الجمعة

1446-04-15

|

2024-10-18

عيسى عليه السلام يبشر برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم

من كتاب المسيح ابن مريم عليه السلام : الحقيقة الكاملة

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

جمادى الآخرة 1442 ه/ يناير 2021

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأخبر الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل بهذه الحقيقة، وأخذ عليهم الميثاق والعهد أن يؤمنوا به.
- قال تعالى:﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾(آل عمران: 81-82).
وقد بيّن سبحانه وتعالى واحدة الشرائع السماوية، وأنها يكمِّل بعضها بعضاً، وأنها كالقصر المشيد، كل لبنةٍ منه جزء من كيانه، وهو جماع لبناته وأركانه وأشكاله، وأكّد سبحانه تلك الوحدة ببيان ميثاق الله على الأنبياء، وأن الله سبحانه أخذ عليهم ليصدِّق بعضهم بعضاً ... وكل نبيٍّ متمِّم ما بدأ به النبي الذي سبقه، أو بالأحرى يؤكد ما جاء به ويوثِّقه ويقويه حتى ختم الله أنبياءه بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فكان خاتم النبيين، ولذلك كان حقاً على كل نبيٍّ أن يصدِّق ويؤمن بما يجيء به النبي الذي بعده، والذي أعلمه الله به، وإذا كان حقاً على النبي المبعوث أن يؤمن بمن سبقه ومن يجيئون بعده ممن أخبره الله تعالى: بمجيئهم، فإنه بلا ريب حق على الذين يتَّبعونه أن يصدِّقوا ذلك النبي الذي يجيء بعده، لأنهم يتبعونه في كل ما يؤمن به، فحقَّ على اليهود والنصارى بمقتضى العهد الذي أخذه الله على النبيين، وبمقتضى إيمان هؤلاء النبيين، وتنفيذاً لهذا العهد، أن يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وإلا لما كانوا متَّبِعين لموسى وعيسى عليهما السلام، إنما يكونون متبعين لأهوائهم وشهواتهم، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه جابر: )لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حلَّ له إلا أن يتَّبعني).
وقد بشّر الأنبياء السابقون بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء الأنبياء المبشِّرين بالنبي القادم، النبي إبراهيم عليه السلام حيث دعا﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾(البقرة:129).
وكانت البشارة بشكل أخصّ على لسان موسى وعيسى -عليهما السلام -، كما ذكر الله بعض صفات النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم في التوراة وفي الإنجيل وهذا معناه أن اليهود والنصارى كانوا يعرفون من هذه البشارات أن الله سيبعث النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ولكن لما بعث الله محمداً رسولاً صلى الله عليه وسلم كفروا به وكذبوه. قال تعالى:﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾(البقرة:146).
فلو لم تكن أوصافه باقية لما أمكنهم أن يعرفوه كما يعرفون أبنائهم، فهو إذاً مكتوب عندهم قطعاً رغم تحريف اليهود والنصارى النصوص الدالّة عليه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:﴿ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾(الإسراء:107-109).
وقوله تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا) أي يا أهل الكتاب، (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) أي علماء أهل الكتاب، (إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا) أي أن الله عز وجل قد وعدنا بإرساله رسولاً وكتاباً، وفعل كما وعد، فهل يا ترى أن هؤلاء عادوا إلى أديرتهم وكنائسهم يرسمون شارة الصليب على صدورهم.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022