الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

الحسن والحسين رضي الله عنهما: سيدا شباب أهل الجنة وريحانتايَ من الدنيا

الحلقة السادسة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

جمادى الآخر 1441 ه/ فبراير 2020م

أولا: شبه الحسن بن علي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم:
1 ـ عن أبي خالد، قال: قلت لأبي جُحَيْفَة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم: كان أشبه الناس به الحسن بن علي .
2 ـ عن عقبة بن الحارث، قال: إني لمع أبي بكر إذ مرَّ على الحسن بن علي فوضعه على عنقه ثم قال: بأبي شِبْهَ النبي لا شبيهاً بعلي قال: وعلي معه فجعل علي يضحك ، وفي رواية أخرى عن عقبة بن الحارث، قال: خرجت مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بليال وعلي يمشي إلى جنبه فمر بحسن بن علي وهو يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول: وبأبي شبه النبي ليس بشبه بعلي وعلي يضحك ، ونرى حقيقة المحبة والانسجام بين أبي بكر وعلي وهذا ما تؤكده هذه الرواية الصحيحة ليس كما يدعي بعض الناس.
3 ـ عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: الحسن أشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل ذلك .
4 ـ عن عاصم بن كليب، قال: حدثني أبي، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في النوم فقد رآني فإن الشيطان لا ينتحلُني. قال أبي: فحدثته ابن عباس وأخبرته أني قد رأيته ، قال: رأيته؟ قلت: أي والله لقد رأيته، قال: فذكرت الحسن بن علي؟ قال إي والله، لقد ذكرته وتَفَيّئه في مشيته . قال ابن عباس: إنه كان يُشبهُهُ .
5 ـ عن البهي مولى الزبير قال: تذاكرنا من أشبه النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته؟ فدخل علينا عبد الله بن الزبير فقال: أنا أحدثكم بأشبه أهله به ,أحبهم إليه، الحسن بن علي، رأيته يجئ وهو ساجد فيركب رقبته، أو قال ظهره، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل،، ولقد رأيته يجئ وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر .
6 ـ قال قال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري أخبرني أنس قال: لم يكن أحد أشْبَه بالنَّبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي وعنه قال: كان الحسن بن علي من أشبههم وجهاً بالنبي صلى الله عليه وسلم .
7 ـ عن فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنها أتت بالحسن والحسين إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شكواه الذي توفِّي فيه، فقالت: يا رسول الله هذان ابناك، فورِّثهما شيئاً. فقال: أما الحسن فله هيبتي وسُؤدُدِي وأمّا حُسينٌ فله جُرأتي وجُودِي .
8 ـ وعن أبي مليكة قال كانت فاطمة رضي الله عنها تنقر الحسن وتقول بني شبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بشبيه علي رضي الله عنهما.
9 ـ وممن يشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم: جعفر بن أبي طالب، والحسن بن علي، وأبو سفيان بن الحارث، وقثم بن العباس، والسائب بين عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب .
10 ـ عن أبي اسحاق أنه سمع هبيرة بن يَرِيم أنه سمع علياً رضي الله عنه يقول: من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى وجهه وشعره فلينظر إلى الحسن بن علي ومن سرّه أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين عنقه إلى كعبه خلقاً فلينظر إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما .
ثانيا: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة:
1 ـ عن حذيفة قال: سألتني أُمِّي منذ متى عهدك بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقلت لها: منذ كذا وكذا. قال: فنالت منِّي وسبَّتني. قال: فقلت لها: دَعيني فإنِّي آتي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ـ فأُصلي معه المغرب، ثمَّ لا أدعه حتّى يستغفر لي ولك، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب، فصَلَّى النبي العشاء ثم انفتل فتبعته فعرض له عارض فناجاه ثم ذهب، فاتبعته فسمع صوتي: فقال:: من هذا؟ فقلت: حذيفة. قال: ما لك؟ فحدثته بالأمر، فقال: غفر الله لك ولأُمِّك ـ ثم قال: أمّا رأيت العارض الذي عرض لي قُبْيلُ؟ قال: قلت: بليى. قال: فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة، فاستأذن ربَّه أن يُسلم عليَّ ويبشرني أن الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة .
2 ـ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة .
3 ـ عن الحكم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ويحي بن زكريا عليهما السلام ، وقد قام الشيخ عثمان الخميس بدراسة طرق هذا الحديث وبين أنه روي عن ستة عشر صحابياً ، وقال والحديث سئل عنه أحمد بن حنبل، فقال صحيح ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية، وقال: في أسانيده كلها ضعف ، وقال الذهبي: روِيَ من وجوه يُقوِّي بعضها بعضاً . ثم قال عثمان الخميس: والذي يظهر لي أنه يمكن الجمع بين أقوال هؤلاء الأئمة، فهو كما قال الحافظ ابن كثير: في أسانيده كلها ضعف. انتهى، وبعضها حسن وبعضها حسن لغيره، فيقويِّ بعضها بعضاً، كما قال الحافظ الذهبي وبالتالي فهو صحيح كما قال الإمام أحمد ولكن لغيره والله أعلم.
ثالثا: هما ريحانتايَ من الدنيا:
