موقف الحسن بن علي من فتنة مقتل عثمان (رضي الله عنهما)
الحلقة: الخامسة عشر
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رجب 1441 ه/ مارس 2020م
كانت هناك أسباب متنوعة ومتداخلة ساهمت في فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه كالرخاء وأثره في المجتمع، وطبيعة التحول الاجتماعي، ومجئ عثمان بعد عمر رضي الله عنهما، وخروج كبار الصحابة من المدينة، والعصبية الجاهلية، وتآمر الحاقدين، والتدبير المحكم لإشارة المآخذ ضد عثمان، واستخدام الوسائل والأساليب المهيجة للناس، وأثر السبئية في أحداث الفتنة وقد فصلت وشرحت تلك الأسباب في كتابي، تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان شخصيته وعصره.
ولقد استخدم أعداء الإسلام في فتنة مقتل عثمان الأساليب والوسائل المهيجة للناس، من إشاعة الأراجيف حيث ترددت كلمة الإشاعة والإذاعة كثيراً، والتحريض والمناظرة والمجادلة للخليفة أمام الناس والطعن في الولاة واستخدام تزوير الكتب واختلاقها على لسان الصحابة رضي الله عنهم، عائشة وعلي وطلحة والزبير، والإشاعة بأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الأحق بالخلافة وأنه الوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنظيم فرق في كل من البصرة والكوفة ومصر، أربع فرق من كل مصر مما يدل على التدبير المسبق، وأوهموا أهل المدينة أنهم ما جاءوا إلا بدعوة الصحابة، وصعدوا الأحداث حتى وصلت إلى القتل ، وإلى جوار هذه الوسائل، استخدموا مجموعة من الشعارات منها التكبير، ومنها أن جهادهم هذا ضد المظالم ومنها أنهم لا يقومون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها المطالبة باستبدال الولاة وعزلهم، ثم تطورت المطالبة إلى خلع عثمان، إلى أن تمادوا في جرأتهم وطالبوا بل سارعوا إلى مقتل الخليفة وخاصة حينما وصلهم الخبر بأن أهل الأمصار قادمون لنصرة الخليفة، فزادهم حماسهم المحموم لتضييق الخناق على الخليفة، والتشوق إلى قتله بأية وسيلة ، وكان التنظيم السبئي بقيادة عبد الله بن سبأ اليهودي خلف تلك الأحداث والتي بعدها كالجمل والصفين وغيرها وقد تحدثنا عن حقيقة عبد الله بن سبأ في كتابي عثمان بن عفان، وكتابي أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فمن أراد المزيد فليرجع إليهما ولقد تعرّضت في كتابي عثمان بن عفان للشبهات التي ألصقت بتاريخ عثمان رضي الله عنه وبينت كذبها وبطلانها، بالأدلة الدامغة والبراهين الساطعة، فقد كان عثمان رضي الله عنه بحق الخليفة المظلوم الذي افترى عليه خصومه الأوَّلون، ولم ينصفه المتأخِّرون.
- ـ موقف علي رضي الله عنه في بداية الفتنة:
استمر علي رضي الله عنه في طريقته المعهودة مع الخلفاء وهي السمع والطاعة والإدلاء بالمشورة والنصح، وقد عبر بنفسه عن مدى طاعته للخليفة عثمان وإلتزام أمره ولو كان شاقاً بقوله: لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت وأطعت ، وعندما نزل المتمردون في ذي المروة قبل مقتل عثمان بما يقارب شهراً ونصفاً، أرسل إليهم عثمان علياً ورجلاً آخر لم تسمه الروايات والتقى بهم علي رضي الله عنه فقال لهم: تعطون كتاب الله، وتعتبون من كل ما سخطتم، فوافقوا على ذلك ، وفي رواية أنهم شادُّوه وشادهم مرتين أو ثلاثاً، ثم قالوا: ابن عم رسول الله، ورسول أمير المؤمنين يعرض عليكم كتاب الله فقبلوا ، فاصطلحوا على خمس: على أن المنفى يقلب، والمحروم يعطى، ويوفر الفئ ويعدل في القسم ويستعمل ذو الأمانة والقوة، وكتبوا ذلك في كتاب، أن يرد ابن عامر على البصرة، وأن يبقى أبو موسى على الكوفة وهكذا اصطلح عثمان رضي الله عنه مع كل وفد على حدة ثم انصرفت الوفود إلى ديارها ، وبعد هذا الصلح وعودة أهل الأمصار جميعاً راضين تبين لمشعلي الفتنة أن خطتهم قد فشلت، وأن أهدافهم الدنيئة لم تتحقق، لذا خططوا تخطيطاً آخر يذكي الفتنة ويحييها يقتضي تدمير ما جرى من صلح بين أهل الأمصار، وعثمان رضي الله عنه وبرز ذلك فيما يلي: في أثناء طريق عودة أهل مصر، رأوا راكباً على جمل يتعرض لهم، ويفارقهم، فكأنه يقول: خذوني فقبضوا عليه، وقالوا له: ما لك؟ أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله فتحوا الكتاب، فإذا فيه أمر بصلبهم أو قتلهم أو تقطيع أيديهم وأرجلهم، فرجعوا إلى المدينة حتى وصلوها ، ونفى عثمان رضي الله عنه أن يكون كتب هذا الكتاب، وقال لهم: أنهما أثنتان: أن تقيموا رجلين من المسلمين أو يمين بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمللت، ولا علمت، وقد يكتب الكتاب على لسان الرجل وينقش الخاتم فلم يصدقوه ، وهو الصادق البار لغاية في نفوسهم، وهذا الكتاب الذي زعم هؤلاء المتمردون البغاة المنحرفون أنه من عثمان وعليه خاتمه يحمله غلامه على واحد من إبل الصدقة إلى عامله بمصر ابن أبي سرح، يأمر فيه بقتل هؤلاء الخارجين هو كتاب مزور مكذوب على لسان عثمان وذلك لعدة أمور منها : كيف علم العراقيون بالأمر وقد اتجهوا إلى بلادهم، وفصلتهم عن المصريين، الذين أمسكوا بالكتاب المزعوم ـ مسافة شاسعة، فالعراقيون في الشرق والمصريون في الغرب، ومع ذلك عادوا جميعاً في آن واحد، كأنما كانوا على ميعاد؟ لا يعقل هذا إلا إذا كان الذين زوَّروا الكتاب واستأجروا راكباً آخر انطلق إلى العراقيين ليخبرهم بأن المصريين قد اكتشفوا كتاباً بعث فيه عثمان لقتل المنحرفين المصريين، وهذا ما احتج به علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد قال: كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا ، بل أن علياً يجزم: هذا والله أمر أبرم بالمدينة .
إن هذا الكتاب المشؤوم ليس أول كتاب يزوِّره هؤلاء المجرمون، بل زوَّروا كتباً على لسان أمهات المؤمنين وكذلك على لسان علي وطلحة والزبير، فهذه عائشة رضي الله عنها تُتهم بأنها كتبت إلى الناس تأمرهم بالخروج على عثمان فتنفي وتقول: لا والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت لهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا ويعقب الأعمشي فيقول: فكانوا يرون أنه كتب على لسانها ، ويتهم الوافدون علياً بأنه كتب إليهم أن يقدموا عليه بالمدينة، فينكر ذلك عليهم ويقسم: والله ما كتبت إليكم كتاباً ، كما ينسب إلى الصحابة بكتابة الكتب إلى أهل الأمصار يأمرونهم بالقدوم إليهم فدين محمد قد فسد وترك، والجهاد في المدينة خير من الرباط في الثغور البعيدة ، ويعلق ابن كثير على هذا الخبر قائلاً: وهذا كذب على الصحابة، وإنما كتبت كتب مزورة عليهم، فقد كتب من جهة علي وطلحة والزبير إلى الخوارج ـ قتلة عثمان ـ كُتُبٌ مزورة عليهم أنكروها، وكذلك زوَّر هذا الكتاب على عثمان أيضاً، فإنه لم يأمر به، ولم يعلم به ، ويؤكد كلام ابن كثير ما رواه الطبري وخليفة من استنكار كبار الصحابة ـ علي وعائشة والزبير ـ أنفسهم لهذه الكتب في أصحَّ الروايات .
إن الأيدي المجرمة التي زوَّرت الرسائل الكاذبة على لسان أولئك الصحابة هي نفسها التي أوقدت نار الفتن من أولها إلى آخرها، ورتبت ذلك الفساد العريض، وهي التي زورت وروَّجت على عثمان تلك الأباطيل، وإنه فعل وفعل ولقنتها للناس، حتى قبلها الرعاع، ثم زوَّرت على لسان عثمان ذلك الكتاب، ليذهب عثمان ضحية إلى ربه شهيداً سعيداً ولم يكن عثمان الشهيد المجني عليه وحده في هذه المؤامرة السبئية اليهودية، بل الإسلام نفسه كان مجنياً عليه قبل ذلك، ثم التاريخ المشوَّه المحرَّف، والأجيال الإسلامية التي تلقت تاريخها مشوَّهاً هي كذلك ممن جنى عليهم الخبيث اليهودي وأعوانه من أصحاب المطامع والشهوات والحقد الدفين، أما آن للأجيال الإسلامية أن تعرف تاريخها الحق، وسير رجالاتها العظام؟ بل ألم يأن لمن يكتب في هذا العصر من المسلمين ـ أن يخاف الله ولا يتجرأ على تجريح الأبرياء قبل أن يحقق ويدقق حتى لا يسقط كما سقط غيره .
