الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

تأملات في الآية الكريمة {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 275

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1444ه/ ماي 2023م

 

هنا الأفئدة جمع فؤاد، وهو القلب، فكأنه أراد أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة، والمقصود من هذا الدعاء تأنيس مكانهم بتردد الزائرين وقضاء حوائجهم منهم، ومحبة الناس إياهم يحصل معها محبة البلد وتكرير زيارته، وذلك سبب لاستئناسهم به ورغبتهم في إقامة شعائره، فيؤول إلى الدعوة إلى الدين.(1)

وقال السعدي في تفسير الآية: أي تحبهم وتحب الموضع الذي هم ساكنون فيه، فأجاب الله دعاءه، فأخرج من ذرية إسماعيل محمد صلّى الله عليه وسلّم حتى دعا ذريته إلى الدين الإسلامي وإلى ملّة أبيهم إبراهيم عليه السّلام، فاستجابوا له وصاروا مقيمي الصلاة، وافترض الله حجّ هذا البيت الذي أسكن به ذريته إبراهيم، وجعل فيه سراً عجيباً جاذباً للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطراً على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه، ازداد شوقه وعظم ولعُه وتوقه، وهذا سرّ إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة.(2)

وفي قوله: {مِنَ النَّاسِ}، من للتبعيض؛ لأنه لو قال "فاجعل أفئدة الناس" لانهال عليهم المسلمون من كل صوب حتى يعجز المكان عن استيعابهم، وفي الآية بشرى عمارة الحرم المكي وجعله آمناً، وانتشار الاسلام بين جميع أجناس الأرض {مِنَ النَّاسِ} وهو ما تحقق بالفعل.(3)

وفي التعبير بقوله تعالى: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} رقة ورفرفة، تصور القلوب رفافة مجنحة، وهي تهوي إلى ذلك البيت وأهله في ذلك الوادي الجديب، إنه تعبير نديّ يندى له الجدب برقّة القلوب.(4)

وقيل عن "الأفئدة" جمع وفد، أي واجعل وفوداً من الناس تحن إليهم، وإلى زيارة البيت، فاستجاب الله دعاءه وأنبت لهم بالطائف سائر الأشجار بوما يجلب إليهم من الأمصار.(5)

 

مراجع الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائتين:

(1) منهج الدعوة إلى العقيدة في ضوء القصص القرآني، منى عبد الله بن داود، ص95.

(2) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص853.

(3) من آيات الإعجاز الإنبائي والتاريخي، د. زغلول النجار، (1/352).

(4) في ظلال القرآن، سيد قطب، (4/2110).

(5) تفسير القرطبي "الجامع لأحكام القرآن"، القرطبي، (9/373).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022