الخميس

1446-03-16

|

2024-9-19

من فضائل خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام)

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 293

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذي القعدة 1444ه/ مايو 2023م


1. الصّبر:
كان الصّبر من ملامح شخصية إبراهيم عليه السّلام، بل من الصفات البارزة فيه؛ لأنه نفذ جميع الأوامر التي كلفه الله بها واستحق شهادة ربه {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}، وقد نجح في جميع الابتلاءات التي أصابته؛ ليرتقي بها إلى أعلى الدرجات عند الله تعالى وعند الناس، فنال مرتبة الخلة عند الله ونال مرتبة الإمامة عند الناس، فجمع خير الدنيا وخير الآخرة، وجمع محبة الله ومحبة الناس، وهكذا كان الصبر من ملامح شخصية إبراهيم عليه السلام.(1)
2. الشجاعة:
من ملامح شخصية إبراهيم - عليه السّلام- الشجاعة التي كانت من ثمار إيمانه بالله وتوحيده، وإفراده بالعبادة ويقينه بأن النافع والضارّ هو الله وحده سبحانه وتعالى، والشجاعة والصبر قرينان لا ينفصلان.
وإن قمة الشجاعة في إبراهيم - عليه السّلام- عندما أقدم على عملية تحطيم الأصنام؛ لأن هذه العملية الجريئة كلفته نفسه، والجود بالنفس أعلى مراتب الشجاعة، وموقفه أثناء المحاكمة بعد تحطيم الأصنام كان ثابت الجأش كالطود الشامخ، يحاور قومه بكل عزة وشجاعة، وعندما نفذوا فيه حكم الإعدام بإلقائه في النار العظيمة، بقي ثابتاً على موقفه حتى بعد نجاته من النار زادت شجاعته وتحدّيه للباطل، وأعلن براءته من جميع الأصنام ومن جميع الكفار، وأعلن مقاضاته لقومه والهجرة في سبيل الله، وهذه شجاعة ما بعدها شجاعة.
وإبراهيم عليه السلام من أصحاب الدعوات الخالدة في تاريخ الإنسانية، ومن الذين لا يخشون في الله لومة لائم، وقد جمع الشجاعة من جميع أطرافها، فهو شجاع قوي الإيمان وقوي في المواقف الداعمة لدعوة التوحيد وإفراد الخالق العظيم بالعبادة.(2)
3. التّضحية:
كان إبراهيم عليه السلام - عليه السّلام- من أكثر الأنبياء والمرسلين تضحية في سبيل الله بدليل أن الله قد جعله إماماً للناس بعد أن قدّم من التضحيات ما قدّم، فما نال رتبة الإمامة للناس إلا بالجهد والعرق والتعب والمعاناة.
والناس لا يعطون قيادة لأي إنسان إلا من حاز علي ثقتهم وكان كبيراً في أعينهم ووجدوا فيه من المؤهلات ما تجعله سيداً عليهم، وإبراهيم - عليه السّلام - حصل على هذه المرتبة العليا عن جدارة واستحقاق بدليل الشهادة التي أعطاها لإبراهيم {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}.
إنَّ إبراهيم - عليه السّلام- ضحّى بكل شيء في سبيل الله ودعوة التوحيد، وهذا ليس غريباً على من سنّ الأضحية للمسلمين يوم عيد الأضحى، وهكذا كانت التضحية من معالم شخصية إبراهيم عليه السلام.(3)
4. الملك العظيم في ذريته:
قال تعالى: {فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} ]النساء:54[، وذلك ما أنعم الله به على إبراهيم وذريته من النبوة والكتاب والملك الذي أعطاه من أعطاه من أنبيائه، كداود وسليمان عليهما السلام.(4)
وقد بيّنت الآية الكريمة - وهي ضمن خطاب كامل متوجهاً إلى أهل الكتاب - أن الله تعالى آتى آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتاهم مُلكاً عظيماً، ذلك هو الإرث الإبراهيمي الشريف والمُلك العظيم، فهو الإرث الروحي والحضاري للإسلام ورسالته فوق الأرض.(5)
5. الاختتان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النبيُّ عليه السَّلَامُ، وَهو ابنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بالقَدُومِ.(6)
فإبراهيم عليه السلام أوّل من سن الاختتان ولا يخفى ما يتطلبه امتثال أمر ربه هذا من جرأة ورجولة، إذ ليس سهلاً على المرء خاصة وقد بلغ الثمانين أن يقطع بيده جزءاً من جسمه فيبين منه ويسيل دمه وهو ينظر، وقد تألم إبراهيم - عليه السّلام- من هذا دون شكّ، ولكنه صبر ابتغاء مرضات الله عزّ وجل.(7)
هذه بعض خصائص وفضائل وصفات إبراهيم عليه السلام التي تحدّث عنها العلماء من خلال سيرته ومسيرته العظيمة التي حفظها الله، القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة، لتعطي لنا صورة واضحة المعالم في شخصيته وأخلاقه الفريدة عليه السلام.
وهذه الخصائص فيض من غيض، وهذه الفضائل جزء من كل، وهذه الصفات معالم راشدة، ومصابيح خالدة في دياجير الظلام من سيرته النورانية ومسيرته الربانية.

مراجع الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائتين:
(1) قصة إبراهيم في القرآن الكريم، إسحاق محمد حمدان البدارين، ص176.
(2) المرجع نفسه، ص178.
(3) قصة إبراهيم في القرآن الكريم، إسحاق محمد حمدان البدارين، ص179.
(4) تفسير السعدي "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان"، ص315.
(5) درب إبراهيم عليه السلام، سعيد الشبلي، ص323.
(6) القدوم: قيل: آلة النجار، وقيل: مكان بالشام، فالقدوم مكان بالشام ففيه التخفيف، فمن رواه بالتشديد أراد القرية، ومن رواه بالتخفيف يحتمل القرية والآلة والأكثرون على التخفيف وعلى إرادة الآلة. صحيح البخاري، رقم (3356)؛ صحيح مسلم، رقم (2370).
(7) فقه دعوة الأنبياء في القرآن الكريم، أحمد البراء الأميري، ص253.


يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022