الحسن بن علي بعد معركة صفين... أحداث تاريخية وعبر مستفادة
الحلقة: الثامنة عشر
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رجب 1441 ه/ مارس 2020م
1-نهي أمير المؤمنين علي عن شتم معاوية ولعن أهل الشام بعد معركة صفين:
نشب الحرب بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في صفين وقد فصلنا تلك الأحداث في كتابي أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد اشتد القتال وتوجّه النصر فيها لأهل العراق على أهل الشام، وتفرقت صفوفهم، وكادوا أن ينهزموا، فعند ذلك رفع أهل الشام المصاحف فوق الرماح وقالوا: هذا بيننا وبينكم قد فني الناس، فمن لثغور أهل الشام بعد أهل الشام، ومن لثغور أهل العراق بعد أهل العراق؟ فلما رأى الناس المصاحف قد رفعت، قالوا: نجيب إلى كتاب الله عز وجل وننيب إليه ، فالدعوة إلى تحكيم كتاب الله دون التأكيد على تسليم قتلة عثمان إلى معاوية وقبول التحكيم دون التأكيد على دخول معاوية في طاعة علي والبيعة له، تطور فرضته أحداث حرب صفين، إذ أن الحرب التي أودت بحياة الكثير من المسلمين، أبرزت اتجاها جماعيا رأى أن وقف القتال وحقن الدماء ضرورة تقتضيها حماية شوكة الأمة وصيانة قوتها أمام عدوها، وهو دليل على حيوية الأمة ووعيها وأثرها في اتخاذ القرارات ، فقد قبل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقف القتال في صفين ورضي التحكيم وعد ذلك فتحا ورجع إلى الكوفة، وعلق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف وجمع الكلمة ووحدة الصف، وتقويت الدولة، وإعادة حركة الفتوح من جديد وكان أمير المؤمنين بعد نهاية الجولات الحربية في صفين يتفقد القتلى، وقد وقف على قتلاه وقتلى معاوية فقال: غفر الله لكم، غفر الله لكم، للفريقين حميعاً ، وعن يزيد بن الأصم قال: لما وقع الصلح بين علي ومعاوية، خرج علي فمشى في قتلاه فقال: هؤلاء في الجنة ثم خرج إلى قتلى معاوية فقال: هؤلاء في الجنة، وليصير الأمر إلي وإلى معاوية وقوله رضي الله عنه في صفين لا يكاد يختلف عن قوله في أهل الجمل ، وروي أن علياً رضي الله عنه لمّا بلغه أن أثنين من أصحابه يظهران شتم ولعن أهل الشام أرسل إليهما أن كفا عما يبلغني عنكما، فأتيا فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى ورب الكعبة المسدنة، قالا: فلما تمنعنا من شتمهم ولعنهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعانين، ولكن قولوا: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأبعدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله، ويرعوي عن الغي من لجج به ، وأما ما قيل من أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية وأصحابه، وأن معاوية إذا قنت لعن علياً وابن عباس والحسن والحسين لا تثبت من ناحية السند حيث فيها أبي مخنف لوط بن يحيى الرافضي المحترق الذي لا يوثق في رواياته كما أن في أصح كتب الشيعة عندهم جاء النهي عن سب الصحابة، فقد أنكر على من يسب معاوية ومن معه فقال: إني أكره لكم أن يكونوا سبابين ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم أياهم اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم ، فهذا السبب والتكفير لم يكن من هدي أمير المؤمنين علي باعتراف أصح كتاب في نظر الشيعة ، كما أن الحسن رضي الله عنه كان معاصراً للأحداث وسمع ورأى موقف والده من أهل الشام، وهذه النظرة السليمة لأصحاب معاوية ساعدت الحسن بن علي في هندسته لمشروع الإصلاح الذي تقدم به لوحدة الأمة والذي تحقق بفضل الله ثم فقهه العميق لمقاصد الإسلام ومعرفته الدقيقة لعلم المصالح والمفاسد.
2 ـ مقتل عمّار بن ياسر رضي الله عنه بصفين وأثره على المسلمين:
يعد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمّار رضي الله عنه: تقتلك الفئة الباغية من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان لمقتل عمّار رضي الله عنه أثر في معركة صفين، فقد كان علماً لأصحاب رسول الله يتبعونه حيث سار وكان خزيمة بن ثابت حضر صفين وكان كافاً سلاحه، فلما رأى مقتل عمار سل سيفه وقاتل أهل الشام وذلك لأنه سمع حديث رسول الله عن عمار: تقتله الفئة الباغية واستمر في القتال حتى قتل وكان لمقتل عمّار أثر في قادة معسكر معاوية مثل عمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو، وأبو الأعور السلمي، عند شرعة الماء يسقون وكانت هي شريعة الماء الوحيدة التي يستقي منها الفريقان، وكان حديثهم عن مقتل عمّار بن ياسر، إذ قال عبد الله بن عمرو لوالده: لقد قتلنا هذا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتله الفئة الباغية. فقال عمرو لمعاوية لقد قتلنا الرجل وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال فقال معاوية أسكت فوالله ما تزال تدحض في بولك أنحن قتلناه؟ إنما قتله من جاء به ، فانتشر تأويل معاوية بين أهل الشام انتشار النار في الهشيم، وجاء في رواية صحيحة أن عمرو بن حزم دخل على عمرو بن العاص فقال: قتل عمّار وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقتله الفئة الباغية.فقام عمرو بن العاص فزعاً يرجّع حتى دخل معاوية فقال له معاوية ما شأنك فقال: قتل عمار فماذا؟ قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: تقتلك الفئة الباغية فقال له معاوية: دحضت في بولك، أو نحن قتلناه، إنما قتله علي وأصحابه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، أو قال بين سيوفنا ، وفي رواية صحيحة أيضاً: جاء رجلان عند معاوية يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية قال معاوية: فما بالك معنا؟ قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله: أطع أباك مادام حياً ولا تعصه، فأنا معكم ولست أقاتل . من الروايات السابقة نلاحظ أن الصحابي الفقيه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما حريص على قول الحق، والنصح، فقد رأى أن معاوية وجنده هم الفرقة الباغية لقتلهم عماراً، فقد تكرر منه هذا الاستنكار في مناسبات مختلفة، ولا شك أن مقتل عمار رضي الله عنه قد أثر في أهل الشام بسبب هذا الحديث، إلا أن معاوية رضي الله عنه أول الحديث تأويلاً غير مستساغ ولا يصح في أن الذين قتلوا عماراً هم الذين جاءوا به إلى القتال ، وقد رد علي رضي الله عنه على قول معاوية بأن قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه، وهذا من علي إلزام لا جواب عنه، وحجة لا اعتراض عليها
وقد أثر على مقتل عمار كذلك على عمرو بن العاص، بل كان استشهاد عمار دافعاً لعمرو بن العاص للسعي لإنهاء الحرب وقد قال رضي الله عنه: وددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ، وقد جاء في البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبتين، فراه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. قال عمار: أعوذ بالله من الفتن ، وقال ابن عبد البر: تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تقتل عمار الفئة الباغية، وهذا من إخباره بالغيب وأعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهو من أصح الأحاديث ، وقال الذهبي بعد ما ذكر الحديث: وفي الباب عن عدة من الصحابة، فهو متواتر
3 ـ فهم العلماء لحديث رسول الله في عمار: تقتلك الفئة الباغية
أـ قال ابن حجر: وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة، وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار، ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه ، وقال أيضاً: دل الحديث: تقتل عماراً الفئة الباغية، على أن عليا كان المصيب في تلك الحروب، لأن أصحاب معاوية قتلوه .
