوجته زينب بالنكاح الأول، ولم يحدث نكاحاً جديداً ، وقد جاء في التحاقهما بالنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة روايات أخرى إلا أنها تتفق على وفاء أبي العاص بن الربيع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتفق على إيذاء المشركين لها في خروجها من مكة .
جـ ـ وفاتها وذريِّتها:
فقد جاء عن عروة بن الزبير: أن رجلاً أقبل بزينب بنت رسول الله فلحقه رجلان من قريش، فقاتلاه حتى غلباه عليها، فدفعاها حتى وقعت على صخرة، فأسقطت وأهريقت دماً، وذهبوا بها إلى أبي سفيان، فجاءته نساء بني هاشم فدفعها إليهن ثم جاءت بعد ذلك مهاجرة، فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوجع، فكانوا يرون أنها شهيدة، وكانت وفاتها في أول سنة ثمان من الهجرة النبوية .
ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على تجهيزها، فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: اغسلنها وتراً، ثلاثاً أو خمساً، واجعلن في الخامسة كافوراً، أو شيئاً من كافور، فإذا غسلتنها فأعلمنني، قالت: فأعطانا حِقْوة، وقال: أشعرنها إياه . وهكذا نرى حجم المصائب التي تحملها الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصلت إلى بناته وقد استمر على طريق الدعوة صابراً محتسباً ومنه نتعلم أن طريق إعزاز الإسلام يحتاج إلى صبر واستعداد للتضحية.
وقد أنجبت زينب رضي الله عنها من أبي العاص بن الربيع، أمامة، وعلياً، أما علي فقد مات وهو صغير، وقيل مات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ناهز الحلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح، وهو مردفه على ناقته. وكانت أمامة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموقع الكريم، والمحل العظيم، فقد كان يحملها على عاتقه وهو يؤم الناس في الصلاة، فعن أبي قتادة الأنصاري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يحمل أمامة بنت أبي العاص ابنة ابنته على عاتقه، فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها ، وعن عائشة رضي الله عنها أن النجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حِلْية فيها خاتم من ذهب فصُّه حبشي فأخذه وإنه لمعرض عنه، فأرسله إلى ابنة ابنته زينب، وقال: تَحلّيْ بهذا يا بنية ، وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أهله ومعه قلادة جزع ، فقال لاعطينَّها إلى أحبكنّ إلي، فقلن: يدفعها إلى ابنة أبي بكر، فدعا بابنة أبي العاص من زينب فعقدها بيده ، وكان على عينها رَمَص، فمسحه بيده صلى الله عليه وسلم. وأما أمامة فقد عاشت، وتزوجها على بن أبي طالب بعد وفاة خالتها فاطمة الزهراء، وكان أبو العاص بن الربيع قد أوصى بابنته أمامه إلى الزبير بن العوام، فزوجها من علي بن أبي طالب، واستشهد علي رضي الله عنه وهي عنده، ثم تزوجت بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وماتت عنده، ولم تنجب أمامة لعلي بن أبي طالب، ولا للمغيرة بن نوفل وقيل: ولدت للمغيرة ولداً سماه يحي ومات، فانقطع بذلك نسل السيدة زينب عليها السلام.
رقيَّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وقد ولدت على الأصح بعد زينب سنة ثلاث وثلاثين من عمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلمت حين أسلمت أمها خديجة وبايعت حين بايعه الناس، وكانت قد خطبها عتبة بن أبي لهب، فلما نزلت: ((تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ... )) قال له أبوه: رأسي من رأسك حرام إن تطلق ابنة محمد، وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتبة طلاقها وسألته هي ذلك. ولم يكن قد دخل بها ـ فقالت له أمه أم جميل ـ وهي حمَّالة الحطب ـ طلَّقها يا بُنيّ، فإنها قد صبأت ففارقها، فأخرجها الله من يده كرامة لها، وهواناً له، فتزوجت عثمان بن عفان بمكة، وهاجر بها إلى الحبشة، ثم إلى المدينة المنورة فهي ممن هاجر الهجرتين .