عن أبي نُعيم، قال: سمعت عبد الله بن عمر وسأله عن المُحْرِمِ ـ قال شعبه أحسبه يقتل الذباب ـ فقال أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسل الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال النبي صلى الله عليه وسلم ـ: هما ريحانتايَ من الدنيا ، وعن الحسن، عن أبي بكرة قال: رأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما يثبان على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فيمسكهما بيده حتى إذا استقر على الأرض تركهما، فلما صلى أجلسهما في حجره ثم مسح رؤوسهما، ثم قال: إن ابنيَّ هذين ريحانتاي من الدنيا ثم أقبل على الناس فقال: إن ابني هذا سيد، وأرجو أن يصلح الله عز وجل به بين فئتين عظيمتين في آخر الزمان ، قال محمد بن الحسين الآجري: يعني به الحسن رضي الله عنه ، وعن أبي بكرة قال: كان النبي يصلي، فكان إذا سجد جاء الحسن فركب ظهره، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه أخذه فوضعه على الأرض
وضعاً رفيقاً، فإذا سجد ركب ظهره، فلما صلى أخذه فوضعه في حجره، فجعل يقبله، فقال له رجل: أتفعل بهذا الصبي هكذا؟ فقال: إنهما ريحانتاي، وعسى الله عز وجل أن يصلح به بين فئتين من المسلمين .
رابعا: سيادته في الدنيا والآخرة:
أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة الحسن بن علي رضي الله عنه وبين جلالة قدره، على مرأى ومسمع من الناس في غير ما مرة وقد تواترت الروايات بقوله صلى الله عليه وسلم عن الحسن، وإن ابني هذا سيد، قال بن عبد البر: وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن بن علي: إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح بين فئتين عظيمتين من المسلمين ، ورواه جماعة من الصحابة، وفي حديث أبي بكرة في ذلك: وأنه ريحانتي من الدنيا، ولا أسود ممن سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدا . وعن أبي بكرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة ويقول: إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح بيه فئتين من المسلمين ، فهذا الحديث فيه منقبة للحسن رضي الله عنه فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد. قال ابن الأثير: قيل أراد به الحليم لأنه قال في تمامة: وإن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . وجاء في تحفة الأحوذي " فيه أن السيادة لا تختص بالأفضل بل هو الرئيس على القوم والجمع سادة وهو مشتق من السؤدد وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس: أي الأشخاص الكثيرة ولعل الله أن يصلح به بين فئتين تثنيه فئة وهي الفرقة ، ووصفه عليه الصلاة والسلام للفئتين بالعظيمتين، كما في راوية عند البخاري ،
لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين فرقة مع الحسن رضي الله وفرقة مع معاوية وهذه معجزة عظيمة من النبي صلي الله عليه وسلم حيث أخبر بهذا فوقع مثل ما أخبر، وأصل القضية أن عليّ بن أبي طالب لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين من الهجرة وبويع لابنه الحسن بالخلافة في شهر رمضان من هذه السنة وأقام الحسن أياماً مفكراً في أمره ثم رأى اختلاف الناس فرقة من جهته وفرقة من جهة معاوية ولا يستقيم الأمر، ورأى النظر في إصلاح المسلمين وحقن دمائهم أولى من النظر في حقه سلم الخلافة لمعاوية في الخامس من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين، وقيل من ربيع الآخر وقيل في غرة جمادي الأولى وكانت خلافته ستة أشهر إلا أياماً وسمي هذا العام عام الجماعة وهذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم: لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين . فالحديث فيه علم من أعلام النبوة، ومنقبة للحسن بن علي فإنه ترك الملك لا قلة ولا ذلة ولا لعلة بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة وعن سعيد بن أبي سعيد قال: كنا مع أبي هريرة جلوساً، فجاء الحسن بن علي بن أبي طالب، فسلم علينا، فرددنا عليه، وأبو هريرة لا يعلم فمضى، فقلنا: يا أبا هريرة هذا حسن بن علي قد سلم علينا، فقام فلحقه، فقال: يا سيدي، فقلت له: تقول يا سيدي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه لسيد ، وعن جابر بن عبد الله أنه قال: من سرّه أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة، فلينظر إلى الحسن بن علي
وقد نقل إلينا خبر سيادة الحسن والحسين في الجنة جمع غفير من الصحابة، وما ذلك إلا لإعلان رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك مرة بعد مرة، أو في محافل جامعة، وممن جاء عنهم، عبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وقرة بن إياس، ومالك بن الحويرث، والبراء بن عازب، وأبو هريرة رضي الله عنهم وغيرهم .
خامسا: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعِوِّذُ الحسن والحسين ويقول إنّ أباكما ـ أي إبراهيم عليه السلام ـ كان يُعَوِّذُ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّة ، وعن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ الحسن والحسين يقول أُعِيذُكُما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّةٍ: ويقول: هكذا كان إبراهيم يُعوِّذُ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام . وهذا علاج يتفرد به الطب النبوي للأطفال، وهو ركن من أركان المحافظة على صحة الطفل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع الحسن والحسين ، وفي هذا الحديث قيمة رفيعة حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية دعاء الوالدين لأبنائهم وما فيها من فوائد عظيمة منها، جلب الراحة والطمأنينة والحفظ والبركة للأبناء والآباء من جهة، ومن جانب آخر صرف الشر عنهم بإذن الله من الحسد والشيطان وهوام الأرض وفوق هذا كله، فإن الدعاء هو مخ العبادة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه شعور بالفقر والالتجاء إلى الله وحده وهذا من أهم مقاصد الإسلام.

يمكنكم تحميل كتاب: خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين
الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - شخصيته وعصره
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد محمد الصلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book06.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022