ب ـ يقول النووي: وكانت الصحابة يوم صفين يتبعونه حيث توجه لعلمهم بأنه مع الفئة العادلة لهذا الحديث
جـ ـ قال ابن كثير: كان علي وأصحابه أدنى الطائفتين إلى الحق من أصحاب معاوية، وأصحاب معاوية كانوا باغين عليهم، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال حدثني من هو خير مني ـ يعني أبا قتادة ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية ، وقال أيضاً: وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنهما مع أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب قتله أهل الشام، وبان وظهر بذلك سر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه تقتله الفئة الباغية، وبان بذلك أن علياً محق، وأن معاوية باغ، وما في ذلك من دلائل النبوة
حـ ـ وقال الذهبي: هي طائفة من المؤمنين، بغت على الإمام علي، وذلك بنص قول المصطفى صلوات الله عليه لعمار: تقتلك الفئة الباغية .
جـ ـ قال القاضي أبو بكر العربي: في قوله تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ)) هذه الآية أصل في قتال المسلمين، والعمدة في حرب المتأولين، وعليها عول الصحابة إليها لجأ الأعيان من هذه الأمة، وإياها عني النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: تقتل عمار الفئة الباغية .
خ ـ وقال ابن تيمية: وهذا يدل لصحة إمامة علي ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داعي إلى الجنة، والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار ـ وإن كان متأولاً ـ وهو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي، وعلى هذا فمقاتله مخطئ ـ وإن كان متأولاً ـ أو باغ ـ بلا تأويل ـ وهو أصح القولين لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل علياً، وهو مذهب الأئمة لأصحابنا، وهو الحكم بتخطئة من قاتل علياً، وهو مذهب الأئمة الفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين ، وقال أيضاً: مع أن علياً أولى بالحق ممن فارقه، ومع أن عمار قتلته الفئة الباغية ـ كما جاءت به النصوص ـ وعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله، ولا يكون لنا هوى، ولا نتكلم بغير علم، بل نسلك سبل العلم والعدل، ذلك هو اتباع الكتاب والسنة، وأما من تمسك ببعض الحق دون بعض، وهذا منشأ الفرقة والاختلاف .
س ـ وقال عبد العزيز بن باز: وقال: صلى الله عليه وسلم في حديث عمار: تقتل عمار الفئة الباغية. فقتله معاوية وأصحابه في موقعة صفين، فمعاوية وأصحابه بغاة، لكن مجتهدون ظنوا أنهم مصيبون في المطالبة بدم عثمان .
ش ـ وقال سعيد حوى: بعد أن قتل عمار الذي وردت النصوص مبينة أنه تقتله الفئة الباغية، تبين للمترددين أن علياً كان على حق وأن القتال معه كان واجباً ولذا عبر ابن عمر عن تخلفه بأنه يأسى بسبب هذا التخلف، وما ذلك إلا أنه ترك واجباً وهو نصرة الإمام الحق على الخارجين عليه بغير حق، كما أفتى بذلك الفقهاء ، لقد كان الحسن بن علي رضي الله عنه على يقين راسخ ومعرفة متينة بأن والده كان على الحق.