هذا وقد توفيت بالمدينة بعد انتهاء غزوة بدر، فعن ابن شهاب الزهري قال: تخلّف عثمان بن عفان عن غزة بدر على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قد أصابتها الحصبة، وجاء زيد بن حارثة بشيراً بوقعة بدر، وعثمان على قبر رقية، قال أبو عمر بن عبد البر: لا خلاف بين أهل السير أن عثمان بن عفان رضي الله عنه إنما تخلَّف عن بدر على امرأته رقية بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه ضرب له بسهمه وأجره ، وقد ولدت رقيَّة رضي الله عنها لعثمان بالحبشة ولداً سماه عبد الله، وكان يُكنَّى به بلغ سنتين وقيل: ست سنين، فنقر عينه ديك فتورم وجهه ومرض ومات وقيل: أسقطت من عثمان سقطاً، ثم ولدت عبد الله، فمات، ولم تلد له غيره حتى توفيت رضي الله عنها وأرضاها ، قال ابن سعد في الطبقات: وهاجرت معه ـ أي عثمان ـ إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعاً .. وكانت في الهجرة الأولى قد أسقطت من عثمان سقطاً ثم ولدت له بعد ذلك ولد فسماه عبد الله وكان عثمان يكنى به في الإسلام وبهذا يكون نسبها قد انقطع .
3 ـ أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وأما خالة الحسن رضي الله عنه الثالثة فهي أم كلثوم، فقد عرفت بكنيتها، ولا يعرف لها اسم إلا ما ذكره الحاكم عن مصعب الزبيري أن اسمها أمية وهي أكبر سناً من فاطمة رضي الله عنهما ، وكانت قد تزوجها عتيبة بن أبي لهب، أخو عتبة الذي تزوج أختها رقية ـ ولم يدخلا بهما ـ فأمره أبوه وأمه أن يفارقها كما أمرا أخاه أن يفارق أختها. وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: كفرت بدينك، وفارقتُ ابنتك لا تحبني ولا أحبك، ثم سطا عليه فشق قميص النبي صلى الله عليه وسلم، وكان خارجاً إلى الشام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلباً من كلابه فخرج في تَجْر قريش ـ أي جماعة التجار ـ نحو الشام حتى نزلوا بمكان يقال له الزرقاء فأطاف بهم الأسد في تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول أيا ويل أمي هو والله آكلي كما دعا عليّ محمد، أقاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام، فعدا عليه الأسد من بين القوم، فأخذ برأسه فضغمه ضغمة فقتله ، ولما فارقها عتيبة بن أبي لهب لم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة حين هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجت إليها مع عياله .
أـ زواجها:
وقال سعيد بن المسيب: تأيَّم عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأيَّمت حفصة بنت عمر من زوجها، فمر عمر بعثمان، فقال: هل لك في حفصة، وكان عثمان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فلم يجبه، وذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هل لك في خير من ذلك. أتزوج حفصة وأزوج عثمان خيراً منها أم كلثوم ، وكان زواج أم كلثوم من عثمان بن عفان رضي الله عنهما سنة ثلاث من الهجرة النبوية، في ربيع الأول، وبنى بها في جمادي الآخرة . وجاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنته وهي تغسل برأس عثمان رضي الله عنه، فقال: يا بنيَّة أحسني إلى أبي عبد الله، فإنه أشبه أصحابي خلقاً .
وفاتها:
ولم تزل أم كلثوم عند عثمان رضي الله عنهما إلى أن توفيت في شعبان سنة تسع من الهجرة وصلّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس على شفير قبرها عليها السلام، فعن أنس بن مالك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على قبر أم كلثوم، قال: فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل منكم رجل لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة أنا، قال: فانزل في قبرها .وقد غسلتها أسماء بنت عُميس، وصفية بنت عبد المطلب وهي التي شهدت أم عطية غُسلها، وحكت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك . وجاء عند ابن سعد أن علي بن أبي طالب , والفضل بن العباس, وأسامة بن زيد، قد نزلوا في حفرتها مع أبي طلحة، وأن التي غسلتها هي أسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب .
ذريتها:
اتفق العلماء على أن أم كلثوم، لم تلد ولم تعقب . ومن الغريب أن بعض الشيعة الروافض يطعنون بصحة نسب بنات النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يزعمون بأنهم يحبون النبي صلى الله عليه وسلم مخالفين بذلك القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والتاريخ ويكفي في الرد عليهم قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا)) (الأحزاب، الآية: 59) فذكر بناته بالجمع.


يمكنكم تحميل كتاب: خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين
الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - شخصيته وعصره
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد محمد الصلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book06.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022