الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

تأملات في الآية الكريمة {رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 274

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شوال 1444ه/ أبريل 2023م

 

وهذا متعلق بأسكنت، اللام للتعليل، أي أسكنتهم لأجل إقامة الصلاة فيه، وأن يعمروا بصلاتهم، لا ليستمر خراباً من العبادة خالياً من الناس، فلا تنتهي إلى الغاية التي أمر بإنشائه من أجله، وفي هذا إشارة إلى أن المشركين من ذرية إبراهيم - عليه السّلام - قد انحرفوا به عن غايته عندما أحاطوه بالأوثان التي هدمها النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة في العام الثامن من الهجرة على صاحبها أفضل السلام وأتم التسليم.(1)

وفي قوله تعالى: {لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} طلب إبراهيم - عليه السّلام - من الله تعالى أولاً أن يعينهم على الطاعة ويرزقهم الاستقامة ويوفقهم إلى الصلاة والذكر والعبادة.(2)

ويكون قصد إبراهيم - عليه السّلام - في هذا الدعاء بأن يوفقهما للصلاة، أي يديمهما على إقامتها، ولعله أراد من الله تعالى أن يُلهم أبناءه وأحفاده ومن جاء بعدهم من ذريته إقامة الصلاة منذ نعومة أظفارهم، فلا يتكاسلوا ويتراخوا في أدائها؛(3) لأنَّ إقامة الصّلاة من أخصِّ وأفضل العبادات الدينية، فمن أقامها كان مقيماً لدينه.(4)

قال القرطبي: تضمن هذه الآية أنَّ الصلاة بمكة أفضل من الصلاة بغيرها.(5)

وهذا ما دلَّ عليه الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: صلاةٌ في مَسْجِدِي أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فِيما سِواهُ إلا المسجِدَ الحرامَ، وصلاةٌ في المسْجِدِ الحرامِ أفضلُ من مِائةِ ألفِ صلاةٍ فِيما سِواهُ .(6)

ومن حديث جابر رضي الله عنه مرفوعاً: وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه.(7)

ومن حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعاً: الصلاة في المسجد الحرام بمئة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة.(8)

وتكرر نداء {رَبَّنَا} وتوسيطه لإظهار كمال عنايته بإقامة الصلاة، فإنها عماد الدين، ولذا خصّها بالذكر من بين سائر شعائره. (9)

 

مراجع الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائتين:

(1) المرجع نفسه، (8/4039).

(2) وقفات في حياة الأنبياء عليهم السّلام، الشيخ خالد عبد العليم، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، ط1، 2004م، ص77.

(3) دعاء الأنبياء والرسل، محمد محمود أحمد وموسى الخطيب، ص100.

(4) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص852.

(5) تفسير القرطبي "الجامع لأحكام القرآن"، القرطبي، (9/371).

(6) صحيح الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير، الألباني، رقم (3838).

(7) سنن ابن ماجه، رقم (1406).

(8) فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، (3/302).روى البزار إسناده حسن.

(9) التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم، (4/329).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022