4 ـ موقف الحسن بن علي من تلك الحروب:
كان موقف الحسن بن علي رضي الله عنه هو موقف أهل السنة والجماعة من الحرب التي وقعت بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم وهو الإمساك عما شجر بينهم إلا فيما يليق بهم رضي الله عنهم لما يسببه الخوض في ذلك من توليد العداوة والحقد والبغض لأحد الطرفين وقالوا: إنه يجب على كل مسلم أن يحب الجميع ويترضى عنهم ويترحم عليهم ويحفظ لهم فضائلهم، ويعترف لهم بسوابقهم، وينشر مناقبهم وأن الذي حصل بينهم إنما كان عن اجتهاد والجميع مثابون في حالتي الصواب والخطأ، غير أن ثواب المصيب ضعف ثواب المخطئ في اجتهاده وأن القاتل والمقتول من الصحابة في الجنة، ولم يجوز أهل السنة والجماعة الخوض فيما شجر بينهم، وقبل أن أذكر طائفة من أقوال أهل السنة التي تبين موقفهم فيما شجر بين الصحابة أذكر بعض النصوص التي فيها الإشارة إلى ما وقع بين الصحابة من الاقتتال وبما وصفوا به فيها وتلك النصوص هي
أـ قال تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)) (الحجرات، آية: 9). ففي هذه الآية أمر الله تعالى بالإصلاح بين المؤمنين إذا ما جرى بينهم قتال لأنهم إخوة وهذا الاقتتال لا يخرجهم عن وصف الإيمان وإذا كان حصل اقتتال بين عموم المؤمنين ولم يخرجهم ذلك من الإيمان لأن الله ذكر في الآية التي بعدها ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ))، فأصحاب الرسول الله الذين اقتتلوا في موقعة الجمل وبعدها أول من يدخل في اسم الإيمان الذي ذكر في هذه الآية فهم لا يزالون عند ربهم مؤمنين إيمان حقيقياً ولم يؤثر ما حصل بينهم من شجار في إيمانهم بحال لأنه كان عن اجتهاد
ب ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق . والفرقة المشار إليها في الحديث ما كان من الاختلاف بين علي ومعاوية رضي الله عنهما وقد وصف صلى الله عليه وسلم الطائفتين معاً بأنهما مسلمتان وأنهما متعلقتان بالحق، والحديث علم من أعلام النبوة: إذ وقع الأمر طبق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام، وفيه الحكم بإسلام الطائفتين: أهل الشام وأهل العراق، لا كما يزعمه فرقة الرافضة، والجهلة الطغام من تكفيرهم أهل الشام، وفيه أن أصحاب علي أدنى الطائفتين إلى الحق وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة والذي عليه الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن علياً هو المصيب وأن كان معاوية مجتهداً وهو مأجور إن شاء الله ولكن علي هو الإمام فله أجران كما ثبت في صحيح البخاري: إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجره .
جـ ـ وعن أبي بكرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين . ففي هذا الحديث شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام الطائفتين أهل العراق وأهل الشام والحديث فيه رد واضح على الخوارج الذين كفروا علياً ومن معه ومعاوية ومن معه بما تضمنه الحديث من الشهادة للجميع بالإسلام ولذا كان يقول سفيان ابن عيينة: قوله فئتين من المسلمين يعجبنا جداً. قال البيهقي: وإنما أعجبهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماهم جميعاً مسلمين وهذا خبر من رسول الله بما كان من الحسن بن علي بعد وفاة علي في تسليمه الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان ، فهذه الأحاديث المتقدم ذكرها فيها الإشارة إلى أهل العراق الذين كانوا مع علي وإلى أهل الشام الذين كانوا مع معاوية بن أبي سفيان، وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم من أمته ، كما وصفهم بأنهم جميعاً متعلقون بالحق لم يخرجوا عنه كما شهد لهم صلى الله عليه وسلم بأنهم مستمرون على الإيمان ولم يخرجوا عنه بسبب القتال الذي حصل بينهم وقد دخلوا تحت عموم قوله تعالى: ((وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)) (الحجرات، آية: 90)، وقد قدمنا أن مدلول الآية ينتظمهم رضي الله عنهم أجمعين فلم يكفروا ولم يفسقوا بقتالهم بل هم متأولون مجتهدون.
وقد بين الحكم في قتالهم ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما مر معنا، فالواجب على المسلم، ومن زعم أنه محب لأهل البيت أن يسلك في اعتقاده فيما حصل بين الصحابة الكرام مسلك الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة والذين من أئمتهم وسادتهم أمير المؤمنين علي وابنيه الحسن والحسين وهو الإمساك عما حصل بينهم رضي الله عنه ولا يخوض فيه إلا بما هو لائق بمقامهم.
يمكنكم تحميل كتاب: خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين
الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - شخصيته وعصره
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد محمد الصلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book06.pdf