الأحد

1446-06-21

|

2024-12-22

يحب الجمال صلى الله عليه وسلم(2)

الحلقة السابعة والخمسون من كتاب

مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)

جمادى الأولى 1443 هــ / ديسمبر 2021

- الشريعة والجمال:

الجانب الآخر في الحديث: هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ».

فليس الحديث مداره على انتقاد عناية الإنسان بالشكل، بل العكس، فالإسلام جاء ليهتم بهذا الجانب؛ لأن الجمال منزلة عظيمة في الإسلام، فقد علَّم الإسلام أهله قولًا وفعلًا أن يعتنوا بالمظهر وبالجمال، وكم من النصوص والأدلة والتعليمات الشرعية والأوامر التي تهتم بجانب الجمال في الإنسان: في مظهره، وثيابه، وشعره، الجمال في شكله، وفي قوله، وفي فعله.

إن الجمال ليس مظهرًا فقط، ومع ذلك فقد اعتنى الإسلام بالمظهر؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ». فالله إذا وسع عليك فالبس الأشياء الجميلة؛ لأنها ليست حكرًا على أحد، والإسلام ليس عدوًّا لهذه الأشياء، بل إنه يطلبها من أصحابه.

إن الإسلام يطلب من أصحابه بالأمر الشرعي الديني التعبدي لله سبحانه وتعالى أن يحرصوا على غسل أبدانهم وتنظيفها للمناسبات والتجمعات، فغسل الجمعة يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمْعَةِ عَلَى كُلِّ مُحـْتَلِمٍ وَسِوَاكٍ وَيَـمَسُّ مِنْ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ». وذلك لأن الناس سوف يجتمعون، فيأمرهم بالاغتسال وتنظيف أبدانهم وتطييبها.

وهكذا لبس الملابس الجميلة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس يوم الجمعة وللوفود لباسًا خاصًّا، ويوصي أصحابه بذلك.

إن كثيرًا من المسلمين يغفلون عن معنى ضرورة العناية بالجمال في ملابسهم وشعورهم، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم شعر يسرِّحه ويدهنه، وكذا شعر لحيته كان يتعاهده صلى الله عليه وسلم؛ حتى تبدو من أجمل ما يكون، والعلماء متفقون على إزالة ما تطاير من شعر اللحية وزاد وأصبح منظره مشوِّهًا للإنسان، وقد ثبت هذا عن بعض الصحابة؛ كأبي هريرة وابن عمر، وعن التابعين كسعيد بن المسيب، وعن الأئمة؛ كأحمد، والشافعي، ومالك، وأبي حنيفة وجميع الأئمة.

- العناية بالنظافة:

وهكذا فالعناية بالنظافة أمر مطلوب في الإسلام فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في خصال الفطرة: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». فهذه كلها أشياء مطلوبة.

والنبي صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بالخروج إلى المساجد في الصلوات، ونهى أصحابه عن منعهن، وأمر ألَّا تتطيب المرأة؛ لأن خروجها للصلاة خروج مصلحة لغرض وحاجة، وليس بقصد الإثارة أو الفتنة، أو لفت نظر الآخرين، لكن لا يلزم من الأمر بعدم التطيب أن تخرج المرأة وهي ذات رائحة سيئة؛ بل مطلوب منها النظافة والستر في الملبس، وهذا قدر مطلوب من الجميع، فلا تكون روائحهم كريهة ولا تكون مظاهرهم سيئة أيضًا.

ولقد جاءت الأحاديث في النهي عن ثوب الشهرة، فقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا».

فالمبالغة في اللباس الذي يكون فيه فرط اهتمام غير عادي يجعل الناس كلهم ينظرون إلى الإنسان بشكله وملبسه الخارج عن المألوف والمعهود، فهذا منهي عنه، وقد يكون ثوب الشهرة رديئًا جدًّا أكثر من المألوف، حتى يلتفت الناس وينظرون ماذا يلبس هذا الإنسان؟

رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم

http://alsallabi.com/books/view/506

كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي

http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022