- موقف الحسن بن علي ووالده أثناء الحصار:
اشتد الحصار على عثمان رضي الله عنه، حتى منع من أن يحضر للصلاة في المسجد، وكان صابراً على هذه البلوى التي أصابته كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وكان مع إيمانه القوي بالقضاء والقدر، يحاول أن يجد حلاً لهذه المصيبة، فنراه تارة يخطب الناس عن حرمة دم المسلم، وإنه لا يحل سفكه إلا بحقه وتارة يتحدث في الناس ويظهر فضائله وخدماته الجليلة في الإسلام ويستشهد على ذلك ببقية العشرة رضوان الله عليهم ، وكأنه يقول، من هذا عمله وفضله هل من الممكن أن يطمع بالدنيا ويقدمها على الآخرة وهل يعقل يخون الأمانة ويعبث بأموال الأمة ودمائها وهو يعرف عاقبة، ذلك عند الله وهو الذي تربى على عين النبي صلى الله عليه وسلم والذي شهد له وزكاه وكذلك أفاضل الصحابة، ومتى بعد ما تجاوز السبعين وقارب الثمانين من عمره أهكذا تكون معاملته؟ واشتدت سيطرة المتمردون على المدينة حتى أنهم ليصلون بالناس في أغلب الأوقات ، وحينها أدرك الصحابة أن الأمر ليس كما حسبوا، وخشوا من حدوث ما لا يحمد عقباه، وقد بلغهم أن القوم يريدون قتله، فعرضوا عليه أن يدافعوا عنه، ويخرجوا الغوغاء عن المدينة، إلا أنه رفض أن يراق دم بسببه . وأرسل كبار الصحابة أبناءهم دون استشارة عثمان رضي الله عنه، ومن هؤلاء الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعبد الله بن الزبير، فقد كان عثمان يحب الحسن ويكرمه، فعندما وقعت الفتنة وحوصر عثمان رضي الله عنه أقسم على الحسن رضي الله عنه بالرجوع إلى منزله وذلك خشية عليه أن يصاب بمكروه ،وقد قال عثمان للحسن رضي الله عنه: أرجع يا ابن أخي حتى يأتي الله بأمره ،وقد صحت روايات أن الحسن حمل جريحاً من الدار يوم الدار ، كما جرح غير الحسن، عبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب ومروان بن الحكم، كما كان معهم الحسين بن علي وابن عمر رضي الله عنهما وقد كان علي من أدفع الناس عن عثمان رضي الله عنه وشهد له بذلك مروان بن الحكم كما أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن علياً أرسل إلى عثمان فقال: إن معي خمسمائة دارع، فأذن لي، فأمنعك من القوم فإنك لم تحدث شيئاً يستحل به دمك، فقال: جزيت خيراً، ما أحب أن يهراق دم في سببي ، وقد وردت روايات عديدة تفيد وقوفه بجانب عثمان رضي الله عنهما، أثناء الحصار فمن ذلك: أن الثائرين منعوا عن عثمان الماء حتى كاد أهله أن يموتوا عطشاً، فأرسل علي رضي الله عنه إليه بثلاث قرب مملؤة ماء فما كادت تصل إليه، وجرح بسبها عدة من موالي بني هاشم وبني أمية حتى وصلت ، ولقد تسارعت الأحداث فوثب الغوغاء على عثمان وقتلوه رضي الله عنه، وأرضاه، ووصل الخبر إلى الصحابة وأكثرهم في المسجد، فذهبت عقولهم، وقال على لأبنائه وأبناء أخيه كيف قتل عثمان وأنتم على الباب؟ ولطم الحسن، وكان قد جرح ، وضرب صدر الحسين، وشتم ابن الزبير وابن طلحة، وخرج غضبان إلى منزله ويقول: تباً لكم سائر الدهر، اللهم أني أبرأ إليكم من دمه أن يكون قتلت أو ما لأت على قتله، وهكذا كان موقف علي رضي الله عنه، نصح وشورى سمع وطاعة، ووقفة قوية بجانبه أثناء الفتنة، ومن أدفع الناس عنه، ولم يذكره بسوء قط، يحاول الإصلاح وسد الخرق بين الخليفة والخارجين عليه لكن الأمر فوق طاقته، وخارج إرادته، إنها إرادة الله عز وجل أن يفوز أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه بالشهادة ... ويبوء المفسدين بالإثم أن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنكر قتل عثمان، وتبرأ من دمه، وكان يقسم على ذلك في خطبه، وغيرها: إنه لم يقتله ولا أمر بقتله، ولا مالأ عليه، ولا رضي، وقد ثبت ذلك عنه بطرق تفيد القطع ، خلافاً لما تزعمه الرافضة من أنه كان راضياً بقتل عثمان رضي الله عنهما ، وقال الحاكم بعد ذكر بعض الأخبار الواردة في مقتله رضي الله عنه: فأما الذي ادعته المبتدعة من معونة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فإنه كذب، وزور، فقد تواترت الأخبار بخلافه . وقال ابن تيميه: وهذا كله كذب على علي رضي الله عنه، وافتراء عليه، فعلي رضي الله عنه لم يشارك في دم عثمان رضي الله عنه ولا أمر ولا رضي، وقد روي عنه ذلك، وهو الصادق البار ، وقد قال علي رضي الله عنه: اللهم أني أبرأ إليك من دم عثمان . وقد شوهت بعض كتب التاريخ مواقف الصحابة من فتنة مقتل عثمان، وذلك بسبب الروايات الرافضية التي ذكرها كثير من المؤرخين والمتتبع لأحداث الفتنة في تاريخ الإمام الطبري، وكتب التاريخ الأخرى من خلال روايات أبي مخنف، والواقدي، وابن أعثم، وغيرها من الأخبار يبين ويشعر أن الصحابة هم الذين كانوا يحركون المؤامرة، ويثيرون الفتنة، فأبي مخنف ذو الميول الشيعية لا يتورع في اتهام عثمان بأنه الخليفة الذي كثرت سقطاته، فاستحق ما استحق، ويظهر طلحة في مروياته كواحد من الثائرين على عثمان، والمؤلبين ضده، ولا تختلف روايات الواقدي عن رويات أبي مخنف، وقد كثرت الروايات الرافضية التي تتهم الصحابة بالتآمر ضد عثمان رضي الله عنه وأنهم هم الذين حركوا الفتنة، وأثاروا الناس، وهذا كله كذب وزور ، وخلافاً للروايات الرافضية والموضوعة والضعيفة فقد حفظت لنا كتب المحدثين بحمد الله الروايات الصحيحة التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان، والمنافحين عنه والمتبرأين من قتله، والمطالبين بدمه بعد مقتله وبذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة، أو إثارتها ، إن الصحابة جميعاً رضي الله عنهم أبرياء من دم عثمان رضي الله عنه ومن قال خلاف ذلك، فكلامه باطل لا يستطيع أن يقيم عليه أي دليل ينهض إلى مرتبة الصحة، ولذلك أخرج خليفة في تاريخه عن عبد الأعلى بن الهيثم، عن أبيه، قال: قلت للحسن: أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين، والأنصار؟ قال: لا، كانوا أعلاجاً ، من أهل مصر. وقال الإمام النَّووي،: ولم يشارك في قتله أحد من الصحابة، وإنما قتله همج، ورعاع من غوغاء القبائل سفلة الأطراف والأراذل، تحزَّبوا، وقصدوه من مصر، فعجزت الصَّحابة الحاضرون عن دفعهم، فحصروه حتَّى قتل، رضي الله عنه ، وقد وصفهم الزبير رضي الله عنه بأنهم غوغاء من الأمصار، ووصفتهم السيَّدة عائشة بأنَّهم نزَّاع القبائل ، ووصفهم ابن تيميه بأنهم خوارج مفسدون وضالون، باغون معتدون ، ووصفهم الذهبيُّ بأنهم رؤوس شرِّ، وجفاء ، ووصفهم ابن العماد الحنبليُّ في الشذرات بأنَّهم أراذل من أوباش القبائل ، ويشهد على هذا الوصف تصرُّف هؤلاء الرُّعاع منذ الحصار إلى قتل الخليفة رضي الله عنه ظلماً، وعدواناً فكيف يمنع الماء عنه، والطّعام، وهو الذي طالما دفع من ماله الخاص ما يروي ظمأ المسلمين بالمجّان ، وهو الذي يساهم بأموال كثيرة عندما يلمُّ بالناس مجاعة، أو مكروه وهو الدائم العطاء عندما يصيب النَّاس ضائقة، أو شدَّة من الشدائد ، حتى أنَّ علياً رضي الله عنه يصف هذا الحال، وهو يؤنب المحاصرين بقوله: يا أيُّها الناس: إن الذي تفعلونه لا يشبه أمر المؤمنين، ولا أمر الكافرين، فلا تمنعوا عن هذا الرّجل الماء، ولا المادة ـ الطعام ـ فإن الرُّوم، وفارس لتأسر، وتطعم، وتسقي ، لقد صحَّت الأخبار، وأكَّدت حوادث التاريخ على براءة الصَّحابة من التَّحريض على عثمان أو المشاركة في الفتنة ضدّه ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى كتابي تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان .
يمكنكم تحميل كتاب: خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين
الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - شخصيته وعصره
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد محمد الصلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book06.pdf